للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَ) شَرَائِطُ صِحَّتِهَا (فِي الْمَوْهُوبِ أَنْ يَكُونَ مَقْبُوضًا غَيْرَ مَشَاعٍ مُمَيَّزًا غَيْرَ مَشْغُولٍ) كَمَا سَيَتَّضِحُ.

(وَرُكْنُهَا) هُوَ (الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ) كَمَا سَيَجِيءُ.

(وَحُكْمُهَا ثُبُوتُ الْمِلْكِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ غَيْرُ لَازِمٍ) فَلَهُ الرُّجُوعُ وَالْفَسْخُ (وَعَدَمُ صِحَّةِ خِيَارِ الشَّرْطِ فِيهَا) فَلَوْ شَرَطَهُ صَحَّتْ إنْ اخْتَارَهَا قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ صَحَّ الْإِبْرَاءُ، وَبَطَلَ الشَّرْطُ خُلَاصَةٌ.

(وَ) حُكْمُهَا (أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ) فَهِبَةُ عَبْدٍ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ تَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ

(وَتَصِحُّ بِإِيجَابٍ كَ وَهَبْت وَنَحَلْت وَأَطْعَمْتُك هَذَا الطَّعَامَ وَلَوْ) ذَلِكَ (عَلَى وَجْهِ الْمِزَاحِ) بِخِلَافِ أَطْعَمْتُك أَرْضِي فَإِنَّهُ عَارِيَّةٌ لِرَقَبَتِهَا وَإِطْعَامٌ لِغَلَّتِهَا بَحْرٌ (أَوْ الْإِضَافَةِ إلَى مَا) أَيْ إلَى جُزْءٍ (يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ كَ وَهَبْت لَك فَرْجَهَا وَجَعَلْته لَك)

ــ

[رد المحتار]

فَغَيْرُهُ كَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُبَعَّضِ بِالْأُولَى (قَوْلُهُ: صِحَّتِهَا) أَيْ بَقَائِهَا عَلَى الصِّحَّةِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ مَقْبُوضًا) رَجُلٌ أُضَلَّ لُؤْلُؤَةً فَوَهَبَهَا لِآخَرَ وَسَلَّطَهُ عَلَى طَلَبِهَا وَقَبْضِهَا مَتَى وَجَدَهَا.

قَالَ أَبُو يُوسُفَ: هَذِهِ هِبَةٌ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهَا عَلَى خَطَرٍ، وَالْهِبَةُ لَا تَصِحُّ مَعَ الْخَطَرِ، وَقَالَ زُفَرُ: تَجُوزُ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: مَشَاعٍ) أَيْ: فِيمَا يُقْسَمُ كَمَا يَأْتِي، وَهَذَا فِي الْهِبَةِ، وَأَمَّا إذَا تَصَدَّقَ بِالْكُلِّ عَلَى اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ بَحْرٌ: أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا تَصَدَّقَ بِالْبَعْضِ عَلَى وَاحِدٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا يَأْتِي آخِرَ الْمُتَفَرِّقَاتِ لَكِنْ سَيَأْتِي أَيْضًا أَنَّهُ لَا شُيُوعَ فِي الْأُولَى وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ هُنَا أَحْكَامَ الْمَشَاعِ، وَعَقَدَ لَهَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ تَرْجَمَةً فَرَاجِعْهُ.

[فَائِدَةٌ] مَنْ أَرَادَ أَنْ يَهَبَ نِصْفَ دَارٍ مَشَاعًا يَبِيعُ مِنْهُ نِصْفَ الدَّارِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ يُبْرِيهِ عَنْ الثَّمَنِ بَزَّازِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ: هُوَ الْإِيجَابُ) وَفِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى: إذَا دَفَعَ لِابْنِهِ مَالًا فَتَصَرَّفَ فِيهِ الِابْنُ يَكُونُ لِلْأَبِ إلَّا إذَا دَلَّتْ دَلَالَةُ التَّمْلِيك بِيرِيٌّ.

قُلْت: فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ التَّلَفُّظَ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَا يُشْتَرَطُ، بَلْ تَكْفِي الْقَرَائِنُ الدَّالَّةُ عَلَى التَّمْلِيكِ كَمَنْ دَفَعَ لِفَقِيرٍ شَيْئًا وَقَبَضَهُ، وَلَمْ يَتَلَفَّظْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ، وَكَذَا يَقَعُ فِي الْهِدَايَةِ وَنَحْوِهَا فَاحْفَظْهُ، وَمِثْلُهُ مَا يَدْفَعُهُ لِزَوْجَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ: وَهَبْت مِنْكِ هَذِهِ الْعَيْنَ فَقَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بِحَضْرَةِ الْوَاهِبِ وَلَمْ يَقُلْ: قَبِلْت، صَحَّ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي بَابِ الْهِبَةِ جَارٍ مَجْرَى الرُّكْنِ فَصَارَ كَالْقَبُولِ وَلْوَالِجِيَّةٌ.

وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَلَكٍ عَنْ الْمُحِيطِ: لَوْ كَانَ أَمْرُهُ بِالْقَبْضِ حِينَ وَهَبَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ وَيَجُوزُ قَبْضُهُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَالْقَبُولُ) فِيهِ خِلَافٌ فَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَتَصِحُّ الْهِبَةُ بِكَ وَهَبْت وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْقَبُولَ لَيْسَ بِرُكْنٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا.

وَذَكَرَ الْكَرْمَانِيُّ أَنَّ الْإِيجَابَ فِي الْهِبَةِ عَقْدٌ تَامٌّ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ: أَنَّ الْقَبْضَ كَالْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ، وَلِذَا لَوْ وَهَبَ الدَّيْنَ مِنْ الْغَرِيمِ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى الْقَبُولِ كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ لَكِنْ فِي الْكَافِي وَالتُّحْفَةِ أَنَّهُ رُكْنٌ، وَذَكَرَ فِي الْكَرْمَانِيِّ: أَنَّهَا تَفْتَقِرُ إلَى الْإِيجَابِ لِأَنَّ مِلْكَ الْإِنْسَانِ لَا يُنْقَلُ إلَى الْغَيْرِ بِدُونِ تَمْلِيكِهِ، وَإِلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ إلْزَامُ الْمِلْكِ عَلَى الْغَيْرِ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَهَبَ فَوَهَبَ وَلَمْ يَقْبَلْ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ عَدَمُ إظْهَارِ الْجُودِ وَقَدْ وُجِدَ الْإِظْهَارُ، وَلَعَلَّ الْحَقَّ الْأَوَّلُ فَإِنَّ فِي التَّأْوِيلَاتِ التَّصْرِيحَ بِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَلِذَا قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ وَضَعَ مَالَهُ فِي طَرِيقٍ لِيَكُونَ لَكًّا لِلرَّافِعِ جَازَ اهـ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ قَرِيبًا.

(قَوْلُهُ فَلَوْ شَرَطَهُ) بِأَنْ وَهَبَهُ عَلَى أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ إلَخْ) أَيْ لَا يَصِحُّ خِيَارُ الشَّرْطِ أَيْ لَوْ أَبْرَأَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ، وَيَبْطُلُ الْخِيَارُ مِنَحٌ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ.

(قَوْلُهُ: الْمِزَاحِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>