للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَافْهَمْ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَا اسْتِثْنَاءَ فَتَنَبَّهْ.

قُلْتُ: وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ فَتَأَمَّلْ

(فَإِنْ آجَرَ دَارِهِ) تَفْرِيعٌ عَلَى جَهَالَةِ الْمُسَمَّى (بِعَبْدٍ مَجْهُولٍ فَسَكَنَ مُدَّةً وَلَمْ يَدْفَعْهُ فَعَلَيْهِ لِلْمُدَّةِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَتُفْسَخُ فِي الْبَاقِي) مِنْ الْمُدَّةِ.

(آجَرَ حَانُوتًا كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا صَحَّ فِي وَاحِدٍ فَقَطْ) وَفَسَدَ فِي الْبَاقِي لِجَهَالَتِهَا، وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى دَخَلَ كُلٌّ فِيمَا لَا يُعْرَفُ مُنْتَهَاهُ تَعَيَّنَ أَدْنَاهُ، وَإِذَا مَضَى الشَّهْرُ فَلِكُلٍّ فَسْخُهَا بِشَرْطِ حُضُورِ الْآخَرِ لِانْتِهَاءِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ (وَفِي كُلِّ شَهْرٍ سَكَنَ فِي أَوَّلِهِ) هُوَ اللَّيْلَةُ الْأُولَى وَيَوْمُهَا عُرْفًا وَبِهِ يُفْتَى (صَحَّ الْعَقْدُ فِيهِ) أَيْضًا، وَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ إخْرَاجُهُ

ــ

[رد المحتار]

يَرْجِعُ إلَى جَهَالَةِ الْمُسَمَّى: أَيْ كَمَا يَرْجِعُ الْأَوَّلُ وَهَذَا عَيْنُ مَا حَمَلْتُ عَلَيْهِ كَلَامَهُ قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ (قَوْلُهُ فَافْهَمْ) لَعَلَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَنِكَاتُ هَذَا الشَّارِحِ الْفَاضِلِ أَدَقُّ مِنْ هَذَا كَمَا يَعْرِفُهُ مَنْ مَارَسَ كَلَامَهُ وَعَلِمَ مَرَامَهُ. (قَوْلُهُ قُلْتُ إلَخْ) هُوَ مَنْقُولٌ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ سَائِحَانِيٌّ.

أَقُولُ: بَلْ تَقَدَّمَ مَتْنًا حَيْثُ قَالَ: مُتَوَلِّي أَرْضِ الْوَقْفِ آجَرَهَا بِغَيْرِ أَجْرٍ الْمِثْلِ يَلْزَمُ مُسْتَأْجِرَهَا تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ.

وَقَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: وَكَذَا حُكْمُ وَصِيٍّ وَأَبٍ اهـ.

وَمِمَّا اسْتَثْنَى مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا بِعَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَسَكَنَ شَهْرًا وَلَمْ يَدْفَعْ الْعَبْدَ حَتَّى أَعْتَقَهُ صَحَّ وَكَانَ عَلَيْهِ لِلشَّهْرِ الْمَاضِي أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَتُنْقَضُ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ لِفَسَادِهَا بِإِعْتَاقِهِ، وَفِيهَا تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: اسْتَأْجَرَهَا عَلَى عَيْنٍ مُسَمَّاةٍ وَسَكَنَ الدَّارَ وَهَلَكَتْ الْعَيْنُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا الْمُسْتَأْجِرُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْإِجَارَاتِ فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ فِيهِ عَلَى الْمُسَمَّى اهـ فَهَذَا الْمُسَمَّى فِيهِ مَعْلُومٌ مُعَيَّنٌ وَوَجَبَ الْأَجْرُ بَالِغًا مَا بَلَغَ

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَدْفَعْهُ) أَمَّا لَوْ عَجَّلَهُ وَقَبِلَهُ الْمُؤَجِّرُ مِنْهُ لَا يُزَادُ بِهِ عَلَيْهِ لِرِضَاهُ وَهَلْ تَنْقَلِبُ صَحِيحَةً يُرَاجَعُ رَحْمَتِيٌّ.

وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى عَدَمِ دَفْعِهِ إذْ هُوَ الْوَاجِبُ لِلْفَسَادِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَهُ إلَخْ

(قَوْلُهُ حَانُوتًا) مِثَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ ثَوْرًا لِيَطْحَنَ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ طُورِيٌّ. (قَوْلُهُ وَفَسَدَ فِي الْبَاقِي) مُقَيَّدٌ بِثَلَاثَةِ أُمُورٍ تُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ بِأَلَّا يَسْكُنَ فِيمَا بَعْدَ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ، وَأَنْ لَا يُعَجِّلَ أُجْرَتَهُ، وَأَنْ لَا يُسَمِّيَ جُمْلَةَ الشُّهُورِ، فَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا صَحَّ فِيهِ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: فَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ أُجْرَةِ الْأَبَدِ لَا يَصِحُّ إلَّا عَنْ شَهْرٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ لِجَهَالَتِهَا) أَيْ الشُّهُورِ. (قَوْلُهُ مَتَى دَخَلَ كُلٌّ) أَيْ لَفْظُ كُلٍّ (قَوْلُهُ فِيمَا لَا يُعْرَفُ مُنْتَهَاهُ) كَالْأَشْهُرِ وَالْأَيَّامِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ " كُلَّ شَهْرٍ " مِثَالٌ، فَمِثْلُهُ " كُلَّ سَنَةٍ " أَوْ يَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ كَمَا أَفَادَهُ الرَّمْلِيُّ. (قَوْلُهُ تَعَيَّنَ أَدْنَاهُ) أَيْ تَعَيَّنَ لِلصِّحَّةِ، إذْ مَا بَعْدَ الْأَوَّلِ دَاخِلٌ تَحْتَ الْعَقْدِ وَلِهَذَا اشْتَرَطَ حُضُورَهُمَا عِنْدَ الْفَسْخِ فَهُوَ فَاسِدٌ لَكِنْ يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِالسُّكْنَى هَكَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ.

ثُمَّ رَأَيْتُ الطُّورِيَّ قَالَ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ صَحَّ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ الْفَسَادُ فِي الْبَاقِي: قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْإِجَارَةَ كُلَّ شَهْرٍ جَائِزَةٌ، وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَيَجُوزُ الْعَقْدُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ خِيَارُ الْفَسْخِ فِي أَوَّلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُ الْمُضَافَةِ اهـ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَالْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ وَفَسَدَ فِي الْبَاقِي، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْفَسَادِ عَدَمُ اللُّزُومِ، وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلْإِفْسَادِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بِشَرْطِ حُضُورِ الْآخَرِ) وَالْحِيلَةُ إذَا غَابَ أَنْ يُؤَجِّرَ مِنْ آخَرَ فَإِذَا انْقَضَى الشَّهْرُ صَحَّ لِلْآخَرِ فِي الثَّانِي وَانْفَسَخَ الْأَوَّلُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الصَّرِيحِ سَائِحَانِيٌّ، وَقَدَّمَ الشَّارِحُ ذَلِكَ قُبَيْلَ هَذَا الْبَابِ. (قَوْلُهُ وَبِهِ يُفْتَى) وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.

وَذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ سَاعَةٌ مِنْ أَوَّلِهِ، وَعَلَيْهِ مَشَى الْقُدُورِيُّ وَصَاحِبُ الْكَنْزِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَفِيهِ حَرَجٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>