للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَبْلَ قَبْضِهَا (بَرِئَ) لِأَنَّهُ أَتَى بِالتَّسْلِيمِ الْمُتَعَارَفِ (بِخِلَافِ نَفِيسٍ) كَجَوْهَرَةٍ (وَبِخِلَافِ الرَّدِّ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ (بِأَنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُؤَقَّتَةً فَمَضَتْ مُدَّتُهَا ثُمَّ بَعَثَهَا مَعَ الْأَجْنَبِيِّ) لِتَعَدِّيهِ بِالْإِمْسَاكِ بَعْدَ الْمُدَّةِ (وَإِلَّا فَالْمُسْتَعِيرُ يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ) فِيمَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ (مِنْ الْأَجْنَبِيِّ) بِهِ يُفْتَى زَيْلَعِيٌّ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى هَذَا وَبِخِلَافِ رَدِّ وَدِيعَةٍ وَمَغْصُوبٍ إلَى دَارِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِتَسْلِيمٍ.

(وَإِذَا) (اسْتَعَارَ أَرْضًا) بَيْضَاءَ (لِلزِّرَاعَةِ) (يَكْتُبُ الْمُسْتَعِيرُ) أَنَّك (أَطْعَمْتنِي أَرْضَك لِأَزْرَعَهَا) فَيُخَصِّصُ لِئَلَّا يَعُمَّ الْبِنَاءَ وَنَحْوَهُ

(الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ

ــ

[رد المحتار]

أَيْ يَتَعَاهَدُهَا كَالسَّائِسِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْأَجْنَبِيِّ) قَالَ فِي الْهَامِشِ: الْمُسْتَأْجِرُ لَوْ رَدَّ الدَّابَّةَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ ضَمِنَ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْمُسْتَعِيرُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى فَائِدَةِ اشْتِرَاطِ التَّوْقِيتِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ يَشْهَدُ لِمَنْ قَالَ مِنْ الْمَشَايِخِ: إنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُودِعَ، وَعَلَى الْمُخْتَارِ تَكُونُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَحْمُولَةً عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُوَقَّتَةً فَمَضَتْ مُدَّتُهَا ثُمَّ بَعَثَهَا مَعَ الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّهُ بِإِمْسَاكِهَا بَعْدُ يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ فَكَذَا إذَا تَرَكَهَا فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ اهـ وَفِي الْبُرْهَانِ: وَكَذَا يَعْنِي يَبْرَأُ لَوْ رَدَّهَا مَعَ أَجْنَبِيٍّ عَلَى الْمُخْتَارِ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَ مَشَايِخُ الْعِرَاقِ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَ الْإِعَارَةَ مَعَ أَنَّ فِيهَا إيدَاعًا وَتَمْلِيكَ الْمَنَافِعِ فَلَأَنْ يَمْلِكَ الْإِيدَاعَ وَلَيْسَ فِيهِ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ أَوْلَى، وَأَوَّلُوا قَوْلَهُ وَإِنْ رَدَّهَا مَعَ أَجْنَبِيٍّ ضَمِنَ إذَا هَلَكَتْ بِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُوَقَّتَةً، وَقَدْ انْتَهَتْ بِاسْتِيفَاءِ مُدَّتِهَا، وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ الْمُسْتَعِيرُ مُودَعًا وَالْمُودَعُ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ بِالِاتِّفَاقِ اهـ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ.

