للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْعُرْفُ (فَإِنْ أَفْسَدَهُ) أَيْ الطَّعَامَ (الطَّبَّاخُ أَوْ أَحْرَقَهُ أَوْ لَمْ يُنْضِجْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ) لِلطَّعَامِ، وَلَوْ دَخَلَ بِنَارٍ لِيَخْبِزَ أَوْ لِيَطْبُخَ بِهَا فَوَقَعَتْ مِنْهُ شَرَارَةٌ فَاحْتَرَقَ الْبَيْتُ لَمْ يَضْمَنْ لِلْإِذْنِ، وَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّارِ لَوْ احْتَرَقَ شَيْءٌ مِنْ السُّكَّانِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي جَوْهَرَةٌ

(وَلِ) ضَرْبِ (اللَّبِنِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ) وَقَالَا بَعْدَ تَشْرِيجِهِ: أَيْ جَعْلِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ، وَبِقَوْلِهِمَا يُفْتِي ابْنُ كَمَالٍ مَعْزِيًّا لِلْعُيُونِ، وَهَذَا إذَا ضَرَبَهُ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَوْ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ فَلَا حَتَّى يَعُدَّهُ مَنْصُوبًا عِنْدَهُ وَمُشَرَّجًا عِنْدَهُمَا زَيْلَعِيٌّ. [فُرُوعٌ]

الْمُلْبِنُ عَلَى اللَّبَّانِ، وَالتُّرَابُ عَلَى الْمُسْتَأْجِر، وَإِدْخَالُ الْحِمْلِ الْمَنْزِلَ عَلَى الْحَمَّالِ لَا صَبُّهُ فِي الْجَوَالِقِ أَوْ صُعُودُهُ لِلْغُرْفَةِ إلَّا بِشَرْطٍ؛ وَإِيكَافُ دَابَّةٍ لِلْحَمْلِ عَلَى الْمُكَارِي، وَكَذَا الْحِبَالُ وَالْجَوَالِقُ وَالْحِبْرُ عَلَى الْكَاتِبِ وَاشْتِرَاطُ الْوَرَقِ عَلَيْهِ يُفْسِدُهَا ظَهِيرِيَّةٌ.

(وَمَنْ) كَانَ (لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ كَالصَّبَّاغِ وَالْقَصَّارِ حَبَسَهَا لِأَجْلِ الْأَجْرِ) وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْأَثَرِ عَيْنٌ مَمْلُوكَةٌ لِلْعَامِلِ كَالنِّشَاءِ وَالْغِرَاءِ أَمْ مُجَرَّدُ مَا يُعَايَنُ وَيُرَى؟ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي فَغَاسِلُ الثَّوْبِ وَكَاسِرُ الْفُسْتُقِ وَالْحَطَبِ

ــ

[رد المحتار]

ط مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ لِأَهْلِ بَيْتِهِ) أَيْ بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ ح (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْعُرْفُ) فَمُطْلَقُ الْعَقْدِ يَتَنَاوَلُ الْمُعْتَادَ إذَا لَمْ يُوجَدْ شَرْطٌ بِخِلَافِهِ إتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَهُوَ ضَامِنٌ) وَمُقْتَضَى مَا سَبَقَ فِي الْخُبْزِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَضْمَنَهُ قَبْلَ الطَّبْخِ وَلَا أَجْرَ لَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَلَهُ الْأَجْرُ ط. (قَوْلُهُ لِلْإِذْنِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى الْعَمَلِ إلَّا بِذَلِكَ وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ بَحْرٌ

(قَوْلُهُ وَلِضَرْبِ اللَّبِنِ) هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْبَاءِ وَالْكَسْرُ مَعَ السُّكُونِ لُغَةٌ، وَتَفْسُدُ بِلَا تَعْيِينِ الْمِلْبَنِ مَا لَمْ يَغْلِبْ وَاحِدٌ عُرْفًا أَوْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ قُهُسْتَانِيٌّ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ) ؛ لِأَنَّهَا لِتَسْوِيَةِ الْأَطْرَافِ فَكَانَتْ مِنْ الْعَمَلِ كَشْفٌ وَالْإِقَامَةُ النَّصْبُ بَعْدَ الْجَفَافِ، فَلَوْ ضَرَبَهُ فَأَصَابَهُ مَطَرٌ فَأَفْسَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ عَمِلَ فِي دَارِهِ قُهُسْتَانِيٌّ. (قَوْلُهُ وَقَالَا بَعْدَ تَشْرِيجِهِ) بِالشِّينِ وَالْجِيمِ الْمُعْجَمَتَيْنِ، وَقَوْلُهُمَا اسْتِحْسَانٌ زَيْلَعِيٌّ وَلَعَلَّهُ سَبَبُ كَوْنِهِ الْمُفْتَى بِهِ، لَكِنْ ذَكَرَ الأتقاني أَنَّ دَلِيلَهُمَا ضَعِيفٌ تَأَمَّلْ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا تَلِفَ اللَّبِنُ قَبْلَ التَّشْرِيجِ، فَعِنْدَهُ تَلِفَ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَعِنْدَهُمَا مِنْ مَالِ الْأَجِيرِ، أَمَّا إذَا تَلِفَ قَبْلَ الْإِقَامَةِ فَلَا أَجْرَ إجْمَاعًا. (قَوْلُهُ أَيْ جَعْلِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ) أَيْ بَعْدَ الْجَفَافِ. (قَوْلُهُ حَتَّى يَعُدَّهُ مَنْصُوبًا) عِبَارَةُ الْمُسْتَصْفَى حَتَّى يُسَلِّمَهُ مَنْصُوبًا عِنْدَهُ وَمُشْرَجًا عِنْدَهُ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ وَالْمَبْسُوطِ اهـ، فَلَمْ يَشْتَرِطْ الْعَدَّ وَهُوَ الْأَوْلَى لَوْ سَلَّمَهُ بِغَيْرِ عَدٍّ كَانَ لَهُ الْأَجْرُ كَمَا لَا يَخْفَى بَحْرٌ.

وَذَكَرَ الأتقاني عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ مِثْلَ مَا فِي الْمُسْتَصْفَى، وَفَسَّرَ التَّسْلِيمَ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَبَيْنَ اللَّبِنِ (قَوْلُهُ وَاشْتِرَاطُ الْوَرَقِ عَلَيْهِ يُفْسِدُهَا) أَمَّا اشْتِرَاطُ الْحِبْرِ فَلَا حَمَوِيٌّ

(قَوْلُهُ حَبَسَهَا) فِعْلٌ مَاضٍ أَوْ مَصْدَرٌ مُبْتَدَأٌ ثَانٍ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ: أَيْ لَهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ مَنْ.

بَقِيَ هُنَا إشْكَالٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ كَمَا مَرَّ فَإِذَا حُبِسَ فَلَا تَسْلِيمَ فَلَا مُطَالَبَةَ.

وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ لَهُ الطَّلَبُ إذَا فَرَغَ وَسَلَّمَ مَفْهُومُهُ مُعَطَّلٌ بِالْمَنْطُوقِ هُنَا سَائِحَانِيٌّ، لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا فَائِدَةَ لِذِكْرِ التَّسْلِيمِ، وَقَدْ قَالُوا لَا يَجِبُ الْأَجْرُ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ، فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ قَبْلَهُ سَقَطَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَهُوَ أَثَرُ الْعَمَلِ، بِخِلَافِ مَا لَا أَثَرَ لَهُ فَإِنَّ الْأَجْرَ يَجِبُ كَمَا فَرَغَ، وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْحَبْسِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ الِاسْتِرْدَادَ لِقَوْلِهِ الْآتِي: فَإِنْ حُبِسَ فَضَاعَ فَلَا أَجْرَ مَعَ أَنَّ بِالتَّسْلِيمِ وَجَبَ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ الْحُكْمِيِّ كَعَمَلِهِ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَ لَهُ الْحَبْسُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فَكَيْفَ بَعْدَ الْحَقِيقِيِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ فَائِدَتَهُ عَدَمُ الضَّمَانِ فَقَطْ، إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْحَبْسُ لَضَمِنَ بِالضِّيَاعِ بَعْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي) وَكَذَا صَحَّحَهُ فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ تَبَعًا لِقَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَصَحَّحَ النَّسَفِيّ فِي مُسْتَصْفَاهُ مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ الْأَوَّلَ فَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ، وَيَنْبَغِي

<<  <  ج: ص:  >  >>