«؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دَخَلَ حَمَّامَ الْجُحْفَةِ» وَلِلْعُرْفِ. وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ» .
قُلْتُ: وَالْمَعْرُوفُ وَقْفُهُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ (وَ) جَازَ (بِنَاؤُهُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) هُوَ الصَّحِيحُ لِلْحَاجَةِ، بَلْ حَاجَتُهُنَّ أَكْثَرُ لِكَثْرَةِ أَسْبَابِ اغْتِسَالِهِنَّ، وَكَرَاهَةُ عُثْمَانَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا فِيهِ كَشْفُ عَوْرَةٍ زَيْلَعِيٌّ. وَفِي إحْكَامَاتِ الْأَشْبَاهِ: وَيُكْرَهُ لَهَا دُخُولُ الْحَمَّامِ فِي قَوْلٍ، وَقِيلَ إلَّا لِمَرِيضَةٍ أَوْ نُفَسَاءَ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنْ لَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا.
قُلْتُ: وَفِي زَمَانِنَا لَا شَكَّ فِي الْكَرَاهَةِ لِتَحَقُّقِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَقَدْ مَرَّ فِي النَّفَقَةِ (وَالْحَجَّامِ) «؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - احْتَجَمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أُجْرَتَهُ» وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ كَسْبِهِ مَنْسُوخٌ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ فِي حَدِيثِ دُخُولِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْحَمَّامَ، وَحَدِيثِ «مَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حَسَنًا» (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دَخَلَ حَمَّامَ الْجُحْفَةِ) قَالَ مُنْلَا عَلَيَّ الْقَارِيّ: ذَكَرَ الدَّمِيرِيِّ وَالنَّوَوِيُّ أَنَّهُ ضَعِيفٌ جِدًّا، فَقَوْلُ شَيْخِنَا ابْنِ حَجَرٍ الْمَكِّيِّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ إنَّهُ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ الْحُفَّاظِ وَإِنْ وَقَعَ فِي كَلَامِ الدَّمِيرِيِّ وَغَيْرِهِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ اهـ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ وَلِلْعُرْفِ) ؛ لِأَنَّ النَّاسَ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ يَدْفَعُونَ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مِقْدَارُ مَا يَسْتَعْمِلُ مِنْ الْمَاءِ وَلَا مِقْدَارُ الْقُعُودِ، فَدَلَّ إجْمَاعُهُمْ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ يَأْبَاهُ لِوُرُودِهِ عَلَى إتْلَافِ الْعَيْنِ مَعَ الْجَهَالَةِ إتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ) وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي وَائِلٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «إنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاخْتَارَ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاخْتَارَ أَصْحَابَنَا فَجَعَلَهُمْ أَنْصَارَ دِينِهِ وَوُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، فَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ قَبِيحًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ قَبِيحٌ» وَهُوَ مَوْقُوفٌ حَسَنٌ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالطَّيَالِسِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ الْحِلْيَةِ اهـ مِنْ الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ ط (قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ) وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ كَرِهَهُ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُقْبَةَ أَنَّهُ قَالَ: «قَدِمْتُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَسَأَلَنِي عَنْ مَالِي فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ لِي غِلْمَانًا وَحَمَّامًا لَهُ غَلَّةٌ فَكَرِهَ لِي غَلَّةَ الْحَجَّامِينَ وَغَلَّةَ الْحَمَّامِ وَقَالَ: إنَّهُ بَيْتُ الشَّيَاطِينِ، وَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرَّ بَيْتٍ» فَإِنَّهُ تُكْشَفُ فِيهِ الْعَوْرَاتُ وَتُصَبُّ الْغُسَالَاتُ وَالنَّجَاسَاتُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَلَ بَيْنَ حَمَّامِ الرِّجَالِ وَحَمَّامِ النِّسَاءِ زَيْلَعِيٌّ. (قَوْلُهُ لِكَثْرَةِ أَسْبَابِ اغْتِسَالِهِنَّ) أَيْ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةِ، وَاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْبَارِدِ قَدْ يَضُرُّ وَقَدْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِيعَابِ بِهِ وَإِزَالَةِ الْوَسَخِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَّا لِمَرِيضَةٍ أَوْ نُفَسَاءَ) رُوِيَ فِي السُّنَنِ مُسْنَدًا إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّهَا سَتُفْتَحُ لَكُمْ أَرْضُ الْعَجَمِ وَسَتَجِدُونَ فِيهَا بُيُوتًا يُقَالُ لَهَا الْحَمَّامَاتُ فَلَا يَدْخُلُهَا الرِّجَالُ إلَّا بِالْإِزَارِ وَامْنَعُوهَا النِّسَاءَ إلَّا مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ» إتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ قُلْتُ إلَخْ) قَائِلُهُ ابْنُ الْهُمَامِ.
أَقُولُ: وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِحَمَّامِ النِّسَاءِ، فَإِنَّ فِي دِيَارِنَا كَشْفَ الْعَوْرَةِ الْخَفِيفَةِ أَوْ الْغَلِيظَةِ مُتَحَقِّقٌ مِنْ فَسَقَةِ الْعَوَامّ الرِّجَالِ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي التَّفْصِيلُ، وَهُوَ إنْ كَانَ الدَّاخِلُ يَغُضُّ بَصَرَهُ بِحَيْثُ لَا يَرَى عَوْرَةَ أَحَدٍ وَلَا يَكْشِفُ عَوْرَتَهُ لِأَحَدٍ فَلَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا، وَإِلَّا فَالْكَرَاهَةُ فِي دُخُولِ الْفَرِيقَيْنِ حَيْثُ كَانَتْ الْعِلَّةُ مَا ذُكِرَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - احْتَجَمَ إلَخْ) رَوَى الْبُخَارِيُّ مُسْنِدًا إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «احْتَجَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ» وَلَوْ عَلِمَ كَرَاهِيَةً لَمْ يُعْطِهِ وَفِي رِوَايَةِ السُّنَنِ وَلَوْ عَلِمَهُ خَبِيثًا لَمْ يُعْطِهِ إتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَحَدِيثُ النَّهْيِ) وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ السُّنَنِ بِإِسْنَادِهِ إلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ» إتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ مَنْسُوخٌ) أَيْ بِمَا رُوِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute