للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ ادَّعَى) الْمُقِرُّ (أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي الْإِقْرَارِ يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يَكُنْ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ) عِنْدَ الثَّانِي وَبِهِ يُفْتَى دُرَرٌ (وَكَذَا) الْحُكْمُ يَجْرِي (لَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُقِرِّ) فَيَحْلِفُ (وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى وَرَثَةِ الْمُقَرِّ لَهُ فَالْيَمِينُ عَلَيْهِمْ) بِالْعِلْمِ أَنَّا لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا صَدْرُ الشَّرِيعَةِ.

ــ

[رد المحتار]

فِي آخِرِ الْكَنْزِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ادَّعَى) ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْكَنْزِ فِي شَتَّى الْفَرَائِضِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُفْتَى) وَهُوَ الْمُخْتَارُ بَزَّازِيَّةٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا ادَّعَى الْإِقْرَارَ كَاذِبًا يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ، أَوْ وَارِثُهُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ مُضْطَرًّا إلَى الْكَذِبِ فِي الْإِقْرَارِ أَوْ لَا. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا سَيَأْتِي فِي مَسَائِلَ شَتَّى قُبَيْلَ كِتَابِ الصُّلْحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَقَرَّ بِمَالٍ فِي صَكٍّ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ بَعْضَ هَذَا الْمَالِ الْمُقَرِّ بِهِ قَرْضٌ، وَبَعْضَهُ رِبًا إلَخْ حَيْثُ نَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُفْتَى بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: مِنْ أَنَّهُ يَحْلِفُ لَهُ أَنَّ الْمُقِرَّ مَا أَقَرَّ كَاذِبًا فِي صُورَةٍ يُوجَدُ فِيهَا اضْطِرَارُ الْمُقِرِّ إلَى الْكَذِبِ فِي الْإِقْرَارِ كَالصُّورَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ وَنَحْوِهَا، كَذَا فِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٍ لِلشَّيْخِ مُحَمَّدٍ أَبِي السُّعُودِ الْمِصْرِيِّ، وَفِي أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْحَمْلُ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ هُنَاكَ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ فَقَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الرُّجُوعِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ مُطْلَقًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَبِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ) أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ لَا يَحْلِفُ بَزَّازِيَّةٌ وَالْأَصَحُّ التَّحْلِيفُ حَامِدِيَّةٌ عَنْ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: أَقَرَّ فَمَاتَ فَقَالَ وَرَثَتُهُ: إنَّهُ أَقَرَّ كَاذِبًا فَلَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ وَالْمُقَرُّ لَهُ عَالِمٌ بِهِ لَيْسَ لَهُمْ تَحْلِيفُهُ؛ إذْ وَقْتَ الْإِقْرَارِ لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهُمْ بِمَالِ الْمُقِرِّ فَصَحَّ الْإِقْرَارُ وَحَيْثُ تَعَلَّقَ حَقُّهُمْ صَارَ حَقًّا لِلْمُقَرِّ لَهُ ص.

أَقَرَّ وَمَاتَ فَقَالَ وَرَثَتُهُ: إنَّهُ أَقَرَّ تَلْجِئَةً حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ بِاَللَّهِ لَقَدْ أَقَرَّ لَك إقْرَارًا صَحِيحًا ط.

وَارِثٌ ادَّعَى أَنَّ مُوَرِّثَهُ أَقَرَّ تَلْجِئَةً قَالَ بَعْضُهُمْ: لَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَقَرَّ كَاذِبًا لَا يُقْبَلُ قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ يَقُولُ الْحَقِيرُ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَّحِدَ حُكْمُ الْمَسْأَلَتَيْنِ ظَاهِرًا؛ إذْ الْإِقْرَارُ كَاذِبًا مَوْجُودٌ فِي التَّلْجِئَةِ أَيْضًا، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ هُوَ أَنَّ التَّلْجِئَةَ أَنْ يُظْهِرَ أَحَدُ شَخْصَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا فِي الْعَلَنِ خِلَافَ مَا تَوَاضَعَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ فَفِي دَعْوَى التَّلْجِئَةِ يَدَّعِي الْوَارِثُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ فِعْلًا لَهُ وَهُوَ تَوَاضُعُهُ مَعَ الْمُقِرِّ فِي السِّرِّ، فَلِذَا يَحْلِفُ بِخِلَافِ دَعْوَى الْإِقْرَارِ كَاذِبًا كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ أُوتِيَ فَهْمًا صَافِيًا اهـ مِنْ أَوَاخِرِ الْفَصْلِ الْخَامِسَ عَشَرَ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ دَعْوَى الْإِقْرَارِ كَاذِبًا إنَّمَا تُسْمَعُ إذَا لَمْ يَكُنْ إبْرَاءً عَامًّا فَلَوْ كَانَ لَا تُسْمَعُ لَكِنْ لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ نُجَيْمٍ رِسَالَةٌ فِي:

امْرَأَةٍ أَقَرَّتْ فِي صِحَّتِهَا لِبِنْتِهَا فُلَانَةَ بِمَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَهُمَا تَبَارُؤٌ عَامٌّ ثُمَّ مَاتَتْ فَادَّعَى الْوَصِيُّ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ، فَأَفْتَى بِسَمَاعِ دَعْوَاهُ وَتَحْلِيفِ الْبِنْتِ، وَعَدَمُ صِحَّةِ الْحُكْمِ قَبْلَ التَّحْلِيفِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِخِلَافِ الْمُفْتَى بِهِ وَأَنَّ الْإِبْرَاءَ هُنَا لَا يُمْنَعُ، لِأَنَّ الْوَصِيَّ: يَدَّعِي عَدَمَ لُزُومِ شَيْءٍ بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ الْمُقِرُّ الْمَالَ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي اسْتِرْجَاعَ الْمَالِ، وَالْبَرَاءَةُ مَانِعَةٌ مِنْ ذَلِكَ أَمَّا فِي الْأُولَى فَإِنَّهُ لَمْ يَدَّعِ اسْتِرْجَاعَ شَيْءٍ وَإِنَّمَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ فَافْتَرَقَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>