للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذْ التَّنَاقُضُ فِي النَّسَبِ عَفْوٌ وَلَوْ ادَّعَى بُنُوَّةَ الْعَمِّ لَمْ يَصِحَّ مَا لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ الْجَدِّ وَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنِّي ابْنُهُ تُقْبَلُ لِثُبُوتِ النَّسَبِ بِإِقْرَارِهِ وَلَا تُسْمَعُ إلَّا عَلَى خَصْمٍ هُوَ وَارِثٌ أَوْ دَائِنٌ أَوْ مَدْيُونٌ أَوْ مُوصًى لَهُ وَلَوْ أَحْضَرَ رَجُلًا لِيَدَّعِيَ عَلَيْهِ حَقًّا لِأَبِيهِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ أَوَّلًا فَلَهُ إثْبَاتُ نَسَبِهِ بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْقَاضِي بِحَضْرَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَلَوْ ادَّعَى إرْثًا عَنْ أَبِيهِ فَلَوْ أَقَرَّ بِهِ أُمِرَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْأَبِ حَتَّى لَوْ جَاءَ حَيًّا يَأْخُذُهُ مِنْ الدَّافِعِ، وَالدَّافِعُ عَلَى الِابْنِ، وَلَوْ أَنْكَرَ قِيلَ لِلِابْنِ بَرْهِنْ عَلَى مَوْتِ أَبِيكَ وَأَنَّك وَارِثُهُ، وَلَا يَمِينَ وَالصَّحِيحُ تَحْلِيفُهُ عَلَى الْعِلْمِ بِأَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ وَأَنَّهُ مَاتَ ثُمَّ يُكَلَّفُ الِابْنُ بِالْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ وَتَمَامُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ

(وَلَوْ كَانَ) الصَّبِيُّ (مَعَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ فَقَالَ الْمُسْلِمُ: هُوَ عَبْدِي، وَقَالَ الْكَافِرُ: هُوَ ابْنِي فَهُوَ حُرٌّ ابْنُ الْكَافِرِ) لِنَيْلِهِ الْحُرِّيَّةَ حَالًا وَالْإِسْلَامَ مَآلًا لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الْكَمَالِ بِأَنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَعَزَاهُ لِلتُّحْفَةِ فَلْيُحْفَظْ

(قَالَ زَوْجُ امْرَأَةٍ لِصَبِيٍّ مَعَهُمَا هُوَ ابْنِي مِنْ غَيْرِهَا

ــ

[رد المحتار]

