لِإِطْلَاقِ الْعِمَادِيَّةِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ بِجِهَةٍ أُخْرَى لَمْ يَبْطُلْ فَيُحَرَّرُ.
(وَالصُّلْحُ عَنْ الدَّعْوَى الْفَاسِدَةِ يَصِحُّ، وَعَنْ الْبَاطِلَةِ لَا) وَالْفَاسِدَةُ مَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا بَحْرٌ وَحَرَّرَ فِي الْأَشْبَاهِ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ إنْكَارٍ بَعْدَ دَعْوَى فَاسِدَةٍ فَاسِدٌ لَا فِي دَعْوَى بِمَجْهُولٍ فَجَائِزٌ فَلْيُحْفَظْ (وَقِيلَ: اشْتِرَاطُ صِحَّةِ الدَّعْوَى لِصِحَّةِ الصُّلْحِ غَيْرُ صَحِيحٍ مُطْلَقًا) فَيَصِحُّ الصُّلْحُ مَعَ بُطْلَانِ الدَّعْوَى كَمَا اعْتَمَدَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ آخِرَ الْبَابِ وَأَقَرَّهُ ابْنُ الْكَمَالِ وَغَيْرُهُ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا مَرَّ فَرَاجِعْهُ
(وَصَحَّ الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى حَقِّ الشُّرْبِ
ــ
[رد المحتار]
أَقُولُ: يَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُ ثُمَّ ظَهَرَ بِغَيْرِ الْإِقْرَارِ قَبْلَ الصُّلْحِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُخْتَصَرِ، وَبِهِ صَرَّحَ مَوْلَانَا صَاحِبُ الْبَحْرِ ح، وَلَا يَخْفَى أَنَّ عِلَّةَ مُضِيِّ الصُّلْحِ عَلَى الصِّحَّةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَدَمُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنَاقُصِ، فَلَا يَظْهَرُ حِينَئِذٍ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَلَمْ تَشْمَلْهَا عِبَارَةُ الْعِمَادِيَّةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: عَنْ دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ) وَنَصُّهَا: وَفِي الْمُنْتَقَى ادَّعَى ثَوْبًا وَصَالَحَ، ثُمَّ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ إنْ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَ الصُّلْحِ فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ وَإِنْ بَعْدَ الصُّلْحِ يَبْطُلُ الصُّلْحُ، وَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ إقْرَارَهُ بِعَدَمِ حَقِّهِ وَلَوْ قَبْلَ الصُّلْحِ يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَعِلْمُهُ بِالْإِقْرَارِ السَّابِقِ كَإِقْرَارِهِ بَعْدَ الصُّلْحِ هَذَا إذَا اتَّحَدَ الْإِقْرَارُ بِالْمِلْكِ بِأَنْ قَالَ لَا حَقَّ لِي بِجِهَةِ الْمِيرَاثِ ثُمَّ قَالَ: إنَّهُ مِيرَاثٌ لِي عَنْ أَبِي فَأَمَّا غَيْرُهُ إذَا ادَّعَى مِلْكًا لَا بِجِهَةِ الْإِرْثِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِعَدَمِ الْحَقِّ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ بِأَنْ قَالَ حَقِّي بِالشِّرَاءِ أَوْ بِالْهِبَةِ لَا يَبْطُلُ اهـ (قَوْلُهُ: فَيُحَرَّرُ) مَا قَالَهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ، لِأَنَّهُ تَقْيِيدٌ مُفِيدٌ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ تَحْرِيرَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَقْيِيدِ مَا فِي الْعِمَادِيَّةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ كَمَا عَلِمْت وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: وَالْفَاسِدَةُ) مِثَالُ الدَّعْوَى الَّتِي لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا لَوْ ادَّعَى أَمَةً فَقَالَتْ: أَنَا حُرَّةُ الْأَصْلِ فَصَالَحَهَا عَنْهُ، فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ بَطَلَ الصُّلْحُ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ هَذِهِ الدَّعْوَى بَعْدَ ظُهُورِ حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ. وَمِثَالُ الدَّعْوَى الَّتِي يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا: لَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةَ فُلَانٍ أَعْتَقَهَا عَامَ أَوَّلٍ وَهُوَ يَمْلِكُهَا بَعْدَمَا ادَّعَى شَخْصٌ أَنَّهَا أَمَتُهُ لَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَقْتَ الصُّلْحِ بِأَنْ يَقُولَ إنَّ فُلَانًا الَّذِي أَعْتَقَك كَانَ غَصَبَكِ مِنِّي حَتَّى لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى تُسْمَعُ حَمَوِيٌّ مَدَنِيٌّ وَقَوْلُهُ هُنَا وَهُوَ يَمْلِكُهَا جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَحَرَّرَ إلَخْ) هَذَا التَّحْرِيرُ غَيْرُ مُحَرَّرٍ وَرَدَّهُ الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ فَتْوَى أَئِمَّةِ خُوَارِزْمَ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ دَعْوَى فَاسِدَةٍ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا لَا يَصِحُّ وَاَلَّتِي يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا كَمَا إذَا تَرَكَ ذِكْرَ أَحَدِ الْحُدُودِ يَصِحُّ اهـ وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ الَّذِي اعْتَمَدَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرُهُ فَكَانَ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَخْ) الْأَخْصَرُ أَنْ يُقَالَ: وَقِيلَ: يَصِحُّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ آخِرَ الْبَابِ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ عِبَارَتَهُ هَكَذَا وَمِنْ الْمَسَائِلِ الْمُهِمَّةِ أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ صِحَّةُ الدَّعْوَى أَمْ لَا فَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُونَ يُشْتَرَطُ لَكِنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى حَقًّا مَجْهُولًا فِي دَارٍ فَصُولِحَ عَلَى شَيْءٍ يَصِحُّ الصُّلْحُ عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِ الْحُقُوقِ وَالِاسْتِحْقَاقِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ دَعْوَى الْحَقِّ الْمَجْهُولِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَفِي الذَّخِيرَةِ مَسَائِلُ تُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا: أَيْ فَالْمُتَبَادَرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْفَاسِدَةَ بِدَلِيلِ التَّمْثِيلِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا بِتَعَيُّنِ الْحَقِّ الْمَجْهُولِ وَقْتَ الصُّلْحِ، وَفِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ عَلَى الْمِنَحِ بَعْدَ نَقْلِهِ عِبَارَتَهُ:.
أَقُولُ: هَذَا لَا يُوجِبُ كَوْنَ الدَّعْوَى الْبَاطِلَةِ كَالْفَاسِدَةِ؛ إذْ لَا وَجْهَ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ عَنْهَا كَالصُّلْحِ عَنْ دَعْوَى حَدٍّ أَوْ رِبًا وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ، وَأُجْرَةِ النَّائِحَةِ وَالْمُغَنِّيَةِ إلَخْ وَكَذَا ذَكَرَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ ذِكْرِهِ عِبَارَةَ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ قَالَ مَا نَصُّهُ فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ الْقَوْلَ بِاشْتِرَاطِ صِحَّةِ الدَّعْوَى لِصِحَّةِ الصُّلْحِ ضَعِيفٌ اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute