للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأْرَةٌ وُجِدَتْ فِي قُمْقُمَةٍ وَلَمْ يُدْرَ هَلْ مَاتَتْ فِيهَا أَوْ فِي جَرَّةٍ أَوْ فِي بِئْرٍ يُحْمَلُ عَلَى الْقُمْقُمَةِ. ثَلَاثُ قِرَبٍ مِنْ سَمْنٍ وَعَسَلٍ وَدِبْسٍ أُخِذَ مِنْ كُلٍّ حِصَّةٌ وَخُلِطَ فَوُجِدَ فِيهِ فَأْرَةٌ نَضَعُهَا فِي الشَّمْسِ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا الدُّهْنُ فَسَمْنٌ، وَإِلَّا فَإِنْ بَقِيَ بِحَالِ الْجَمَدِ فَالْعَسَلُ أَوْ مُتَلَطِّخًا فَالدِّبْسُ. يُعْمَلُ بِخَبَرِ الْحُرْمَةِ فِي الذَّبِيحَةِ، وَبِخَبَرِ الْحِلِّ فِي مَاءٍ وَطَعَامٍ. يُتَحَرَّى فِي ثِيَابٍ أَقَلُّهَا طَاهِرٌ وَفِي أَوَانٍ أَكْثَرُهَا طَاهِرٌ لَا أَقَلُّهَا، بَلْ يُحْكَمُ بِالْأَغْلَبِ إلَّا لِضَرُورَةِ شُرْبٍ. يَحْرُمُ أَكْلُ لَحْمٍ أَنْتَنَ لَا نَحْوُ سَمْنٍ وَلَبَنٍ.

ــ

[رد المحتار]

وَعُرِفَ أَنَّهُ صَارَ خَلًّا. وَأَمَّا فِي الْقَطْرَةِ فَإِنَّهَا لَا رَائِحَةَ لَهَا فَلَا يُعْرَفُ التَّغَيُّرُ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي الْحَالِ فَلَا يُحْكَمُ بِحِلِّهِ. قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ يُحَكِّمُ ظَنَّهُ إنْ كَانَ غَالِبُ ظَنِّهِ أَنَّهُ صَارَ خَلًّا طَهُرَ وَإِلَّا فَلَا اهـ

(قَوْلُهُ: فَأْرَةٌ وُجِدَتْ إلَخْ) صُورَتُهُ مَلَأَ جَرَّةً مِنْ بِئْرٍ ثُمَّ مَلَأَ قُمْقُمَةً مِنْ تِلْكَ الْجَرَّةِ ثُمَّ وُجِدَتْ فِي الْقُمْقُمَةِ فَأْرَةٌ، وَفِي نِهَايَةِ الْحَدِيثِ الْقُمْقُمَةُ مَا يُسَخَّنُ فِيهِ الْمَاءُ مِنْ نُحَاسٍ وَغَيْرِهِ وَيَكُونُ ضَيِّقَ الرَّأْسِ. اهـ. (قَوْلُهُ: يُحْمَلُ عَلَى الْقُمْقُمَةِ) هَذَا مِنْ بَابِ الْحَوَادِثِ تُضَافُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ. اهـ. ح. وَفِي الْفَتْحِ: أَخَذَ مِنْ حُبٍّ ثُمَّ مِنْ حُبٍّ آخَرَ مَاءً وَجَعَلَ فِي إنَاءٍ ثُمَّ وَجَدَ فِي الْإِنَاءِ فَأْرَةً، فَإِنْ غَابَ سَاعَةً فَالنَّجَاسَةُ لِلْإِنَاءِ، وَإِلَّا فَإِنْ تَحَرَّى وَوَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى أَحَدِ الْحُبَّيْنِ عَمِلَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ عَلَى شَيْءٍ فَلِلْحُبِّ الْأَخِيرِ، وَهَذَا إذَا كَانَا لِوَاحِدٍ، فَلَوْ لِاثْنَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا يَقُولُ مَا كَانَتْ فِي حُبِّي فَكِلَاهُمَا طَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا الدُّهْنُ) أَيْ: مِنْ جَوْفِهَا، أَوْ الْمُرَادُ مِمَّا يُلَاقِي جِلْدَهَا. (قَوْلُهُ: فَقِرْبَتُهُ) أَيْ: هِيَ النَّجِسَةُ، وَكَذَا يُقَدَّرُ فِيمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا الدُّهْنُ، فَإِنْ بَقِيَ مَا عَلَيْهَا بِحَالِ الْجَمَدِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمِيمِ أَيْ: جَامِدًا فَهُوَ دَلِيلُ أَنَّهُ عَسَلٌ؛ لِأَنَّ الْعَسَلَ إذَا أَصَابَتْهُ الشَّمْسُ تَلَاحَمَتْ أَجْزَاؤُهُ وَتَمَاسَكَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، بِخِلَافِ الدِّبْسِ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ بِحَرَارَةِ الشَّمْسِ أَفَادَهُ ح. بَقِيَ مَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ الْحَالُ بِذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ فِيهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْفَتْحِ. .

