للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَرِثُ فِي زَمَانِنَا لِفَسَادِ بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَا مَا فَضَلَ عَنْ فَرْضِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَكَذَا الْمَالُ يَكُونُ لِلِابْنِ أَوْ الْبِنْتِ رَضَاعًا كَذَا فِي فَرَائِضِ الْأَشْبَاهِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ

(وَإِذَا مَلَك الذِّمِّيُّ عَبْدًا) وَلَوْ مُسْلِمًا (وَأَعْتَقَهُ فَوَلَاؤُهُ لَهُ) لِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ فَيَتَوَارَثُونَ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجِبِ كَالْمُسْلِمِينَ فَلَوْ مُسْلِمًا لَا يَرِثُهُ وَلَا يَعْقِلُ عَنْهُ، وَبِهَذَا اتَّضَحَ فَسَادُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَلَاءَ هُوَ الْمِيرَاثُ حَقَّ الِاتِّضَاحِ.

(وَلَوْ أَعْتَقَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ عَبْدًا حَرْبِيًّا لَا يَعْتِقُ) بِمُجَرَّدِ إعْتَاقِهِ (إلَّا أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ فَإِذَا خَلَّاهُ عَتَقَ حِينَئِذٍ وَلَا وَلَاءَ لَهُ) حَتَّى لَوْ خَرَجَا إلَيْنَا مُسْلِمَيْنِ لَا يَرِثُهُ خِلَافًا لِلثَّانِي (وَكَانَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ لِأَنَّهُ لَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ) عَلَيْهِ.

(وَلَوْ دَخَلَ مُسْلِمٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَاشْتَرَى عَبْدًا ثَمَّةَ وَأَعْتَقَهُ بِالْقَوْلِ عَتَقَ بِلَا تَخْلِيَةٍ

ــ

[رد المحتار]

وَالْقَاضِي الْإِمَامُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ، لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الْمَيِّتِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَكَانَ الصَّرْفُ إلَيْهَا أَوْلَى إذْ لَوْ كَانَتْ ذَكَرًا تَسْتَحِقُّ الْمَالَ. (قَوْلُهُ: تَرِثُ فِي زَمَانِنَا) عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهَا لَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ، بَلْ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى الْمَيِّتِ ح. (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا فَضَلَ إلَخْ) عَزَاهُ فِي الذَّخِيرَةِ إلَى فَرَائِضِ الْإِمَامِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الشَّهِيدِ. (قَوْلُهُ: لِلِابْنِ أَوْ الْبِنْتِ رَضَاعًا) عَزَاهُ فِي الذَّخِيرَةِ إلَى مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى قُلْت: وَلَكِنْ بَلَغَنِي أَنَّهُمْ لَا يُفْتُونَ بِذَلِكَ فَتَنَبَّهْ وَفِيهِ مِنْ كِتَابِ الْفَرَائِضِ.

قُلْت: وَلَمْ أَرَ فِي زَمَانِنَا مَنْ أَفْتَى بِهَذَا وَلَا مَنْ قَضَى بِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَيَنْبَغِي جَوَازُهُ دِيَانَةً فَلْيُحَرَّرْ وَلْيُتَدَبَّرْ اهـ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُسْلِمًا) أَتَى بِهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي ثُبُوتِ الْوَلَاءِ، وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَلَا يَثْبُتُ مَا دَامَ الْمُعْتِقُ كَافِرًا وَسَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُسْلِمًا لَا يَرِثُهُ) لِانْعِدَامِ شَرْطِ الْإِرْثِ وَهُوَ اتِّحَادُ الْمِلَّةِ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ قَبْلَ مَوْتِ الْمُعْتَقِ، ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ يَرِثُ بِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ لِلذِّمِّيِّ عَصَبَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَعَمٍّ مُسْلِمٍ يَرِثُهُ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ الذِّمِّيُّ كَالْمَيِّتِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ مُسْلِمٌ يُرَدُّ إلَى بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ مُسْلِمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَنِصْفُ وَلَائِهِ لِلْمُسْلِمِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِأَقْرَبِ عَصَبَةِ الذِّمِّيِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ وَإِلَّا رُدَّ لِبَيْتِ الْمَالِ بَدَائِعُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَعْقِلُ عَنْهُ) فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مِنْ نَصَارَى تَغْلِبَ فَالْعَقْلُ عَلَى قَبِيلَتِهِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتِقِ الذِّمِّيِّ قَبِيلَةٌ فَعَقْلُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنَّهُ صَرَّحَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ مُسْلِمٌ فَالْإِرْثُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَالْعَقْلُ عَلَى الْعَبْدِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا اتَّضَحَ إلَخْ) لِأَنَّ الْوَلَاءَ وُجِدَ بِلَا مِيرَاثٍ ح.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْتَقَ حَرْبِيٌّ) التَّقْيِيدُ بِالْحَرْبِيِّ مُفِيدٌ بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ " لَا يَعْتِقُ " إلَّا أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ لِأَنَّهُ فِي الْمُسْلِمِ يَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ وَلَا وَلَاءَ لَهُ فَإِنَّهُ وَالْمُسْلِمُ سَوَاءٌ، وَسَنَذْكُرُ قَرِيبًا الْكَلَامَ فِيهِ - لَمْ يَتِمَّ عَبْدًا حَرْبِيًّا فَلَوْ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا عَتَقَ بِالْإِجْمَاعِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ بَدَائِعُ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا خَلَّاهُ عَتَقَ) أَيْ صَحَّ عِتْقُهُ لَكِنَّهُ الْعِتْقُ فِي حَقِّ زَوَالِ الرِّقِّ وَإِنْ صَحَّ فِي حَقِّ إزَالَةِ الْمِلْكِ، لِأَنَّ كَوْنَ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِهِ سَبَبٌ لِرِقِّهِ طُورِيٌّ عَنْ الْمُحِيطِ. (قَوْلُهُ: وَلَا وَلَاءَ لَهُ) هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ عِنْدَهُمَا بِكَلَامِ الْإِعْتَاقِ بَلْ بِالتَّخْلِيَةِ، وَالْعِتْقُ الثَّابِتُ بِهَا لَا يُوجِبُ الْوَلَاءَ بَدَائِعُ لِمَا عَلِمْت أَنَّهَا لَا تُزِيلُ الرِّقَّ وَإِنْ أَزَالَتْ الْمِلْكَ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلثَّانِي) فَعِنْدَهُ وَلَاؤُهُ لَهُ لِأَنَّ إعْتَاقَهُ بِالْقَوْلِ صَحَّ وَكَذَا إنْ دَبَّرَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ اسْتِيلَادَهُ جَائِزٌ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى ثُبُوتِ النَّسَبِ وَهُوَ يَثْبُتُ فِي دَارِ الْحَرْبِ بَدَائِعُ.

(قَوْلُهُ: عَتَقَ بِلَا تَخْلِيَةٍ) أَيْ وَكَانَ وَلَاؤُهُ لَهُ كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ الْمَارُّ فَإِنَّهُ عَتَقَ بِالْقَوْلِ لَا بِالتَّخْلِيَةِ، لَكِنْ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْبَدَائِعِ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِالْقَوْلِ بَلْ بِالتَّخْلِيَةِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَصِيرُ مَوْلَاهُ اهـ وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. وَلَمْ أَجِدْهُ فِي نُسْخَتَيْ الْبَدَائِعِ، نَعَمْ: رَأَيْت فِي الْهِنْدِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الْبَدَائِعِ لَوْ أَعْتَقَ مُسْلِمٌ عَبْدًا لَهُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَوَلَاؤُهُ لَهُ لِأَنَّ إعْتَاقَهُ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>