وَالْهِبَةَ بِهَا أَيْ مَجَازًا (وَأَخْدَمْتُك عَبْدِي) وَآجَرْتُك دَارِي شَهْرًا مَجَّانًا (وَدَارِي) مُبْتَدَأٌ (لَك) خَبَرٌ (سُكْنَى) تَمْيِيزٌ أَيْ بِطَرِيقِ السُّكْنَى (وَ) دَارِي لَك (عُمْرَى) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ أَعْمَرْتُهَا لَك عُمْرَى (سُكْنًى) تَمْيِيزُهُ يَعْنِي جَعَلْت سُكْنَاهَا لَك مُدَّةَ عُمْرِك (وَ) لِعَدَمِ لُزُومِهَا (يَرْجِعُ الْمُعِيرُ مَتَى شَاءَ) وَلَوْ مُوَقَّتَةً أَوْ فِيهِ ضَرَرٌ فَتَبْطُلُ، وَتَبْقَى الْعَيْنُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ كَمَنْ اسْتَعَارَ أَمَةً لِتُرْضِعَ وَلَدَهُ وَصَارَ لَا يَأْخُذُ إلَّا ثَدْيَهَا فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ إلَى الْفِطَامِ وَتَمَامُهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَفِيهَا مَعْزِيًّا لِلْقُنْيَةِ تَلْزَمُ الْعَارِيَّةُ فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ جِدَارَ غَيْرِهِ لِوَضْعِ جُذُوعِهِ فَوَضَعَهَا ثُمَّ بَاعَ الْمُعِيرُ الْجِدَارَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَفْعُهَا، وَقِيلَ: نَعَمْ إلَّا إذَا شَرَطَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ.
قُلْت: وَبِالْقِيلِ جَزَمَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَاعْتَمَدَهُ مُحَشِّيهَا فِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ ابْنُ الْمُصَنِّفِ فَكَأَنَّهُ ارْتَضَاهُ فَلْيُحْفَظْ.
(وَلَا تُضْمَنُ
ــ
[رد المحتار]
فِيهِمَا يُقَالُ: حَمَلَ فُلَانٌ فُلَانًا عَلَى دَابَّتِهِ يُرَادُ بِهِ الْهِبَةُ تَارَةً، وَالْعَارِيَّةُ أُخْرَى، فَإِذَا نَوَى أَحَدَهُمَا صَحَّتْ نِيَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ حَمَلَ عَلَى الْأَدْنَى كَيْ لَا يَلْزَمَهُ الْأَعْلَى بِالشَّكِّ اهـ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا لَكِنْ إنَّمَا أُرِيدَ بِهِ الْعَارِيَّةُ عِنْدَ التَّجَرُّدِ عَنْ النِّيَّةِ لِئَلَّا يَلْزَمَهُ الْأَعْلَى بِالشَّكِّ ط وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ عَلَى الْبَحْرِ عَنْ الْكِفَايَةِ فَفِيهِ الْكِفَايَةُ (قَوْلُهُ بِهَا) أَيْ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: شَهْرًا) فَلَوْ لَمْ يَقُلْ شَهْرًا لَا يَكُونُ إعَارَةً بَحْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَيْ بَلْ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ، وَقَدْ قِيلَ بِخِلَافِهِ تَتَارْخَانِيَّةٌ، وَيَنْبَغِي هَذَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْمُدَّةِ، وَلَا بِالْعِوَضِ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ إعَارَةً مِنْ جَعْلِهِ إعَارَةً مَعَ التَّصْرِيحِ بِالْمُدَّةِ دُونَ الْعِوَضِ شَيْخُنَا. وَنَقَلَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ عَنْ إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ لَا تَنْعَقِدُ الْإِعَارَةُ بِالْإِجَارَةِ، حَتَّى لَوْ قَالَ: آجَرْتُك مَنَافِعَهَا سَنَةً بِلَا عِوَضٍ تَكُونُ إجَارَةً فَاسِدَةً لَا عَارِيَّةً اهـ قَالَ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ هَذَا (قَوْلُهُ مَجَّانًا) أَيْ بِلَا عِوَضٍ (قَوْلُهُ مُدَّةَ عُمْرِك) هَذَا وَجْهٌ آخَرُ ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ وَهُوَ كَوْنُ عُمْرَى ظَرْفًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُؤَقَّتَةً) وَلَكِنْ يُكْرَهُ قَبْلَ تَمَامِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ فِيهِ خُلْفَ الْوَعْدِ ابْنُ كَمَالٍ.
أَقُولُ: مِنْ هُنَا تَعْلَمُ أَنَّ خُلْفَ الْوَعْدِ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ، وَفِي الذَّخِيرَةِ: يُكْرَهُ تَنْزِيهًا؛ لِأَنَّهُ خَلَفَ الْوَعْدَ وَيُسْتَحَبُّ الْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ: فَتَبْطُلُ) أَيْ بِالرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ) أَيْ لِلْمُعِيرِ، وَالْأَوْلَى: فَعَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ لِلْقُنْيَةِ) لَمْ أَجِدْهُ فِي الْقُنْيَةِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: وَقْتَ الْبَيْعِ) أَيْ إلَّا إذَا شَرَطَ الْبَائِعُ وَقْتَ الْبَيْعِ بَقَاءَ الْجُذُوعِ، وَالْوَارِثُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّ لِلْوَارِثِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ أَذِنَ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ بِبِنَاءِ مَحَلٍّ فِي دَارِهِ ثُمَّ مَاتَ فَلِبَاقِي الْوَرَثَةِ مُطَالَبَتُهُ بِرَفْعِهِ إنْ لَمْ تَقَعْ الْقِسْمَةُ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ فِي قَسْمِهِ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: اسْتَعَارَ دَارًا فَبَنَى فِيهَا بِلَا أَمْرِ الْمَالِكِ أَوْ قَالَ لَهُ: ابْنِ لِنَفْسِك ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ بِحُقُوقِهَا يُؤْمَرُ الْبَانِي بِهَدْمِ بِنَائِهِ، وَإِذَا فَرَّطَ فِي الرَّدِّ بَعْدَ الطَّلَبِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ ضَمِنَ سَائِحَانِيٌّ. قَالَ فِي الْهَامِشِ: وَسَيَأْتِي مَسْأَلَةُ مَنْ بَنَى فِي دَارِ زَوْجَتِهِ فِي شَتَّى الْوَصَايَا، وَفِيهِ زِيَادَةُ مَسْأَلَةِ السِّرْدَابِ عَلَى الْجُذُوعِ فَقَالَ رَجُلٌ: وَضَعَ جُذُوعَهُ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ بِإِذْنِ الْجَارِ أَوْ حَفَرَ سِرْدَابًا فِي دَارِهِ بِإِذْنِ الْجَارِ ثُمَّ بَاعَ الْجَارُ دَارِهِ، وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرْفَعَ جُذُوعَهُ وَسِرْدَابَهُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ شَرَطَ فِي الْبَيْعِ بَقَاءَ الْجُذُوعِ وَالسِّرْدَابِ تَحْتَ الدَّارِ، فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَهُ بِرَفْعِ ذَلِكَ، وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ مَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْجَارُ اهـ (قَوْلُهُ: وَبِالْقِيلِ إلَخْ) وَأَفْتَى بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ) وَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَا عِبَارَتَهُ قُبَيْلَ دَعْوَى النَّسَبِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا تُضْمَنُ) هَذَا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِلْغَيْرِ فَإِنْ ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُهَا ضَمِنَهَا، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُعِيرِ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ، وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعِيرَ، وَإِذَا ضَمَّنَهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، بِخِلَافِ الْمُودَعِ إذَا ضَمِنَهَا لِلْمُسْتَحِقِّ، حَيْثُ يَرْجِعُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute