(وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَنْعِ ظُلْمًا (مَوْتُهُ) أَيْ مَوْتُ الْمُودَعِ (مُجْهِلًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) فَتَصِيرُ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ وَارِثَهُ يَعْلَمُهَا فَلَا ضَمَانَ، وَلَوْ قَالَ الْوَارِثُ: أَنَا عَلِمْتُهَا وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ إنْ فَسَّرَهَا، وَقَالَ: هِيَ كَذَا وَأَنَا عَلِمْتهَا وَهَلَكَتْ صُدِّقَ وَهَذَا وَمَا لَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ سَوَاءٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْوَارِثَ إذَا دَلَّ السَّارِقَ عَلَى الْوَدِيعَةِ لَا يَضْمَنُ، وَالْمُودَعُ إذَا دَلَّ ضَمِنَ خُلَاصَةٌ إلَّا إذَا مَنَعَهُ مِنْ الْأَخْذِ حَالَ الْأَخْذِ (كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمَانَاتِ) فَإِنَّهَا تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ كَشَرِيكٍ وَمُفَاوِضٍ (إلَّا فِي) عَشْرٍ عَلَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ.
ــ
[رد المحتار]
ضَمَّنَ الْمُودَعَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُعَالِجِ، وَلَوْ ضَمَّنَ الْمُعَالِجَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُودَعِ، عَلِمَ أَنَّهَا لِلْغَيْرِ أَوْ لَا، إلَّا إنْ قَالَ الْمُودَعُ: لَيْسَتْ لِي أَوْ لَمْ آمُرْهُ بِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا يَرْجِعُ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
(قَوْلُهُ: الْمُودَعُ) بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ: مُجْهِلًا) أَمَّا بِتَجْهِيلِ الْمَالِكِ فَلَا ضَمَانَ وَالْقَوْلُ لِلْمُودَعِ بِيَمِينِهِ بِلَا شُبْهَةٍ، قَالَ الْحَانُوتِيُّ: وَهَلْ مِنْ ذَلِكَ الزَّائِدُ فِي الرَّهْنِ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ اهـ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْهُ لِقَوْلِهِمْ: مَا يُضْمَنُ بِهِ الْوَدِيعَةُ يُضْمَنُ بِهِ الرَّهْنُ، فَإِذَا مَاتَ مُجْهِلًا يَضْمَنُ مَا زَادَ وَقَدْ أَفْتَيْت بِهِ رَمْلِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) قَالَ فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى الْمُودِعُ أَوْ الْمُضَارِبُ أَوْ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ الْمُسْتَبْضِعُ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِ أَمَانَةً إذَا مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ، وَلَمْ تُعْرَفْ الْأَمَانَةُ بِعَيْنِهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي تَرِكَتِهِ، لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لِلْوَدِيعَةِ بِالتَّجْهِيلِ، وَمَعْنَى مَوْتِهِ مُجْهِلًا أَنْ لَا يُبَيِّنَ حَالَ الْأَمَانَةِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ. وَقَدْ سُئِلَ الشَّيْخُ عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ عَمَّا لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ عِنْدِي وَرَقَةٌ فِي الْحَانُوتِ لِفُلَانٍ ضَمَّنَهَا دَرَاهِمَ لَا أَعْرِفُ قَدْرَهَا فَمَاتَ وَلَمْ تُوجَدْ فَأَجَابَ: بِأَنَّهُ مِنْ التَّجْهِيلِ لِقَوْلِهِ فِي الْبَدَائِعِ: هُوَ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ الْبَيَانِ، وَلَمْ تُعْرَفْ الْأَمَانَةُ بِعَيْنِهَا اهـ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَفِيهِ تَأَمُّلٌ فَتَأَمَّلْ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ إلَّا إذَا عَلِمَ) أَيْ الْمُجْهِلُ وَإِذَا قَالَ الْوَارِثُ رَدَّهَا فِي حَيَاتِهِ أَوْ تَلِفَتْ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يُصَدَّقْ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّ الْمُودَعَ قَالَ فِي حَيَاتِهِ رَدَدْتهَا يُقْبَلُ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ وَادَّعَى الْمَالِكُ هَلَاكَهَا وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْوَارِثَ كَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْهَلَاكِ إذَا فَسَّرَهَا فَهُوَ مِثْلُهُ إلَّا أَنَّهُ خَالَفَهُ فِي مَسْأَلَةٍ قَالَ رَبُّهَا مَاتَ الْمُودَع مُجْهِلًا وَقَالَ وَرَثَتُهُ كَانَتْ قَائِمَةً يَوْمَ مَوْتِهِ وَمَعْرُوفَةً ثُمَّ هَلَكَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ صُدِّقَ رَبُّهَا هُوَ الصَّحِيحُ؛ إذْ الْوَدِيعَةُ صَارَتْ دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ فِي الظَّاهِرِ فَلَا يُصَدَّقُ الْوَرَثَةُ.
وَلَوْ قَالَ وَرَثَتُهُ: رَدَّهَا فِي حَيَاتِهِ أَوْ تَلِفَتْ فِي حَيَاتِهِ لَا يُصَدَّقُونَ بِلَا بَيِّنَةٍ لِمَوْتِهِ مُجْهِلًا، فَتَقَرَّرَ الضَّمَانُ فِي التَّرِكَةِ، وَلَوْ بَرْهَنُوا أَنَّ الْمُودَعَ قَالَ فِي حَيَاتِهِ رَدَدْتهَا تُقْبَلُ؛ إذْ الثَّابِتُ بِبَيِّنَةٍ كَالثَّابِتِ بِعِيَانٍ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْمُودَعُ إذَا دَلَّ ضَمِنَ قَالَ ط عَنْ الْخُلَاصَةِ الْمُودَعُ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا دَلَّ السَّارِقَ عَلَى الْوَدِيعَةِ إذَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ الْأَخْذِ حَالَ الْأَخْذِ، فَإِنْ مَنَعَهُ لَمْ يَضْمَنْ (قَوْلُهُ مَنَعَهُ) أَيْ الْمُودَعُ السَّارِقَ فَأَخَذَ كَرْهًا فُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ سَائِرِ الْأَمَانَاتِ) وَمِنْهَا الرَّهْنُ إذَا مَاتَ الْمُرْتَهِنُ مُجْهِلًا يَضْمَنُ قِيمَةَ الرَّهْنِ فِي تَرِكَتِهِ كَمَا فِي الْأَنْقِرْوِيِّ أَيْ يَضْمَنُ الزَّائِدَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الرَّمْلِيِّ، وَكَذَا الْوَكِيلُ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا مَا قَبَضَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا هُنَا وَبِهِ أَفْتَى الْحَامِدِيُّ بَعْدَ الْخَيْرِيِّ، وَفِي إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ الْمُسْتَأْجِرُ يَضْمَنُ بِالْمَوْتِ مُجْهِلًا سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ بِالْمَوْتِ) وَيَكُونُ أُسْوَةً لِلْغُرَمَاءِ بِيرِيّ عَلَى الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ: وَمُفَاوِضٍ) وَكَمُرْتَهِنٍ أَنْقِرْوِيٌّ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ) وَعِبَارَتُهَا الْوَصِيُّ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَالْأَبُ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا مَالَ ابْنِهِ، وَالْوَارِثُ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا مَا أُودِعَ عِنْدَ مُوَرِّثِهِ، وَإِذَا مَاتَ مُجْهِلًا لِمَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي بَيْتِهِ أَوْ لِمَا وَضَعَهُ مَالِكُهُ فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، وَإِذَا مَاتَ الصَّبِيُّ مُجْهِلًا لِمَا أَوْدَعَ عِنْدَهُ مَحْجُورٌ اهـ مُلَخَّصًا فَهِيَ سَبْعَةٌ وَذَكَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute