للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتَشْكَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ.

(وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أَمَةً شِرَاءً يُنْظَرُ فَاسِدًا فَوَطِئَهَا ثُمَّ رَدَّهَا لِلْفَسَادِ) لِشِرَائِهَا (أَوْ) شَرَاهَا (صَحِيحًا فَاسْتُحِقَّتْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعُقْرُ فِي حَالَةِ الْكِتَابَةِ) قَبْلَ عِتْقِهِ لِدُخُولِهِ فِي كِتَابَتِهِ، لِأَنَّ الْإِذْنَ بِالشِّرَاءِ إذْنٌ بِالْوَطْءِ (وَلَوْ)

ــ

[رد المحتار]

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَغْرُورَ خَاصٌّ بِالْحُرِّ، وَلَا يُمْكِنُ قِيَاسُ الرَّقِيقِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا مُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالْقِيمَةِ حَالًا كَالْحُرِّ فَيَلْزَمُ ضَرَرُ الْمُسْتَحَقِّ

(قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ) حَيْثُ قَالَ: وَهَذَا مُشْكِلٌ جِدًّا، فَإِنَّ دَيْنَ الْعَبْدِ إذَا لَزِمَهُ بِسَبَبٍ أَذِنَ فِيهِ الْمَوْلَى يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَيُطَالَبُ بِهِ لِلْحَالِ؛ وَالْمَوْضُوعُ هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ هَذَا إذَا كَانَ التَّزَوُّجُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ الدَّيْنُ فِيهِ فِي حَقِّ الْمَوْلَى فَلَا يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَلَا قِيمَةُ الْوَلَدِ فِي الْحَالِ، وَتَشْهَدُ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي تَلِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِهَذَا الْمَعْنَى. وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ اسْتِشْكَالٌ لِقَوْلِهِ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِتَأَخُّرِ الْمُطَالَبَةِ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ مَعَ إذْنِ الْمَوْلَى بِالنِّكَاحِ لَا لِتَخْصِيصِهِمَا الْمَغْرُورَ بِالْحُرِّ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ. وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ إذْنَ الْمَوْلَى هُنَا لَيْسَ سَبَبًا لِحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ أَوْ رَقَبَتِهِ وَإِنَّمَا سَبَبُهَا حُرِّيَّةُ الْأُمِّ أَوْ شَرْطُ كَوْنِ الْوَلَدِ حُرًّا فِي الزَّوْجِ الْحُرِّ فَلَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّهِ فَلَمْ يُطَالَبْ بِهِ فِي الْحَالِ. وَنَقَلَ ط عَنْ الرَّازِيّ نَحْوَهُ، وَعَنْ الْوَانِيِّ أَنَّ الْإِذْنَ بِالشَّيْءِ إنَّمَا يَكُونُ إذْنًا بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إذَا كَانَ مِنْ لَوَازِمِهِ وَالْوَطْءُ لَيْسَ كَذَلِكَ اهـ فَتَأَمَّلْ. وَأَجَابَ الطُّورِيُّ بِأَنَّ الْمُكَاتَبَ وَالْمَأْذُونَ أَعْطَيْنَاهُمَا حُكْمَ الْأَحْرَارِ وَلَمْ يَتَضَمَّنْ مَا أَذِنَ فِيهِ الْمَوْلَى النِّكَاحَ وَتُوقَفُ صِحَّتُهُ عَلَى الْإِذْنِ لِلْحِلِّ لَا لِيَضْمَنَ ذَلِكَ الْمَوْلَى، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ الْآتِيَةِ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِيهَا تَنَاوَلَ الْفَاسِدَ فَافْتَرَقَا اهـ. وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ الْكُلِّ فَتَأَمَّلْ.

