للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَبْطُلُ التَّقْيِيدُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ، بِخِلَافِ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ كَمَا سَيَجِيءُ، وَلَوْ آجَرَ بِأَكْثَرَ تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: إذَا آجَرَهَا بِخِلَافِ الْجِنْسِ أَوْ أَصْلَحَ فِيهَا شَيْئًا، وَلَوْ آجَرَهَا مِنْ الْمُؤَجِّرِ لَا تَصِحُّ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْأَصَحِّ بَحْرٌ مَعْزِيًّا لِلْجَوْهَرَةِ، وَسَيَجِيءُ تَصْحِيحُ خِلَافِهِ فَتَنَبَّهْ.

(وَ) تَصِحُّ إجَارَةُ (أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ مَعَ بَيَانِ مَا يَزْرَعُ فِيهَا، أَوْ قَالَ عَلَى أَنْ أَزْرَعَ فِيهَا مَا أَشَاءُ) كَيْ لَا تَقَعَ الْمُنَازَعَةُ وَإِلَّا فَهِيَ فَاسِدَةٌ لِلْجَهَالَةِ، وَتَنْقَلِبُ صَحِيحَةً بِزَرْعِهَا وَيَجِبُ الْمُسَمَّى وَلِلْمُسْتَأْجِرِ الشِّرْبُ وَالطَّرِيقُ، وَيَزْرَعُ زَرْعَيْنِ رَبِيعًا وَخَرِيفًا وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الزِّرَاعَةُ لِلْحَالِ لِاحْتِيَاجِهَا لِسَقْيٍ أَوْ كَرْيٍ إنْ أَمْكَنَهُ الزِّرَاعَةُ فِي مُدَّةِ الْعَقْدِ جَازَ وَإِلَّا لَا، وَتَمَامُهُ فِي الْقُنْيَةِ.

(آجَرَهَا وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِزَرْعِ غَيْرِهِ

ــ

[رد المحتار]

فَيَنْبَغِي الْأَجْرُ فِيهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ سَائِحَانِيٌّ

١ -

(قَوْلُهُ يُبْطِلُ) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَبْطَلَ، وَيَجُوزُ الْفَتْحُ وَلَكِنْ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَجْعَلَهُ مُسْتَأْنَفًا وَيَقُولُ وَيُبْطِلُ فِيهِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ) كَالرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ. (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَةٍ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْجِنْسِ) أَيْ جِنْسِ مَا اسْتَأْجَرَ بِهِ وَكَذَا إذَا آجَرَ مَعَ مَا اسْتَأْجَرَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ يَجُوزُ أَنْ تُعْقَدَ عَلَيْهِ الْإِجَارَةُ فَإِنَّهُ تَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. (قَوْلُهُ أَوْ أَصْلَحَ فِيهَا شَيْئًا) بِأَنْ جَصَّصَهَا أَوْ فَعَلَ فِيهَا مُسَنَّاةً وَكَذَا كُلُّ عَمَلٍ قَائِمٍ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ بِمُقَابَلَةِ مَا زَادَ مِنْ عِنْدِهِ حَمْلًا لِأَمْرِهِ عَلَى الصَّلَاحِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْكَنْسُ لَيْسَ بِإِصْلَاحٍ وَإِنْ كَرَى النَّهْرَ قَالَ الْخَصَّافُ تَطِيبُ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ أَصْحَابُنَا مُتَرَدِّدُونَ وَبِرَفْعِ التُّرَابِ لَا تَطِيبُ وَإِنْ تَيَسَّرَتْ الزِّرَاعَةُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ بَيْتَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَزَادَ فِي أَحَدِهِمَا يُؤَجِّرُهُمَا بِأَكْثَرَ وَلَوْ صَفْقَتَيْنِ فَلَا خُلَاصَةٌ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ لَا تَصِحُّ) أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَلَوْ تَحَلَّلَ ثَالِثٌ عَلَى الرَّاجِحِ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهَا الْفَتْوَى بَزَّازِيَّةٌ. (قَوْلُهُ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَبِالِاتِّفَاقِ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ، وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ التَّوْفِيقَ هُنَاكَ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

(قَوْلُهُ لِلْجَهَالَةِ) الْمُفْضِيَةِ إلَى الْمُنَازَعَةِ فِي عَقْدِ الْمُعَارَضَةِ، فَإِنَّ مِنْ الزَّرْعِ مَا يَنْفَعُ الْأَرْضَ وَمِنْهُ مَا يَضُرُّهَا. (قَوْلُهُ وَتَنْقَلِبُ صَحِيحَةً بِزَرْعِهَا) أَيْ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ صَارَ مَعْلُومًا بِالِاسْتِعْمَالِ وَصَارَ كَأَنَّ الْجَهَالَةَ لَمْ تَكُنْ زَيْلَعِيٌّ مُخْتَصَرًا.

قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ: يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا عَلِمَ الْمُؤَجِّرُ بِمَا زُرِعَ فَرَضِيَ بِهِ، وَبِمَا إذَا عَلِمَ مَنْ لَبِسَ الثَّوْبَ وَإِلَّا فَالنِّزَاعُ مُمْكِنٌ ط مُخْتَصَرًا (قَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ الشِّرْبُ وَالطَّرِيقُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُمَا، بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تُعْقَدُ لِلِانْتِفَاعِ وَلَا انْتِفَاعَ إلَّا بِهِمَا فَيَدْخُلَانِ تَبَعًا.

وَأَمَّا الْبَيْعُ فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ مِلْكُ الرَّقَبَةِ لَا الِانْتِفَاعُ فِي الْحَالِ حَتَّى جَازَ بَيْعُ الْجَحْشِ وَالْأَرْضِ السَّبِخَةِ دُونَ إجَارَتِهَا مِنَحٌ. (قَوْلُهُ وَيَزْرَعُ زَرْعَيْنِ) قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: لَوْ اسْتَأْجَرَهَا سَنَةً لِزَرْعِ مَا شَاءَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ زَرْعَيْنِ رَبِيعِيًّا وَخَرِيفِيًّا اهـ.

فَأَنْتَ تَرَى أَنَّ هَذِهِ مَفْرُوضَةٌ فِي اسْتِئْجَارِ مُدَّةٍ يُمْكِنُ فِيهَا زَرْعَانِ وَقَدْ أَطْلَقَ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ ط (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْقُنْيَةِ) حَيْثُ قَالَ: كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا فِي الشِّتَاءِ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَلَا يُمْكِنُ زِرَاعَتُهَا فِي الشِّتَاءِ جَازَ لَمَّا أَمْكَنَ فِي الْمُدَّةِ: أَمَّا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهَا أَصْلًا بِأَنْ كَانَتْ سَبِخَةً فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ.

وَفِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِئْجَارِ فِي الشِّتَاءِ يَكُونُ الْأَجْرُ مُقَابَلًا بِكُلِّ الْمُدَّةِ لَا بِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَحَسْبُ، وَقِيلَ بِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ اهـ.

قُلْتُ: وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْفَسْخِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ: لَوْ جَاءَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَزْرَعُ بَعْضَهَا، إنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ كُلَّهَا أَوْ تَرَكَ وَدَفَعَ بِحِسَابِ مَا رَوَى مِنْهَا

(قَوْلُهُ بِزَرْعِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَوْ كَانَ الزَّرْعُ لَهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا وَالْغَيْرُ يَشْمَلُ الْمُؤَجِّرَ وَالْأَجْنَبِيَّ، فَلَوْ كَانَ لِلْمُؤَجِّرِ: أَيْ رَبِّ الْأَرْضِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ الزَّرْعَ مِنْهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَيَتَقَابَضَا

<<  <  ج: ص:  >  >>