قُلْت: وَمِثْلُهُ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَلَكِنْ تَقَدَّمَ مَتْنًا أَنَّهُ يَضْمَنُ فِي الْمُؤَقَّتَةِ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُوَقَّتَةً فَأَمْسَكَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ مَعَ إمْكَانِ الرَّدِّ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا بَعْدَ الْوَقْتِ هُوَ الْمُخْتَارُ سَوَاءٌ تَوَقَّتَ نَصًّا، أَوْ دَلَالَةً حَتَّى إنَّ مَنْ اسْتَعَارَ قَدُومًا لِيَكْسِرَ حَطَبًا فَكَسَرَهُ فَأَمْسَكَ ضَمِنَ، وَلَوْ لَمْ يُوَقِّتْ اهـ فَعَلَى هَذَا فَضَمَانُهُ لَيْسَ بِالْإِرْسَالِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّدُّ تَأَمَّلْ، وَمَعَ هَذَا يُبْعِدُ هَذَا التَّأْوِيلَ التَّقْيِيدُ، وَلَا بِالْعَبْدِ وَالْأَجِيرِ فَإِنَّهُ عَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ، حَيْثُ لَا يَضْمَنُ بِالرَّدِّ قَبْلَ الْمُدَّةِ مَعَ أَيٍّ مَنْ كَانَ وَيَضْمَنُ بَعْدَهَا كَذَلِكَ، فَهَذَا أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُودِعَ وَصَحَّحَهُ فِي النِّهَايَةِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ: فِيمَا يَمْلِكُ) وَهُوَ مَا لَا يَخْتَلِفُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ فِيمَا يَخْتَلِفُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَعِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ، وَهَذَا لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ أَدْنَى حَالًا مِنْ الْعَارِيَّةِ، فَإِذَا كَانَ يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ، فَأَوْلَى أَنْ يَمْلِكَ الْإِيدَاعَ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَلَا يَخْتَصُّ بِشَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ لِأَنَّ الْكُلَّ لَا يَخْتَلِفُ فِي حَقِّ الْإِيدَاعِ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ فِي حَقِّ الِانْتِفَاعِ اهـ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا عِبَارَةٌ عَنْ الْوَقْتِ: أَيْ فِي وَقْتٍ يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ، وَهُوَ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ إذَا كَانَتْ مُوَقَّتَةً، وَهُوَ بَعِيدٌ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ. [فَرْعٌ] .

فِي الْهَامِشِ إذَا اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْعَارِيَّةِ فَادَّعَى الْمُعِيرُ الِانْتِفَاعَ بِقَوْلٍ مَخْصُوصٍ فِي زَمَنٍ مَخْصُوصٍ، وَادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ الْإِطْلَاقَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ فِي التَّقْيِيدِ، لِأَنَّ الْقَوْلَ لَهُ فِي أَصْلِ الْإِعَارَةِ فَكَذَا فِي صِفَتِهَا قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِي الْقَوْلِ لِمَنْ (قَوْلُهُ عَلَى هَذَا) وَهُوَ كَوْنُ الْعَارِيَّةِ مُوَقَّتَةً وَقَدْ مَضَتْ مُدَّتُهَا ثُمَّ بَعَثَهَا مَعَ الْأَجْنَبِيِّ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الضَّمَانَ حِينَئِذٍ بِسَبَبِ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَا مِنْ كَوْنِهِ بَعَثَهَا مَعَ الْأَجْنَبِيِّ؛ إذْ لَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ بِخِلَافِ، وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ هُنَاكَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَيْسَ إلَخْ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَمَسْأَلَةُ الْغَيْرِ خِلَافِيَّةٌ فَفِي الْخُلَاصَةِ قَالَ مَشَايِخُنَا: يَجِبُ أَنْ يَبْرَأَ قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْإِمَامِ قَاضِي خَانْ السَّارِقُ وَالْغَاصِبُ لَا يَبْرَآنِ بِالرَّدِّ إلَى مَنْزِلِ رَبِّهَا أَوْ مَرْبِطِهِ أَوْ أَجِيرِهِ أَوْ عَبْدِهِ مَا لَمْ يَرُدَّهَا إلَى مَالِكِهَا.

(قَوْلُهُ لِأَزْرَعَهَا) اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ فَيُخَصِّصُ) أَيْ فَلَا يَقُولُ أَعَرْتنِي

(قَوْلُهُ يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ) وَكَذَا الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>