هِيَ) لُغَةً: اسْمٌ لِلْأُجْرَةِ وَهُوَ مَا يُسْتَحَقُّ عَلَى عَمَلِ الْخَيْرِ وَلِذَا يُدْعَى بِهِ، يُقَالُ أَعْظَمُ اللَّهُ أَجْرَكَ. وَشَرْعًا (تَمْلِيكُ نَفْعٍ) مَقْصُودٍ مِنْ الْعَيْنِ (بِعِوَضٍ) حَتَّى لَوْ اسْتَأْجَرَ ثِيَابًا أَوْ أَوَانِي لِيَتَجَمَّلَ بِهَا أَوْ دَابَّةً لِيَجْنُبَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ دَارًا لَا لِيَسْكُنَهَا أَوْ عَبْدًا أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لَا لِيَسْتَعْمِلَهُ بَلْ لِيَظُنَّ النَّاسُ أَنَّهُ لَهُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ فِي الْكُلِّ، وَلَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ مِنْ الْعَيْنِ بَزَّازِيَّةٌ وَسَيَجِيءُ
(وَكُلُّ مَا صَلُحَ ثَمَنًا) أَيْ بَدَلًا فِي الْبَيْعِ (صَلُحَ أُجْرَةً) لِأَنَّهَا ثَمَنُ الْمَنْفَعَةِ وَلَا يَنْعَكِسُ كُلِّيًّا، فَلَا يُقَالُ مَا لَا يَجُوزُ ثَمَنًا لَا يَجُوزُ أُجْرَةً لِجَوَازِ إجَارَةِ الْمَنْفَعَةِ بِالْمَنْفَعَةِ إذَا اخْتَلَفَا كَمَا سَيَجِيءُ.
(وَتَنْعَقِدُ بِأَعَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا بِكَذَا) ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ بِعِوَضٍ إجَارَةٌ
ــ
[رد المحتار]
مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَنَافِعِ وَلِأَنَّهَا بِلَا عِوَضٍ وَهَذِهِ بِهِ وَالْعَدَمُ مُقَدَّمٌ، ثُمَّ لِلْإِجَارَةِ مُنَاسَبَةٌ خَاصَّةٌ لِفَصْلِ الصَّدَقَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا يَقَعَانِ لَازِمَيْنِ فَلِذَا عَقَّبَهَا بِهَا أَفَادَهُ الطُّورِيُّ (قَوْلُهُ اسْمٌ لِلْأُجْرَةِ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ.
وَفِي اللُّغَةِ الْإِجَارَةُ فِعَالَةٌ اسْمٌ لِلْأُجْرَةِ، وَهِيَ مَا يُعْطَى مِنْ كِرَاءِ الْأَجِيرِ، وَقَدْ أَجَرَهُ: إذَا أَعْطَاهُ أُجْرَتَهُ اهـ.
وَفِي الْعَيْنِيِّ فِعَالَةٌ أَوْ إعَالَةٌ بِحَذْفِ فَاءِ الْفِعْلِ اهـ وَقَدَّمْنَا أَنَّهَا تَكُونُ مَصْدَرًا (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا يُسْتَحَقُّ) ذَكَّرَ الضَّمِيرَ لِعَوْدِهِ عَلَى الْأَجْرِ الْمَفْهُومِ مِنْ ذِكْرِ مُقَابِلِهِ وَهِيَ الْأُجْرَةُ، وَالْأَوْضَحُ الْإِظْهَارُ فَلَا خَلَلَ فِي كَلَامِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ تَمْلِيكٌ) جِنْسٌ يَشْمَلُ بَيْعَ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ جِنْسًا كَمَا يَكُونُ مُدْخِلًا يَكُونُ مُخْرِجًا، فَدَخَلَ بِهِ الْعَارِيَّةُ لِأَنَّهَا تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ وَالنِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ الْبُضْعِ وَلَيْسَ بِمَنْفَعَةٍ وَبِقَوْلِهِ نَفْعٌ تَمْلِيكُ الْعَيْنِ، وَقَوْلُهُ بِعِوَضٍ تَمَامُ التَّعْرِيفِ طُورِيٌّ.
