للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ) أَيْ الْمُكَاتَبُ (وَابْنُهُ) الْكَبِيرُ (مُكَاتَبَيْنِ كِتَابَةً وَاحِدَةً) لِصَيْرُورَتِهِمَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ ضَرُورَةَ اتِّحَادِ الْعَقْدِ.

(فَإِنْ تَرَكَ) الْمُكَاتَبُ (وَلَدًا مِنْ حُرَّةٍ) أَيْ مُعْتَقَةٍ (وَتَرَكَ دَيْنًا يَفِي بِبَدَلِهَا فَجَنَى الْوَلَدُ فَقُضِيَ بِهِ) بِمَا جَنَى (عَلَى عَاقِلَةِ أُمِّهِ) ضَرُورَةَ أَنَّ الْأَبَ لَمْ يَعْتِقْ بَعْدُ (لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ) الْقَضَاءُ (تَعْجِيزًا لِأَبِيهِ) لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ وَلَا رُجُوعَ،

ــ

[رد المحتار]

مَاتَ وَعَزَاهُ لِلتَّبْيِينِ وَالْعِنَايَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْبَدَائِعِ: إذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ مِنْ غَيْرِ مَالٍ يُقَالُ لِلْوَلَدِ الْمُشْتَرَى وَلِلْوَالِدَيْنِ إمَّا أَنْ تُؤَدُّوا الْكِتَابَةَ حَالًا وَإِلَّا رَدَدْنَاكُمْ فِي الرِّقِّ، بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ اهـ، لَكِنْ تَنْتَفِي الْمُخَالَفَةُ بِحَمْلِ مَا فِي الْبَدَائِعِ عَلَى قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ: وَيُحْمَلُ غَيْرُهُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ، وَسَنَذْكُرُهُ اهـ كَلَامُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ، ثُمَّ نَقَلَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الْوَالِدَيْنِ لَيْسَا كَالْوَلَدِ فَيُبَاعَانِ كَسَائِرِ أَكْسَابِهِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَعِنْدَهُمَا إذَا تَرَكَ وَلَدًا مُشْتَرًى أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا يَسْعَى عَلَى نُجُومِ الْمُكَاتَبِ كَالْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ اهـ. فَحَمْلُهُ مَا فِي الْبَدَائِعِ - مِنْ أَنَّ الْوَالِدَيْنِ كَالْمُشْتَرَى فِي الْكِتَابَةِ عَلَى قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ - هُوَ عَيْنُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ مَا فِي الْبَدَائِعِ هُوَ رِوَايَةُ الْإِمْلَاءِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة، وَمَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ فِي الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ مِنْ كَلَامِ مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ لَا يُفِيدُهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، فَإِنَّهُ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْأَبَوَيْنِ عِنْدَهُمَا كَالْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ لَا كَالْمُشْتَرَى.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَالِدَيْنِ وَالْوَلَدَ الْمُشْتَرَى فِي الْكِتَابَةِ وَكَذَا كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ اُشْتُرِيَ فِيهَا يَسْعَوْنَ عَلَى نُجُومِ الْمُكَاتَبِ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ كَالْمَوْلُودِ فِيهَا بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ الْجَمِيعِ. وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَلِكُلٍّ حُكْمٌ يَخُصُّهُ بَيَّنَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ سِوَى الْمَحَارِمِ لِعَدَمِ دُخُولِهِمْ عِنْدَهُ فِي كِتَابَتِهِ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ، وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ. وَعَلَى رِوَايَةِ الْإِمْلَاءِ: الْوَالِدَانِ كَالْوَلَدِ الْمُشْتَرَى عِنْدَهُ، وَهِيَ مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْبَدَائِعِ، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ بِعَوْنِ الْمَلِكِ الْقَدِيرِ.

(قَوْلُهُ: وَابْنُهُ الْكَبِيرُ) التَّقْيِيدُ بِالْكَبِيرِ خَطَأٌ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ الْغُرَرِ حَيْثُ قَالَ: أَوْ كُوتِبَ هُوَ وَابْنُهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا بِمَرَّةٍ ح.

أَقُولُ: وَعَلَّلَهُ ابْنُ الْكَمَالِ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّ الصَّغِيرَ يَتْبَعُهُ، وَهُوَ مَعَ الْكَبِيرِ جُعِلَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ اهـ فَلَمَّا كَانَ الصَّغِيرُ تَابِعًا لَهُ قُيِّدَ بِالْكَبِيرِ لِتَظْهَرَ الْفَائِدَةُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كِتَابَةً وَاحِدَةً) فَلَوْ كُلٌّ عَلَى حِدَةٍ فَلَا يَرِثُ لِأَنَّهُ يَمُوتُ وَالْوَلَدُ مُكَاتَبٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ مُعْتَقَةٍ) فَسَّرَ الْحُرَّةَ بِذَلِكَ، أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ قَضَى بِهِ: أَيْ بِالْوَلَاءِ لِقَوْمِ أُمِّهِ فَإِنَّ حُرَّةَ الْأَصْلِ لَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَى وَلَدِهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ قُبَيْلَ فَصْلِ وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ. (قَوْلُهُ: ضَرُورَةَ أَنَّ الْأَبَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْقَضَاءِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ ح. (قَوْلُهُ: لَمْ يَعْتِقْ بَعْدُ) لِأَنَّهُ - وَإِنْ تَرَكَ مَالًا وَهُوَ الدَّيْنُ - لَا يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ إلَّا عِنْدَ الْأَدَاءِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ) أَيْ لِعَدَمِ مُنَافَاةِ الْقَضَاءِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ لِلْكِتَابَةِ، بَلْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: إنَّ هَذَا الْقَضَاءَ يُقَرِّرُ حُكْمَ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ مِنْ قَضِيَّتِهَا إلْحَاقَ الْوَلَدِ بِمَوَالِي الْأُمِّ وَإِيجَابَ الْعَقْلِ عَلَيْهِمْ، لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَعْتِقَ فَيُنَجَّزَ الْوَلَاءُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ، وَالْقَضَاءُ بِمَا يُقَرَّرُ حُكْمُهُ لَا يَكُونُ تَعْجِيزًا. (قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ) فِيهِ طَيٌّ وَالتَّقْدِيرُ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ: فَإِنْ خَرَجَ الدَّيْنُ وَأُدِّيَتْ الْكِتَابَةُ رَجَعَ وَلَاءُ الْوَلَدِ إلَى مَوَالِي الْأَبِ وَلَا رُجُوعَ لِمَوَالِي الْأُمِّ بِمَا عَقَلُوا عَنْهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ اهـ لَكِنْ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الطُّورِيِّ: وَكَانُوا مُضْطَرِّينَ فِيمَا عَقَلُوا فَلَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَى مَوَالِي الْأَبِ اهـ. نَعَمْ ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ تَفْصِيلًا يَدْفَعُ الْمُخَالَفَةَ، وَهُوَ أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ بِمَا عَقَلُوا مِنْ جِنَايَةِ الْوَلَدِ فِي حَيَاةِ الْمُكَاتَبِ عَلَى مَوَالِي الْأَبِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا حُكِمَ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ فَلَا يَسْتَنِدُ عِتْقُهُ إلَى أَوَّلِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ، أَمَّا لَوْ عَقَلُوا عَنْ جِنَايَتِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ قَبْلَ أَدَاءِ الْبَدَلِ رَجَعُوا لِأَنَّ عِتْقَ الْأَبِ اسْتَنَدَ إلَى حَالِ حَيَاتِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ وَلَاءَهُ كَانَ لِمَوَالِي الْأَبِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَمَوَالِي الْأُمِّ كَانُوا مَجْبُورِينَ عَلَى الْأَدَاءِ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>