(قَوْلُهُ: يُعْمَلُ بِخَبَرِ الْحُرْمَةِ إلَخْ) أَيْ: إذَا أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِأَنَّ هَذَا اللَّحْمَ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ أَوْ مَيْتَةٌ وَعَدْلٌ آخَرُ أَنَّهُ ذَبِيحَةُ مُسْلِمٍ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَهَاتَرَ الْخَبَرَانِ بَقِيَ عَلَى الْحُرْمَةِ الْأَصْلِيَّةِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالذَّكَاةِ، وَلَوْ أَخْبَرَا عَنْ مَاءٍ وَتَهَاتَرَا بَقِيَ عَلَى الطَّهَارَةِ الْأَصْلِيَّةِ. اهـ. إمْدَادٌ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ بَعْدَ التَّهَاتُرِ فِي الصُّورَتَيْنِ لَا يُعْتَبَرُ التَّحَرِّي، وَسَنَذْكُرُ مَا يُخَالِفُهُ فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ قَبْلَ فَصْلِ اللُّبْسِ عَنْ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، فَرَاجِعْهُ هُنَاكَ. (قَوْلُهُ: أَقَلُّهَا طَاهِرٌ) كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ ثَوْبٌ طَاهِرٌ مَعَ ثَوْبَيْنِ نَجِسَيْنِ وَكَذَا بِالْعَكْسِ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: لَا أَقَلُّهَا) مِثْلُهُ التَّسَاوِي فَإِنَّهُ لَا يُتَحَرَّى فِيهِ أَيْضًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ، وَذَكَرَ هُنَاكَ أَنَّ اخْتِلَاطَ الذَّبِيحَةِ الذَّكِيَّةِ وَالْمَيْتَةِ كَحُكْمِ الْأَوَانِي.

ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَ الثِّيَابِ وَالْأَوَانِي كَمَا فِي الْإِمْدَادِ أَنَّ الثَّوْبَ لَا خَلَفَ لَهُ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ، بِخِلَافِ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَإِنَّهُ يَخْلُفُهُ التَّيَمُّمُ. وَأَمَّا فِي حَقِّ الشُّرْبِ فَيُتَحَرَّى مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا خَلَفَ لَهُ، وَلِهَذَا قَالَ إلَّا لِضَرُورَةِ شُرْبٍ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا فِي مَسْأَلَتَيْ الثِّيَابِ وَالْأَوَانِي مُوَافِقٌ لِمَا فِي نُورِ الْإِيضَاحِ وَمَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ، وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ الطَّاهِرُ فِي الْأَوَانِي أَوْ الثِّيَابِ أَوْ الذَّبَائِحِ تَحَرَّى فِي حَالَتَيْ الِاخْتِيَارِ وَالِاضْطِرَارِ اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ، وَإِلَّا فَفِي الِاخْتِيَارِ لَا يَتَحَرَّى فِي الْكُلِّ، وَفِي الِاضْطِرَارِ يَتَحَرَّى فِي الْكُلِّ إلَّا فِي الْأَوَانِي لِغَيْرِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَسَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَّقَ مِنْ نِسَائِهِ امْرَأَةً أَوْ أَعْتَقَ مِنْ إمَائِهِ أَمَةً فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَحَرَّى لِوَطْءٍ وَلَا بَيْعٍ وَإِنْ كَانَتْ الْغِيبَةُ لِلْحَلَالِ، وَتَمَامُهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كِتَابِ التَّحَرِّي فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ أَكْلُ لَحْمٍ أَنْتَنَ) عَزَاهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَى مُشْكِلِ الْآثَارِ لِلطَّحَاوِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>