قَالَ فِي الْهَامِشِ: وَهُوَ عَدَمُ السَّهْوِ وَنَصُّهُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ اللَّفْظَةَ الثَّالِثَةَ وَهِيَ قَوْلُهُ: هُوَ مِنِّي صَحَّ، لَيْسَ لَهُ فَائِدَةٌ فِي ثُبُوتِ صِحَّةِ النَّسَبِ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِهِ أَوَّلًا لَا يَنْتَفِي بِالنَّفْيِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِقْرَارِ بِهِ بَعْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: إذْ التَّنَاقُضُ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الدُّرَرِ فِي فَصْلِ الِاسْتِشْرَاءِ فَوَائِدَ جَمَّةً فَرَاجِعْهَا (قَوْلُهُ: اسْمَ الْجَدِّ) بِخِلَافِ الْإِخْوَةِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ بِلَا ذِكْرِ الْجَدِّ كَمَا فِي الدُّرَرِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ دَعْوَى الْأُخُوَّةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ لَا تُسْمَعُ مَا لَمْ يَدَّعِ قَبْلَهُ مَالًا. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبَوَيْهِ فَجَحَدَ: فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُهُ أَلَكَ قِبَلَهُ مِيرَاثٌ تَدَّعِيهِ أَوْ نَفَقَةٌ أَوْ حَقٌّ مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي لَا يُقْدَرُ عَلَى أَخْذِهَا إلَّا بِإِثْبَاتِ النَّسَبِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ يَقْبَلُ الْقَاضِي بَيِّنَتَهُ عَلَى إثْبَاتِ النَّسَبِ، وَإِلَّا فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَدَّعِ مَالًا لَمْ يَدَّعِ حَقًّا لِأَنَّ الْأُخُوَّةَ الْمُجَاوَرَةُ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ فِي الصُّلْبِ أَوْ الرَّحِمِ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَبُوهُ، وَأَنْكَرَ فَأَثْبَتَهُ يُقْبَلُ، وَكَذَا عَكْسُهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ قِبَلَهُ حَقًّا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ صَحَّ فَيَنْتَصِبُ خَصْمًا، وَهَذَا لِأَنَّهُ يَدَّعِي حَقًّا فَإِنَّ الِابْنَ يَدَّعِي حَقَّ الِانْتِسَابِ إلَيْهِ، وَالْأَبُ يَدَّعِي وُجُوبَ الِانْتِسَابِ إلَى نَفْسِهِ شَرْعًا، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ انْتَسَبَ إلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ انْتَمَى إلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» اهـ مُلَخَّصًا وَتَمَامُهُ فِيهَا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ أَنِّي ابْنُهُ) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا قَدَّمَهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَلَا تُسْمَعُ) أَيْ بَيِّنَةُ الْإِرْثِ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ دَائِنٌ) اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ، وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يَدَّعِيَ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَيَنْصِبَ لَهُ الْقَاضِي مَنْ يُثْبِتُ فِي وَجْهِهِ دَيْنَهُ، فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ خَصْمًا لِمُدَّعِي الْإِرْثِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الْمُوصَى لَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ مُوصَى لَهُ) أَوْ الْوَصِيُّ بَزَّازِيَّةٌ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَقَرَّ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: بِهِ أَيْ بِالْبُنُوَّةِ وَبِالْمَوْرُوثِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَنْكَرَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ الْمُنْكِرِ (قَوْلُهُ عَلَى الْعِلْمِ) أَيْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِأَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ إلَخْ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ تَحْلِيفَهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِابْنِ فُلَانٍ إنَّمَا هُوَ إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي الْمَوْتَ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي تَحْلِيفِهِ إلَّا عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمَوْتِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْمَالِ الَّذِي أَنْكَرَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ) صَوَابُهُ الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ كَذَا فِي الْهَامِشِ

(قَوْلُهُ وَقَالَ الْكَافِرُ هُوَ ابْنِي) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى وَهَذَا إذَا ادَّعَيَاهُ مَعًا فَلَوْ سَبَقَ دَعْوَى الْمُسْلِمِ كَانَ عَبْدًا لَهُ وَلَوْ ادَّعَيَا الْبُنُوَّةَ كَانَ ابْنًا لِلْمُسْلِمِ؛ إذْ الْقَضَاءُ بِنَسَبِهِ مِنْ الْمُسْلِمِ قَضَاءٌ بِإِسْلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَالْإِسْلَامَ مَآلًا) لِظُهُورِ دَلَائِلِ التَّوْحِيدِ لِكُلِّ عَاقِلٍ، وَفِي الْعَكْسِ يَثْبُتُ الْإِسْلَامُ تَبَعًا وَلَا يَحْصُلُ لَهُ الْحُرِّيَّةُ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ تَحْصِيلِهَا دُرَرٌ (قَوْلُهُ لَكِنْ جَزَمَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِلدَّارِ مَعَ وُجُودِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ ح.

قُلْت: يُخَالِفُهُ مَا ذَكَرُوا فِي اللَّقِيطِ لَوْ ادَّعَاهُ ذِمِّيٌّ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِلدَّارِ وَقَدَّمْنَاهُ فِي كِتَابِهِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا) أَيْ وَابْنًا لِلْكَافِرِ

(قَوْلُهُ مَعَهُمَا) أَيْ فِي يَدِهِمَا اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِ الزَّوْجِ أَوْ يَدِ الْمَرْأَةِ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ فِيهِمَا، وَقُيِّدَ بِإِسْنَادِ كُلٍّ مِنْهُمَا الْوَلَدَ إلَى غَيْرِ صَاحِبِهِ لِمَا فِيهَا أَيْضًا عَنْ الْمُنْتَقَى صَبِيٌّ فِي يَدِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ قَالَتْ الْمَرْأَةُ: هَذَا ابْنِي مِنْ هَذَا الرَّجُلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>