للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهِيَ الْوُسْطَى عَلَى الْمَذْهَبِ

(وَ) وَقْتُ (الْمَغْرِبِ مِنْهُ إلَى) غُرُوبِ (الشَّفَقِ وَهُوَ الْحُمْرَةُ) عِنْدَهُمَا، وَبِهِ قَالَتْ الثَّلَاثَةُ وَإِلَيْهِ رَجَعَ الْإِمَامُ كَمَا فِي شُرُوحِ الْمَجْمَعِ وَغَيْرِهَا، فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبَ.

(وَ) وَقْتُ (الْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ مِنْهُ إلَى الصُّبْحِ، وَ) لَكِنْ

ــ

[رد المحتار]

وَعِيَاضٌ، وَأَخْرَجَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ، وَأَخْطَأَ مَنْ جَعَلَهُ مَوْضُوعًا كَابْنِ الْجَوْزِيِّ وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ اهـ قَالَ ح: كَأَنَّهُ نَظِيرُ الْمَيِّتِ إذَا أَحْيَاهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ فِي أَيْدِي وَرَثَتِهِ فَيُعْطَى لَهُ حُكْمُ الْأَحْيَاءِ، وَانْظُرْ هَلْ هَذَا شَامِلٌ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا الَّذِي هُوَ مِنْ الْعَلَامَاتِ الْكُبْرَى لِلسَّاعَةِ؟ . اهـ. قَالَ ط: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعْطَى هَذَا الْحُكْمَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا أُعِيدَتْ فِي آنِ غُرُوبِهَا كَمَا هُوَ وَاقِعَةُ الْحَدِيثِ، أَمَّا طُلُوعُهَا مِنْ مَغْرِبِهَا فَهُوَ بَعْدَ مُضِيِّ اللَّيْلِ بِتَمَامِهِ. اهـ.

قُلْت: عَلَى أَنَّ الشَّيْخَ إسْمَاعِيلَ رَدَّ مَا بَحَثَهُ فِي النَّهْرِ تَبَعًا لِلشَّافِعِيَّةِ، بِأَنَّ صَلَاةَ الْعَصْرِ بِغَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ تَصِيرُ قَضَاءً وَرُجُوعُهَا لَا يُعِيدُهَا أَدَاءً، وَمَا فِي الْحَدِيثِ خُصُوصِيَّةٌ لِعَلِيٍّ كَمَا يُعْطِيهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّهُ كَانَ فِي طَاعَتِك وَطَاعَةِ رَسُولِك» . اهـ.

قُلْت: وَيَلْزَمُ عَلَى الْأَوَّلِ بُطْلَانُ صَوْمِ مَنْ أَفْطَرَ قَبْلَ رَدِّهَا وَبُطْلَانُ صَلَاتِهِ الْمَغْرِبَ لَوْ سَلَّمْنَا عَوْدَ الْوَقْتِ بِعَوْدِهَا لِلْكُلِّ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. مَطْلَبٌ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ الْوُسْطَى عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ الْمَنْقُولُ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِهِمْ، وَسُمِّيَتْ وُسْطَى؛ لِأَنَّهَا بَيْنَ صَلَاتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَصَلَاتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ، وَتَمَامُ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مَبْسُوطٌ فِي أَوَّلِ الْحِلْيَةِ، قَالَ ح: وَهَذَا قَوْلٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ قَوْلًا مَذْكُورَةً فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَشَرْحِهَا.

(قَوْلُهُ: وإلَيْهِ رَجَعَ الْإِمَامُ) أَيْ إلَى قَوْلِهِمَا الَّذِي هُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ أَيْضًا، وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمَعِ بِأَنَّ عَلَيْهَا الْفَتْوَى، وَرَدَّهُ الْمُحَقِّقُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ لَا يُسَاعِدُهُ رِوَايَةٌ وَلَا دِرَايَةٌ إلَخْ. وَقَالَ تِلْمِيذُهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ: إنَّ رُجُوعَهُ لَمْ يَثْبُتْ، لِمَا نَقَلَهُ الْكَافَّةُ مِنْ لَدُنْ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ إلَى الْيَوْمِ مِنْ حِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ، وَدَعْوَى عَمَلِ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ بِخِلَافِهِ خِلَافُ الْمَنْقُولِ. قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ: الشَّفَقُ الْبَيَاضُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الصِّدِّيقِ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. قُلْت: وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَلَمْ يَرْوِ الْبَيْهَقِيُّ الشَّفَقَ الْأَحْمَرَ إلَّا عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَتَمَامُهُ فِيهِ. وَإِذَا تَعَارَضَتْ الْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ فَلَا يَخْرُجُ وَقْتُ الْمَغْرِبِ بِالشَّكِّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ: فَثَبَتَ أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ هُوَ الْأَصَحُّ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ مُؤَيِّدًا لَهُ بِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ، مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْدَلُ عَنْ قَوْلِ الْإِمَامِ إلَّا لِضَرُورَةٍ مِنْ ضَعْفِ دَلِيلٍ أَوْ تَعَامُلٍ بِخِلَافِهِ كَالْمُزَارَعَةِ، لَكِنَّ تَعَامُلَ النَّاسِ الْيَوْمَ فِي عَامَّةِ الْبِلَادِ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَقَدْ أَيَّدَهُ فِي النَّهْرِ تَبَعًا لِلنُّقَايَةِ وَالْوِقَايَةِ وَالدُّرَرِ وَالْإِصْلَاحِ وَدُرَرِ الْبِحَارِ وَالْإِمْدَادِ وَالْمَوَاهِبِ وَشَرْحِهِ الْبُرْهَانَ وَغَيْرِهِمْ مُصَرِّحِينَ بِأَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَفِي السِّرَاجِ: قَوْلُهُمَا أَوْسَعُ وَقَوْلُهُ أَحْوَطُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[تَنْبِيهٌ] قَدَّمْنَا قَرِيبًا أَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ الشَّفَقَيْنِ بِثَلَاثِ دُرَجٍ كَمَا بَيْنَ الْفَجْرَيْنِ فَلْيُحْفَظْ

(قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ مِنْ غُرُوبِ الشَّفَقِ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَكِنْ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ لِمَ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ. أَجَابَ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَا يَجُوزُ لِلتَّرْتِيبِ لَا لِكَوْنِ الْوَقْتِ لَمْ يَدْخُلْ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِهِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْعِشَاءِ، وَأَثَرُ الْخِلَافِ يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ قَدَّمَ الْوِتْرَ عَلَيْهَا نَاسِيًا أَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ صَلَّاهَا فَقَطْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ لَا يُعِيدُهُ عِنْدَهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>