للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْت: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ لَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَلَا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ، وَقَدْ أَفْتَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَحُمِلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْوَلْوَالِجيَّةِ فَيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى.

[فُرُوعٌ] أَوْصَى بِالْعَارِيَّةِ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ الرُّجُوعُ. الْعَارِيَّةُ كَالْإِجَارَةِ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا.

مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَالتَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ.

اسْتَأْجَرَ بَعِيرًا إلَى مَكَّةَ فَعَلَى الذَّهَابِ، وَفِي الْعَارِيَّةِ عَلَى الذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ؛ لِأَنَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ. اسْتَعَارَ دَابَّةً لِلذَّهَابِ فَأَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ فَهَلَكَتْ ضَمِنَ لِأَنَّهُ أَعَارَهَا لِلذَّهَابِ لَا لِلْإِمْسَاكِ. اسْتَقْرَضَ ثَوْبًا فَأَغَارَ عَلَيْهِ الْأَتْرَاكُ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ عُرْفًا. .

اسْتَعَارَ أَرْضًا لِيَبْنِيَ وَيَسْكُنَ وَإِذَا خَرَجَ فَالْبِنَاءُ لِلْمَالِكِ فَلِلْمَالِكِ أَجْرُ مِثْلِهَا مِقْدَارَ السُّكْنَى، وَالْبِنَاءُ لِلْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ فَكَانَتْ إجَارَةً مَعْنًى، وَفَسَدَتْ بِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ الْخَرَاجَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لِجَهَالَةِ الْبَدَلِ، وَالْحِيلَةُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ الْأَرْضَ سِنِينَ مَعْلُومَةً بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ يَأْمُرَهُ بِأَدَاءِ الْخَرَاجِ مِنْهُ.

اسْتَعَارَ كِتَابًا فَوَجَدَ بِهِ خَطَأً أَصْلَحَهُ إنْ عَلِمَ رِضَا صَاحِبِهِ.

قُلْت: وَلَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ إلَّا فِي الْقُرْآنِ لِأَنَّ إصْلَاحَهُ وَاجِبٌ بِخَطٍّ مُنَاسِبٍ. وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ:

وَسِفْرٌ رَأَى إصْلَاحَهُ مُسْتَعِيرُهُ ... يَجُوزُ إذَا مَوْلَاهُ لَا يَتَأَثَّرُ

وَفِي مُعَايَاتِهَا

وَأَيُّ مُعِيرٍ لَيْسَ يَمْلِكُ أَخْذَ مَا ... أَعَارَ وَفِي غَيْرِ الرِّهَانِ التَّصَوُّرُ

وَهَلْ وَاهِبٌ لِابْنٍ يَجُوزُ رُجُوعُهُ ... وَهَلْ مُودَعٌ مَا ضَيَّعَ الْمَالَ يَخْسَرُ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ لَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ) أَيْ فَيَضْمَنُ (قَوْلُهُ: وَلَا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ) أَيْ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ بِمِثْلِ الْمَقْبُوضِ (قَوْلُهُ: بَعْضُهُمْ) هُوَ مِنْ مُعَاصِرِي صَاحِبِ الْمِنَحِ كَمَا ذَكَرَهُ فِيهَا، وَذَكَرَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهَا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي لَا مَحِيدَ عَنْهُ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ أَئِمَّتِنَا مَا يَشْهَدُ لِغَيْرِهِ تَأَمَّلْ اهـ.

قُلْت: وُلِلشُّرُنْبُلَالِيِّ رِسَالَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرَاجِعْهَا كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَكَتَبْت مِنْهَا شَيْئًا فِي هَامِشِ الْبَحْرِ هُنَاكَ

(قَوْلُهُ بَيْنَهُمْ) أَيْ بَيْنَ أَصْحَابِ الدَّيْنِ وَرَبِّ الْوَدِيعَةِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ) أَيْ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي وَلَمْ يُوجَدْ

(قَوْلُهُ بِلَا عِوَضٍ) أَيْ أَوْ هُنَا جُعِلَ لَهُ عِوَضٌ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ دَفَعَ دَارِهِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا وَيَرُمَّهَا، وَلَا أَجْرَ فَهِيَ عَارِيَّةٌ، لِأَنَّ الْمَرَمَّةَ مِنْ بَابِ النَّفَقَةِ، وَهِيَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ. وَفِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ بِخِلَافِهِ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ: بِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ) عِبَارَةُ الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ وَالْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ مَجْهُولٌ فَوَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ اهـ فَأَفَادَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ بَيَّنَ الْمُدَّةَ لِبَقَاءِ جَهَالَةِ الْأُجْرَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لَوْ شَرَطَ إلَخْ) أَيْ تَكُونُ إجَارَةً فَاسِدَةً؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ، وَلَمَّا شَرَطَهُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، فَقَدْ جَعَلَهُ بَدَلًا عَنْ الْمَنَافِعِ فَقَدْ أَتَى بِمَعْنَى الْإِجَارَةِ وَالْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي (قَوْلُهُ لِجَهَالَةِ الْبَدَلِ) أَمَّا لَوْ كَانَ خَرَاجَ الْمُقَاسَمَةِ فَلِأَنَّ بَعْضَ الْخَارِجِ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ خَرَاجًا مُوَظَّفًا فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مُقَدَّرًا إلَّا أَنَّ الْأَرْضَ إذَا لَمْ تَحْتَمِلْهُ يَنْقُصُ عَنْهُ مِنَحٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْبَدَلِ.

(قَوْلُهُ: وَأَيُّ مُعِيرٍ إلَخْ) أَرْضٌ آجَرَهَا الْمَالِكُ لِلزِّرَاعَةِ ثُمَّ أَعَارَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَزَرَعَهَا الْمُسْتَعِيرُ، فَلَا يَمْلِكُ اسْتِرْجَاعَهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ، وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ حِينَ الْإِعَارَةِ ابْنُ الشِّحْنَةِ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ رُجُوعُهُ) وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الِابْنَ مَمْلُوكُ الْغَيْرِ، وَالْمَمْلُوكُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا فَيَقَعُ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ سَيِّدُهُ فَيَصِحُّ الرُّجُوعُ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ مُودَعٌ) الْمُودَعُ لَوْ دَفَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>