هَذَا وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْمِعْرَاجِ وَالْكِفَايَةِ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَوْ نَكَحَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى لَزِمَ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَالْمَهْرُ فِي الْحَالِ وَإِلَّا فَبَعْدَ الْعِتْقِ، وَقَدْ مَرَّ أَيْضًا. فَاسْتِشْكَالُ الزَّيْلَعِيِّ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الِاسْتِدْلَالِ مُوَافِقٌ لِلْمَنْقُولِ عَنْ مُحَمَّدٍ، فَتَأَخُّرُ الْمُطَالَبَةِ الْمَذْكُورُ فِي الِاسْتِدْلَالِ خَاصٌّ بِمَا إذَا كَانَ بِلَا إذْنٍ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ، نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ وَلِذَا حَذَفَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَاسْتَغْنَى بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ

(قَوْلُهُ فَوَطِئَهَا) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى هِدَايَةٌ، أَمَّا بِإِذْنِهِ فَبِالْأَوْلَى مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ لِشِرَائِهَا) الْأَوْلَى حَذْفُهُ كَمَا فِي عِبَارَةِ الدُّرَرِ (قَوْلُهُ أَوْ شَرَاهَا صَحِيحًا) اعْتَرَضَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ يَمْنَعُ صِحَّةَ الشِّرَاءِ اهـ فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى عِبَارَةِ الْمَتْنِ وَإِنْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِالصِّحَّةِ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ لِدُخُولِهِ فِي كِتَابَتِهِ) أَيْ لِدُخُولِ الْعُقْرِ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: لِأَنَّ التِّجَارَةَ وَتَوَابِعَهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ الْكِتَابَةِ وَهَذَا الْعُقْرُ مِنْ تَوَابِعِهَا، أَوْ لِدُخُولِ الشِّرَاءِ وَلَوْ فَاسِدًا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَنْتَظِمُهُ بِنَوْعَيْهِ كَالتَّوْكِيلِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ أَيْضًا، أَوْ لِدُخُولِ الْمَذْكُورِ مِنْ الشِّرَاءِ مُطْلَقًا وَالْعُقْرُ وَهُوَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِالشِّرَاءِ إذْنٌ بِالْوَطْءِ) أَخَذَهُ مِنْ الدُّرَرِ حَيْثُ قَالَ فِيهَا: قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ الْعُقْرَ يَثْبُتُ بِالْوَطْءِ لَا بِالشِّرَاءِ وَالْإِذْنُ بِالشِّرَاءِ لَيْسَ إذْنًا بِالْوَطْءِ وَالْوَطْءُ لَيْسَ مِنْ التِّجَارَةِ فِي شَيْءٍ فَلَا يَكُونُ ثَابِتًا فِي حَقِّ الْمَوْلَى.

أَقُولُ: جَوَابُهُ أَنَّا سَلَّمْنَا أَنَّ الْعُقْرَ ثَبَتَ بِالْوَطْءِ لَا بِالشِّرَاءِ ابْتِدَاءً لَكِنَّ الْوَطْءَ مُسْتَنِدٌ إلَى الشِّرَاءِ إذْ لَوْلَاهُ لَكَانَ الْوَطْءُ حَرَامًا بِلَا شُبْهَةٍ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْعُقْرُ وَيَجِبُ الْحَدُّ فَيَكُونُ الْإِذْنُ بِالشِّرَاءِ إذْنًا بِالْوَطْءِ وَالْوَطْءُ نَفْسُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ التِّجَارَةِ لَكِنَّ الشِّرَاءَ مِنْهَا فَيَكُونُ ثَابِتًا فِي حَقِّ الْمَوْلَى اهـ.

قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: قَوْلُهُ فَيَكُونُ الْإِذْنُ بِالشِّرَاءِ إذْنًا بِالْوَطْءِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فَكَانَ يَنْبَغِي تَرْكُهُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ يُوَضِّحُهُ مَا فِي الْعِنَايَةِ: الْكِتَابَةُ أَوْجَبَتْ الشِّرَاءَ وَالشِّرَاءُ أَوْجَبَ سُقُوطَ الْحَدِّ وَسُقُوطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>