قَالَ فِي الْمِنَحِ: وَهُوَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ، مِنْ قَوْلِهِمْ تَمْلِيكُ نَفْعٍ مَعْلُومٍ بِعِوَضٍ كَذَلِكَ،؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ تَعْرِيفًا لِلْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا لِتَنَاوُلِهِ الْفَاسِدَةَ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَبِالشُّيُوعِ الْأَصْلِيِّ، وَإِنْ كَانَ تَعْرِيفًا لِلْأَعَمِّ لَمْ يَكُنْ تَقْيِيدُ النَّفْعِ وَالْعِوَضِ بِالْمَعْلُومِ صَحِيحًا، وَمَا اُخْتِيرَ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ تَعْرِيفًا لِلْأَعَمِّ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ،؛ لِأَنَّ الَّتِي عَرَّفَهَا أَئِمَّةُ الْمَذْهَبِ الْإِجَارَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ وَالْفَاسِدَةُ ضِدُّهَا فَلَا يَشْمَلُهَا التَّعْرِيفُ: قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: لَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى وَجْهٍ يَنْقَطِعُ بِهِ الْمُنَازَعَةُ بِبَيَانِ الْمُدَّةِ وَالْمَسَافَةِ وَالْعَمَلِ، وَلَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِ الْبَدَلِ اهـ، وَإِلَّا كَانَ الْعَقْدُ عَبَثًا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِعِوَضٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ فَعَادَ إلَى كَلَامِهِمْ، وَتَمَامُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ (قَوْلُهُ مَقْصُودٌ مِنْ الْعَيْنِ) أَيْ فِي الشَّرْعِ وَنَظَرِ الْعُقَلَاءِ، بِخِلَافِ مَا سَيَذْكُرُهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا لِلْمُسْتَأْجِرِ لَكِنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَيْسَ مِنْ الْمَقَاصِدِ الشَّرْعِيَّةِ، وَشَمِلَ مَا يُقْصَدُ وَلَوْ لِغَيْرِهِ لِمَا سَيَأْتِي عَنْ الْبَحْرِ مِنْ جَوَازِ اسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ مَقِيلًا وَمَرَاحًا، فَإِنَّ مَقْصُودَهُ الِاسْتِئْجَارُ لِلزِّرَاعَةِ مَثَلًا، وَيَذْكُرُ ذَلِكَ حِيلَةً لِلُزُومِهَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ زَرْعُهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ أَوَانِيَ) مَنْصُوبٌ بِفَتْحَةٍ ظَاهِرَةٍ عَلَى الْيَاءِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِحَذْفِهَا، وَكَأَنَّهُ مِنْ تَحْرِيفِ النُّسَّاخِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَهُ) أَيْ الدَّارُ أَوْ الْعَبْدُ وَمَا بَعْدَهُ، وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ لِعَطْفِ الْمَذْكُورَاتِ بِأَوْ، وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ سَتَأْتِي مَتْنًا فِي الْبَابِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ) أَيْ وَلَوْ اسْتَعْمَلَهَا فِيمَا ذَكَرَهُ، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْأُجْرَةَ تَجِبُ فِي الْفَاسِدَةِ بِالِانْتِفَاعِ " مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ النَّفْعُ مَقْصُودًا، وَقَيَّدَ فِي الْخُلَاصَةِ عَدَمَ الْأَجْرِ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِقَوْلِهِ إلَّا إذَا كَانَ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ قَدْ يَكُونُ يَسْتَأْجِرُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ اهـ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ
(قَوْلُهُ أَيْ بَدَلًا فِي الْبَيْعِ) فَدَخَلَ فِيهِ الْأَعْيَانُ فَإِنَّهَا تَصْلُحُ بَدَلًا فِي الْمُقَايَضَةِ فَتَصْلُحُ أُجْرَةً (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا ثَمَنُ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ وَهِيَ تَابِعَةٌ لِلْعَيْنِ وَمَا صَلُحَ بَدَلًا عَنْ الْأَصْلِ صَلُحَ بَدَلًا عَنْ التَّبَعِ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْعَكِسُ كُلِّيًّا) قَيَّدَ بِهِ لِيُفْهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعَكْسُ اللُّغَوِيُّ لَا الْمَنْطِقِيُّ وَهُوَ عَكْسُ الْمُوجَبَةِ الْكُلِّيَّةِ بِالْمُوجَبَةِ الْجُزْئِيَّةِ، إذْ يَصِحُّ بَعْضُ مَا صَلُحَ أُجْرَةً صَلُحَ ثَمَنًا (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ فِي آخِرِ بَابِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ
(قَوْلُهُ وَتَنْعَقِدُ بِأَعَرْتُك إلَخْ) وَبِلَفْظِ الصُّلْحِ كَمَا ذَكَرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute