للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالزِّيَادَةِ وَبِهَا زَرْعٌ.

وَأَمَّا إذَا زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ أَحَدٌ فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَمَا لَمْ تُفْسَخْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى أَشْبَاهٌ مَعْزِيًّا لِلصُّغْرَى.

قُلْتُ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ الْبِنَاءُ يَتَمَلَّكُهُ النَّاظِرُ إلَخْ أَنَّهُ يَتَمَلَّكُهُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ قَهْرًا عَلَى صَاحِبِهِ، وَهَذَا لَوْ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ وَإِلَّا شُرِطَ رِضَاهُ كَمَا فِي عَامَّةِ الشُّرُوحِ مِنْهَا الْبَحْرُ وَالْمِنَحُ، وَإِنْ صَحَّ فَيُعَوَّلُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا الْمَوْضُوعَةُ لِنَقْلِ الْمَذْهَبِ بِخِلَافِ نُقُولِ الْفَتَاوَى.

ــ

[رد المحتار]

نَعَمْ لَوْ لَمْ يَضُرَّ فَالْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ

(قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا زَادَ إلَخْ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ سَابِقًا وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ أَجْرَ الْمِثْلِ إلَخْ ط، وَقَدْ صُحِّحَ هَذَا الْقَوْلُ بِلَفْظِ الْفَتْوَى وَلَفْظِ الْمُخْتَارِ كَمَا هُنَا وَلَفْظِ الْأَصَحِّ كَمَا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ، فَكَانَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ مَشَى عَلَى خِلَافِهِ فِي الْإِسْعَافِ والتتارخانية وَالْخَانِيَّةِ قَائِلِينَ إنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ يُعْتَبَرُ وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَا تُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ بَعْدَهُ، وَلَكِنْ قَدْ عَلِمْتَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْحَصِيرِيِّ مَا الْمُرَادُ بِالزِّيَادَةِ. (قَوْلُهُ قُلْتُ إلَخْ) أَصْلُ الْبَحْثِ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ ذَكَرَهُ أَوَّلَ الْبَابِ تَحْتَ قَوْلِهِ فَلَوْ آجَرَهَا الْمُتَوَلِّي أَكْثَرَ لَمْ تَصِحَّ. (قَوْلُهُ إنَّهُ يَتَمَلَّكُهُ) أَيْ إنْ أَرَادَ النَّاظِرُ وَإِلَّا فَيَتْرُكُ إلَى أَنْ يَتَلَخَّصَ فَيَأْخُذَهُ مَالِكُهُ. (قَوْلُهُ كَمَا فِي عَامَّةِ الشُّرُوحِ) أَيْ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهِمَا ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي الْبَابِ الْآتِي عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَغْرَمَ لَهُ الْمُؤَجِّرُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَهُوَ مَفْهُومُ عِبَارَاتِ الْمُتُونِ أَيْضًا، وَيَتَنَاوَلُ بِإِطْلَاقِهِ الْمِلْكَ وَالْوَقْفَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نُقُولِ الْفَتَاوَى) مِنْهَا الْمُحِيطُ وَالتَّجْنِيسُ وَالْخَانِيَّةُ وَالْعِمَادِيَّةُ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا إنْ كَانَ يَضُرُّ لَا يَرْفَعُهُ الْمُسْتَأْجِرُ بَلْ إمَّا أَنْ يَرْضَى بِأَنْ يَتَمَلَّكَهُ النَّاظِرُ لِلْوَقْفِ وَإِلَّا يَصْبِرُ إلَى أَنْ يَتَلَخَّصَ مِلْكُهُ؛ لِأَنَّ تَمَلُّكَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ لَا يَجُوزُ، وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ فَتَاوَى مُؤَيَّدْ زَادَهْ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْخِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّ، وَأَصْحَابُ الشُّرُوحِ جَعَلُوا الْخِيَارَ لِلنَّاظِرِ إنْ ضَرَّ وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ، ثُمَّ هَذَا إذَا كَانَ الْبِنَاءُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُتَوَلِّي، فَلَوْ بِإِذْنِهِ فَهُوَ لِلْوَقْفِ وَيَرْجِعُ الْبَانِي عَلَى الْمُتَوَلِّي بِمَا أَنْفَقَ كَمَا فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ إذْنَهُ بِالْبِنَاءِ لِأَجْلِ الْوَقْفِ، فَلَوْ لِنَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ لِلْوَقْفِ كَمَا أَفَادَهُ الْعَلَّامَةُ قنلي زَادَهْ.

أَقُولُ: وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِبْقَاءَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ جَبْرًا إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْوَقْفِ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الشُّرُوحِ وَلِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْفَتَاوَى أَيْضًا، وَلِمَا يَأْتِي عَنْ الْمُتُونِ كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. [تَنْبِيهٌ مُهِمٌّ]

إذَا أَذِنَ الْقَاضِي أَوْ النَّاظِرُ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى الِاحْتِيَاجَ إلَى إذْنِ الْقَاضِي لِلْمُسْتَأْجِرِ بِالْبِنَاءِ لِيَكُونَ دَيْنًا عَلَى الْوَقْفِ حَيْثُ لَا فَاضِلَ مِنْ رِيعِهِ وَهُوَ مَا يُسَمُّونَهُ فِي دِيَارِنَا بِالْمَرْصَدِ فَالْبِنَاءُ يَكُونُ لِلْوَقْفِ فَإِذَا أَرَادَ النَّاظِرُ إخْرَاجَهُ يَدْفَعُ لَهُ مَا صَرَفَهُ فِي الْبِنَاءِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَزِيدُ أَجْرَ الْمِثْلِ بِسَبَبِ الْبِنَاءِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إتْمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَشْبَاهِ أَنَّ الْبِنَاءَ هُنَا لِلْوَقْفِ فَلَمْ يَزِدْ بِسَبَبِ مِلْكِهِ.

ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ التَّصْرِيحَ فِي ضِمْنِ سُؤَالٍ طَوِيلٍ بِلُزُومِ أَجْرِ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ قَبْلَ الْعِمَارَةِ وَبَعْدَهَا وَالرُّجُوعَ بِمَا صَرَفَهُ فَرَاجِعْهُ.

وَالْوَاقِعُ فِي زَمَانِنَا أَنَّهُ يَسْتَأْجِرُ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ بِكَثِيرٍ وَيَدْفَعُ بَعْضَ الْأُجْرَةِ وَيَقْتَطِعُ بَعْضَهَا مِنْ الْعِمَارَةِ.

وَقَدْ يُقَالُ: لِجَوَازِهِ وَجْهٌ.

وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ آخَرُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ وَيَدْفَعَ لِلْأَوَّلِ مَا صَرَفَهُ عَلَى الْعِمَارَةِ لَا يَسْتَأْجِرُهُ إلَّا بِتِلْكَ الْأُجْرَةِ الْقَلِيلَةِ، نَعَمْ لَوْ اسْتَغْنَى الْوَقْفُ وَدَفَعَ النَّاظِرُ مَا لِلْأَوَّلِ فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَسْتَأْجِرُهُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ الْآنَ، فَمَا لَمْ يَدْفَعْ النَّاظِرُ ذَلِكَ تَبْقَى أُجْرَةُ الْمِثْلِ تِلْكَ الْأُجْرَةَ الْقَلِيلَةَ فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْعِمَارَةِ الْمَمْلُوكَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَبَيْنَ هَذِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>