للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَ) تَصِحُّ (بِقَبُولٍ) أَيْ فِي حَقِّ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمَّا فِي حَقِّ الْوَاهِبِ فَتَصِحُّ بِالْإِيجَابِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ حَتَّى لَوْ حَلَفَ أَنْ يَهَبَ عَبْدَهُ لِفُلَانٍ فَوَهَبَ وَلَمْ يَقْبَلْ بَرَّ وَبِعَكْسِهِ حَنِثَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ

(وَ) تَصِحُّ (بِقَبْضٍ بِلَا إذْنٍ فِي الْمَجْلِسِ) فَإِنَّهُ هُنَا كَالْقَبُولِ فَاخْتُصَّ بِالْمَجْلِسِ (وَبَعْدَهُ بِهِ) أَيْ بَعْدَ الْمَجْلِسِ بِالْإِذْنِ، وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ كَانَ أَمْرُهُ بِالْقَبْضِ حِينَ وَهَبَهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ وَيَجُوزُ الْقَبْضُ بَعْدَهُ (وَالتَّمَكُّنُ مِنْ الْقَبْضِ كَالْقَبْضِ فَلَوْ وَهَبَ لِرَجُلٍ ثِيَابًا فِي صُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الصُّنْدُوقَ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا) لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْقَبْضِ (وَإِنْ مَفْتُوحًا كَانَ قَبْضًا لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ) فَإِنَّهُ كَالتَّخْلِيَةِ فِي الْبَيْعِ اخْتِيَارٌ وَفِي الدُّرَرِ وَالْمُخْتَارُ صِحَّتُهُ بِالتَّخْلِيَةِ فِي صَحِيحِ الْهِبَةِ لَا فَاسِدِهَا وَفِي النُّتَفِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ عَقْدًا لَا تَصِحُّ بِلَا قَبْضٍ (وَلَوْ نَهَاهُ) عَنْ الْقَبْضِ (لَمْ يَصِحَّ) قَبْضُهُ (مُطْلَقًا) وَلَوْ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ الصَّرِيحَ أَقْوَى مِنْ الدَّلَالَةِ

(وَتَتِمُّ) الْهِبَةُ (بِالْقَبْضِ) الْكَامِلِ (وَلَوْ الْمَوْهُوبُ شَاغِلًا لِمِلْكِ الْوَاهِبِ لَا مَشْغُولًا بِهِ) وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمَوْهُوبَ إنْ مَشْغُولًا بِمِلْكِ الْوَاهِبِ مُنِعَ تَمَامَهَا،

ــ

[رد المحتار]

أَقُولُ: قَوْلُهُ: جَعَلْته بِاسْمِك، غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا مَرَّ فَكَيْفَ يَكُونُ مَا هُوَ أَدْنَى رُتْبَةً مِنْهُ أَقْرَبَ إلَى الصِّحَّةِ سَائِحَانِيٌّ.

قُلْت: قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا مَرَّ لَيْسَ خِطَابًا لِابْنِهِ بَلْ لِأَجْنَبِيٍّ، وَمَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ بِقَبُولٍ) أَيْ: وَلَوْ فِعْلًا، وَمِنْهُ: وَهَبْت جَارِيَتِي هَذِهِ لِأَحَدِكُمَا فَلْيَأْخُذْهَا مَنْ شَاءَ فَأَخَذَهَا رَجُلٌ مِنْهُمَا تَكُونُ لَهُ، وَكَانَ أَخْذُهُ قَبُولًا، وَمَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْهِبَةِ الْقَبُولُ مُشْكِلٌ بَحْرٌ.

قُلْت: يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ أَرَادَ بِالْقَبُولِ قَوْلًا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ غَيْرِهِ أَيْضًا وَبِهِ ظَهَرَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِاشْتِرَاطِ الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَقَدَّمَنَا نَظِيرَهُ فِي الْعَارِيَّةِ وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ عَلَى الْبَحْرِ.

