مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ لِلْوَكِيلِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ. وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو طَاهِرٍ مِنْ أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْكَنْزِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْبَحْرِ لَا يَسْتَقِيمُ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ اهـ.
قُلْتُ: وَتَعَقَّبَهُ شَيْخُنَا بِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ أَيْضًا لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى عَدَمِ عِتْقِ قَرِيبِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَالْمُوجِبُ لِلْعِتْقِ وَالْفَسَادِ الْمِلْكُ الْمُسْتَقِرُّ. ثُمَّ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالنَّقْلُ بِهِ مُسْتَفِيضٌ اهـ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَوَصِيٍّ) وَأَبٍ وَجَدٍّ وَقَاضٍ (وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ) لِبَقَاءِ الْمُسْتَحَقِّ لَهُ وَالْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ، حَتَّى لَوْ مَاتَ الْمَعْقُودُ لَهُ بَطَلَتْ دُرَرٌ، إلَّا إذَا كَانَ مُتَوَلِّي وَقْفٍ خَاصٍّ بِهِ وَجَمِيعُ غَلَّاتِهِ لَهُ كَمَا فِي وَقْفِ الْأَشْبَاهِ مُعَزِّيًا لِلْوَهْبَانِيَّةِ. قَالَ: وَإِطْلَاقُ الْمُتُونِ بِخِلَافِهِ.
قُلْتُ: وَبِإِطْلَاقِ الْمُتُونِ أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ، فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ بَعْدَ أَرْبَعِ أَوْرَاقٍ: لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ مُؤَجِّرِ الْوَقْفِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ فِيمَا إذَا آجَرَهَا الْوَاقِفُ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ مَاتَ لِبُطْلَانِ الْوَقْفِ بِرِدَّتِهِ، وَفِيمَا إذَا آجَرَ أَرْضَهُ ثُمَّ وَقَفَهَا عَلَى مُعَيَّنٍ ثُمَّ مَاتَ
ــ
[رد المحتار]
لَوْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ وَلَوْ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَسَيَذْكُرُهُ أَيْضًا فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ وَقَدَّمْنَا بَيَانَهُ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْحَمَوِيِّ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ: بَيْنَ فَاسِدِ هَذِهِ الْعُقُودِ وَصَحِيحِهَا فَرْقٌ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ مَا إذَا وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ أَوْ الْبَيْعُ بِدَيْنٍ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْآجِرِ أَوْ الْبَائِعِ ثُمَّ فَسَخَا الْعَقْدَ وَكَانَ فَاسِدًا لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَلَا يَكُونُ أَوْلَى بِهَا فِي سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا وَالرَّهْنُ الْفَاسِدُ كَالصَّحِيحِ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ لَكِنْ إذَا لَحِقَ الدَّيْنَ الرَّهْنُ الْفَاسِدُ، أَمَّا لَوْ سَبَقَ الدَّيْنُ ثُمَّ تَفَاسَخَا بَعْدَ قَبْضِهِ فَلَيْسَ أَحَقُّ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ الْحَبْسُ اهـ مُلَخَّصًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى عَدَمِ عِتْقِ قَرِيبِ الْوَكِيلِ) أَيْ لَوْ اشْتَرَاهُ، وَتَمَامُ عِبَارَةِ شَيْخِهِ الرَّمْلِيِّ: وَعَدَمُ فَسَادِ نِكَاحِهَا لَوْ اشْتَرَاهَا. (قَوْلُهُ وَالْفَسَادِ) أَيْ فَسَادِ النِّكَاحِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى بِالْوَكَالَةِ امْرَأَتَهُ مِنْ سَيِّدِهَا. (قَوْلُهُ بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ) أَيْ الْوَكِيلِ الْمُسْتَأْجِرِ ح. (قَوْلُهُ وَالنَّقْلُ بِهِ مُسْتَفِيضٌ) قَالَ السَّائِحَانِيُّ: فَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ طَرَفِ الْمُؤَجِّرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ اهـ.
قُلْتُ: وَمِثْلُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي التتارخانية: كُلُّ مَنْ وَقَعَ لَهُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ إذَا مَاتَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ، وَمَنْ لَمْ يَقَعْ الْعَقْدُ لَهُ لَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ وَإِنْ كَانَ عَاقِدًا يُرِيدُ الْوَكِيلَ وَالْوَصِيَّ، وَكَذَا الْمُتَوَلِّي فِي الْوَقْفِ اهـ
(قَوْلُهُ لِبَقَاءِ الْمُسْتَحَقِّ لَهُ) عِبَارَةُ الدُّرَرِ وَالْمِنَحِ: لِبَقَاءِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَحِقِّ اهـ. وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ الْمُسْتَأْجِرُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ، وَبِالثَّانِي أَهْلُ الْوَقْفِ وَنَحْوُهُمْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ قُلْتُ وَإِطْلَاقُ الْمُتُونِ بِخِلَافِهِ) ذَكَرَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ صَاحِبُ الْأَشْبَاهِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَالَ بَدَلٌ قُلْتُ وَضَمِيرُهُ لِصَاحِبِ الْأَشْبَاهِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْبَرِّ: وَاَلَّذِي فِي غَالِبِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ يَقْتَضِي عَدَمَ بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ فِي الْوَقْفِ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ سَوَاءٌ الْوَاقِفُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْقَيِّمِ وَالْوَصِيِّ وَالْقَاضِي، وَذَلِكَ مُقْتَضَى تَعْلِيلَاتِهِمْ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا كَانَ نَاظِرًا لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِجَمِيعِ الرِّيعِ إذْ لَا مِلْكَ لَهُ فِي الرَّقَبَةِ وَإِنَّمَا حَقُّهُ فِي الْغَلَّةِ، وَذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ ط. (قَوْلُهُ أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ) حَيْثُ قَالَ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ النَّاظِرِ الْمُؤَجِّرِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ بِانْفِرَادِهِ. (قَوْلُهُ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ) الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ بَطَلَ بِالرِّدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّعْلِيلِ وَصَارَتْ مِيرَاثًا بِالْمَوْتِ فَتَأَمَّلْ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِمَا قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ: إنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ وَقْفٌ أُوجِرَ وَهَذَا مُؤَجِّرُ مِلْكٍ لَا وَقْفٍ. (قَوْلُهُ عَلَى مُعَيَّنٍ) الَّذِي فِي مُعَايَاةِ الْوَهْبَانِيَّةِ وَشَرْحِهَا عَلَى غَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute