للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إقْرَارُ الْمُكْرَهِ بَاطِلٌ إلَّا إذَا أَقَرَّ السَّارِقُ مُكْرَهًا فَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِصِحَّتِهِ ظَهِيرِيَّةٌ. .

الْإِقْرَارُ بِشَيْءٍ مُحَالٍ وَبِالدَّيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ بَاطِلٌ، وَلَوْ بِمَهْرٍ بَعْدَ هِبَتِهَا لَهُ عَلَى الْأَشْبَهِ. نَعَمْ لَوْ ادَّعَى دَيْنًا بِسَبَبٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ، وَأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ.

قُلْتُ: وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِبَقَاءِ الدَّيْنِ أَيْضًا فَحُكْمُهُ كَالْأَوَّلِ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فَتَأَمَّلْ. الْفِعْلُ فِي الْمَرَضِ أَحَطُّ مِنْ فِعْلِ الصِّحَّةِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ إسْنَادِهِ النَّاظِرَ لِغَيْرِهِ بِلَا شَرْطٍ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ فِي الْمَرَضِ لَا فِي الصِّحَّةِ تَتِمَّةٌ وَتَمَامُهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ:

ــ

[رد المحتار]

لَيْسَ بِأَهْلٍ، فَأَمَرَ الْكَاتِبُ بِصَكِّ الطَّلَاقِ فَكُتِبَ، ثُمَّ أَفْتَاهُ عَالِمٌ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ لَهُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهَا فِي الدِّيَانَةِ لَكِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُصَدِّقُهُ لِقِيَامِ الصَّكِّ سَائِحَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ: بِشَيْءٍ مُحَالٍ) كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَرْشِ يَدِهِ الَّتِي قَطَعَهَا خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَدَاهُ صَحِيحَتَانِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا فِي حِيَلِ التَّتَارْخَانِيَّة، وَعَلَى هَذَا أَفْتَيْت بِبُطْلَانِ إقْرَارِ إنْسَانٍ بِقَدْرٍ مِنْ السِّهَامِ لِوَارِثٍ، وَهُوَ أَزْيَدُ مِنْ الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِكَوْنِهِ مُحَالًا شَرْعًا، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُحَالًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَإِلَّا فَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ لِهَذَا الصَّغِيرِ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَرْضٌ أَقْرَضَنِيهِ أَوْ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ بَاعَنِيهِ صَحَّ الْإِقْرَارُ كَمَا مَرَّ أَشْبَاهٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: وَبِالدَّيْنِ) قُيِّدَ بِهِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالْعَيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ صَحِيحٌ مَعَ أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ الْأَعْيَانِ فِي الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَشْبَاهِ؛ وَتَحْقِيقُ الْفَرْقِ فِي رِسَالَةِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ: بَعْدَ هِبَتِهَا لَهُ عَلَى الْأَشْبَهِ) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْمُحِيطِ: وَهَبَتْ الْمَهْرَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ: اشْهَدُوا أَنَّ لَهَا عَلَيَّ مَهْرًا كَذَا فَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْفَقِيهِ، أَنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ، وَعَلَيْهِ الْمَذْكُورُ إذَا قَبِلَتْ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَصِحُّ بِلَا قَبُولِهَا وَالْأَشْبَهُ أَنْ لَا يَصِحَّ. وَلَا تُجْعَلَ زِيَادَةً بِغَيْرِ قَصْدِ الزِّيَادَةِ عَنْ الْحَمَوِيِّ بَرْهَنَ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى الْمُدَّعِي ثَانِيًا أَنَّهُ أَقَرَّ لِي بِالْمَالِ بَعْدَ إبْرَائِي فَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَبْرَأَنِي، وَقَبِلْتُ الْإِبْرَاءَ وَقَالَ صَدَّقْته فِيهِ لَا يَصِحُّ الدَّفْعُ يَعْنِي دَعْوَى الْإِقْرَارِ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْهُ يَصِحُّ الدَّفْعُ لِاحْتِمَالِ الرَّدِّ، وَالْإِبْرَاءُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَيَبْقَى الْمَالُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ قَبُولِهِ؛ إذْ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ بَعْدَهُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، لَكِنَّ كَلَامَنَا فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ؛ وَهَذَا فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّعْوَى.

وَفِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة: وَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُكَ مِمَّا لِي عَلَيْكَ فَقَالَ لَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ قَدْ صَدَقْت فَهُوَ بَرِيءٌ اسْتِحْسَانًا لَا حَقَّ لِي فِي هَذِهِ الدَّارِ فَقَالَ كَانَ لَكَ سُدُسٌ، فَاشْتَرَيْتهَا مِنْك فَقَالَ: لَمْ أَبِعْهُ فَلَهُ السُّدُسُ، وَلَوْ قَالَ خَرَجْتُ عَنْ كُلِّ حَقٍّ لِي فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ بَرِئْتُ مِنْهُ إلَيْكَ أَوْ أَقْرَرْتُ لَكَ، فَقَالَ الْآخَرُ اشْتَرَيْتَهَا مِنْكَ فَقَالَ لَمْ أَقْبِضْ الثَّمَنَ فَلَهُ الثَّمَنُ اهـ وَفِيهَا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ قَالَ: لَا حَقَّ لِي قِيلَ بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَدَيْنٍ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ فُلَانٌ بَرِيءٌ مِمَّا لِي قِبَلَهُ دَخَلَ الْمَضْمُونُ وَالْأَمَانَةُ، وَلَوْ قَالَ هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي عَلَيْهِ دُونَ الْمَضْمُونِ دُونَ الْأَمَانَةِ وَلَوْ قَالَ هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي عِنْدَهُ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَصْلُهُ أَمَانَةٌ، وَلَا يَبْرَأُ عَنْ الْمَضْمُونِ، وَلَوْ ادَّعَى الطَّالِبُ حَقًّا بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً، فَإِنْ كَانَ أَرَّخَ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُؤَرِّخْ فَالْقِيَاسُ أَنْ تُسْمَعَ وَحُمِلَ عَلَى حَقٍّ وَجَبَ بَعْدَهَا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ) وَنَصُّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلَيْنِ صَدَرَ بَيْنَهُمَا إبْرَاءٌ عَامٌّ، ثُمَّ إنَّ رَجُلًا مِنْهُمَا بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ أَقَرَّ أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ مَبْلَغًا مُعَيَّنًا لِلْآخَرِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَجَابَ: إذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا فِي الْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ نَقْلًا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة نَعَمْ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا بِسَبَبٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ وَأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ اهـ.

وَانْظُرْ مَا فِي إقْرَارِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ لِغَانِمٍ الْبَغْدَادِيِّ (قَوْلُهُ قُلْتُ وَمُفَادُهُ) أَيْ مُفَادُ تَقْيِيدِ اللُّزُومِ بِدَعْوَاهُ بِسَبَبٍ حَادِثٍ، وَقَوْلُهُ: لَوْ أَقَرَّ بِبَقَاءِ الدَّيْنِ أَيْ بِأَنْ قَالَ: مَا أَبْرَأَنِي مِنْهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِي، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَبِالدَّيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ أَنَّهُ قَالَ هُنَاكَ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِبَقَاءِ الدَّيْنِ) أَيْ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ: كَالْأَوَّلِ) أَيْ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ (قَوْلُهُ تَتِمَّةٌ) اسْمُ كِتَابٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>