نَعَمْ الْقَبُولُ شَرْطٌ لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَيْعِ) فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَحْنَثْ

(قَوْلُهُ: صِحَّتُهُ) أَيْ الْقَبْضِ بِالتَّخْلِيَةِ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْهِبَةِ الصَّحِيحَةِ، فَأَمَّا الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ فَالتَّخْلِيَةُ لَيْسَتْ بِقَبْضٍ اتِّفَاقًا، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْهِبَةِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْقَبْضِ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَفِي النُّتَفِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ) أَحَدُهَا: الْهِبَةُ، وَالثَّانِي: الصَّدَقَةُ، وَالثَّالِثُ: الرَّهْنُ، وَالرَّابِعُ: الْوَقْفُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَابْنِ شُبْرُمَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ.

وَالْخَامِسُ: الْعُمْرَى، وَالسَّادِسُ: النِّحْلَةُ، وَالسَّابِعُ: الْجَنِينُ، وَالثَّامِنُ: الصُّلْحُ، وَالتَّاسِعُ: رَأْسُ الْمَالِ فِي السَّلَمِ، وَالْعَاشِرُ: الْبَدَلُ فِي السَّلَمِ إذَا وُجِدَ بَعْضُهُ زُيُوفًا فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ بَدَلَهَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ بَطَلَ حِصَّتُهَا مِنْ السَّلَمِ.

وَالْحَادِيَ عَشَرَ: الصَّرْفُ.

وَالثَّانِي عَشَرَ: إذَا بَاعَ الْكَيْلِيَّ بِالْكَيْلِيِّ، وَالْجِنْسُ مُخْتَلِفٌ مِثْلَ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ جَارٍ فِيهِ التَّفَاضُلُ لَا النَّسِيئَةُ.

وَالثَّالِثَ عَشَرَ: إذَا بَاعَ الْوَزْنِيَّ بِالْوَزْنِيِّ مُخْتَلِفًا مِثْلَ الْحَدِيدِ بِالصُّفْرِ، أَوْ الصُّفْرِ بِالنُّحَاسِ، أَوْ النُّحَاسِ بِالرَّصَاصِ جَازَ فِيهَا التَّفَاضُلُ لَا النَّسِيئَةُ مِنَحُ الْغَفَّارِ كَذَا فِي الْهَامِشِ.

(قَوْلُهُ: بِالْقَبْضِ) فَيُشْتَرَطُ الْقَبْضُ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَلَوْ كَانَتْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لِلْأَجْنَبِيِّ كَمَا سَبَقَ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: بِالْقَبْضِ الْكَامِلِ) وَكَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَجُلَيْنِ بِقَبْضِ الدَّارِ فَقَبَضَاهَا جَازَ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ مُنِعَ تَمَامَهَا) إذْ الْقَبْضُ شَرْطٌ فُصُولَيْنِ، وَكَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ يُعْطِي أَنَّ هِبَةَ الْمَشْغُولِ فَاسِدَةٌ وَاَلَّذِي فِي الْعِمَادِيَّةِ أَنَّهَا غَيْرُ تَامَّةٍ قَالَ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ كَمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي هِبَةِ الْمَشَاعِ الْمُحْتَمِلِ لِلْقِسْمَةِ، هَلْ هِيَ فَاسِدَةٌ أَوْ غَيْرُ تَامَّةٍ؟ وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الْبِنَايَةِ أَنَّهَا غَيْرُ تَامَّةٍ، فَكَذَلِكَ هُنَا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ، فَأَشَارَ إلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بِمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ عَدَمِ التَّمَامِ، وَإِلَى الثَّانِي مِمَّا ذَكَرَهُ آخِرًا مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ فَتَدَبَّرْ أَبُو السُّعُودِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الضَّابِطَ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الْمَوْهُوبَ إذَا اتَّصَلَ بِمِلْكِ الْوَاهِبِ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ، وَأَمْكَنَ فَصْلُهُ لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ مَا لَمْ يُوجَدْ الِانْفِصَالُ، وَالتَّسْلِيمُ كَمَا إذَا وَهَبَ الزَّرْعَ، أَوْ الثَّمَرَ بِدُونِ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ أَوْ بِالْعَكْسِ، وَإِنْ اتَّصَلَ اتِّصَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>