للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فِي غَيْرِ بَابِ التِّجَارَةِ ابْنُ كَمَالٍ (وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ) الْمُسْقِطُ هُوَ الْمَوْلَى لَوْ الْمَأْذُونُ رَقِيقًا وَالْوَلِيُّ لَوْ صَبِيًّا وَعِنْدَ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ هُوَ تَوْكِيلٌ وَإِنَابَةٌ (ثُمَّ يَتَصَرَّفُ) الْعَبْدُ (لِنَفْسِهِ بِأَهْلِيَّتِهِ فَلَا يَتَوَقَّتُ) بِوَقْتٍ وَلَا يَتَخَصَّصُ بِنَوْعٍ تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِهِ إسْقَاطًا (وَلَا يَرْجِعُ بِالْعُهْدَةِ عَلَى سَيِّدِهِ) لِفَكِّهِ الْحَجْرَ (فَلَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ) تَفْرِيعٌ عَلَى فَكِّ الْحَجْرِ (يَوْمًا) أَوْ شَهْرًا (صَارَ مَأْذُونًا مُطْلَقًا حَتَّى يُحْجَرَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَاتِ لَا تَتَوَقَّتُ (وَلَمْ يَتَخَصَّصْ بِنَوْعٍ فَإِذَا أَذِنَ فِي نَوْعٍ عَمَّ إذْنُهُ فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا) لِأَنَّهُ فَكُّ الْحَجْرِ لَا تَوْكِيلٌ.

ــ

[رد المحتار]

قَالَ الطُّورِيُّ: قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ: الْإِذْنُ هُوَ الْإِطْلَاقُ لُغَةً؛ لِأَنَّهُ ضِدُّ الْحَجْرِ وَهُوَ الْمَنْعُ فَكَانَ إطْلَاقًا عَنْ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ اهـ. وَفِي النِّهَايَةِ: الْإِذْنُ فِي الشَّيْءِ رَفْعٌ لِمَنْ هُوَ مَحْجُورٌ عَنْهُ وَإِعْلَامٌ بِإِطْلَاقِهِ فِيمَا حُجِرَ عَلَيْهِ مِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الشَّيْءِ إذْنًا وَأَبْعَدَ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ حَيْثُ قَالَ إنَّهُ الْإِعْلَامُ، وَمِنْهُ الْأَذَانُ وَهُوَ الْإِعْلَامُ،؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ مِنْ أَذِنَ فِي كَذَا إذَا أَبَاحَهُ وَالْأَذَانُ مِنْ أَذِنَ بِكَذَا إذَا أَعْلَمَ اهـ وَفِي أَبِي السُّعُودِ: قَالَ قَاضِي زَادَهْ فِي التَّكْمِلَةِ: لَمْ أَرَ قَطُّ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ مَجِيءَ الْإِذْنِ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ (قَوْلُهُ عَنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ لَفْظَةِ الْعَبْدِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ كَذَلِكَ ح (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ بَابِ التِّجَارَةِ) كَالتَّزَوُّجِ وَالتَّسَرِّي وَالْإِقْرَاضِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ) كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ فَكُّ الْحَجْرِ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَعْتُوهَ لَيْسَ فِيهِ إسْقَاطُ حَقٍّ سَعْدِيَّةٌ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْكَمَالِ يَعْنِي حَقَّ الْمَنْعِ لَا حَقَّ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مَعَ اخْتِصَاصِهِ بِإِذْنِ الْعَبْدِ غَيْرُ صَحِيحٍ،؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَوْلَى لَا يَسْقُطُ بِالْإِذْنِ، وَلِذَلِكَ يَأْخُذُ مِنْ كَسْبِهِ جَبْرًا عَلَى مَا سَيَأْتِي اهـ (قَوْلُهُ هُوَ تَوْكِيلٌ وَإِنَابَةٌ) سَتَأْتِي ثَمَرَةُ الْخِلَافِ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ يَتَصَرَّفُ) عُطِفَ عَلَى الْمَعْنَى فَكَأَنَّهُ قَالَ: إذَا أَذِنَ الْمَوْلَى يَنْفَكُّ الْعَبْدُ مِنْ الْحَجْرِ، ثُمَّ يَتَصَرَّفُ إلَخْ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ الْعَبْدُ) إنَّمَا خَصَّ الْبَيَانُ بِهِ لِخَفَاءِ الْحَالِّ فِيهِ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ مُشْتَرَكٌ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ لِنَفْسِهِ) أَيْ لَا لِسَيِّدِهِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِجُمْلَتِهِ مَمْلُوكٌ لِلْمَوْلَى، فَإِذَا تَعَذَّرَ مِلْكُهُ لَمَّا تَصَرَّفَ فِيهِ يَخْلُفُهُ الْمَوْلَى فِي الْمِلْكِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ بِأَهْلِيَّتِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ أَهْلٌ لِلتَّصَرُّفِ بَعْدَ الرِّقِّ،؛ لِأَنَّ رُكْنَ التَّصَرُّفِ كَلَامٌ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا لِصُدُورِهِ عَنْ تَمْيِيزٍ، وَمَحَلُّ التَّصَرُّفِ ذِمَّةٌ صَالِحَةٌ لِالْتِزَامِ الْحُقُوقِ وَهُمَا لَا يَفُوتَانِ بِالرِّقِّ،؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ كَرَامَاتِ الْبَشَرِ وَهُوَ بِالرِّقِّ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ بَشَرًا إلَّا أَنَّهُ حُجِرَ عَلَيْهِ عَنْ التَّصَرُّفِ لِحَقِّ الْمَوْلَى، كَيْ لَا يَبْطُلَ حَقُّهُ بِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِرَقَبَتِهِ لِضَعْفِ ذِمَّتِهِ بِالرِّقِّ، حَتَّى لَا يَجِبَ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ إلَّا وَهُوَ شَاغِلٌ لِرَقَبَتِهِ، فَإِذَا أَذِنَ الْمَوْلَى فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فَكَانَ الْعَبْدُ مُتَصَرِّفًا بِأَهْلِيَّتِهِ الْأَصْلِيَّةِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَخَصَّصُ بِنَوْعٍ) أَيْ وَلَا بِمَكَانٍ قُهُسْتَانِيٌّ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة هَذَا إذَا صَادَفَ الْإِذْنُ عَبْدًا مَحْجُورًا، أَمَّا إذَا صَادَفَ عَبْدًا مَأْذُونًا يَتَخَصَّصُ، فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا وَقَالَ: اشْتَرِ لِي بِهِ الطَّعَامَ فَاشْتَرَى الْعَبْدُ الرَّقِيقَ يَصِيرَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِهِ إسْقَاطًا) فَإِنَّ الْإِسْقَاطَاتِ لَا تَقْبَلُ التَّقْيِيدَ، كَمَا يَأْتِي كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَلَا يُقَالُ لَوْ كَانَ إسْقَاطًا لَمَا مَلَكَ نَهْيَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ بِإِسْقَاطٍ فِي حَقِّ مَا لَمْ يُوجَدْ، فَيَكُونُ النَّهْيُ امْتِنَاعًا عَنْ الْإِسْقَاطِ فِيمَا لَمْ يُوجَدْ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ بِالْعُهْدَةِ) أَيْ بِحَقِّ التَّصَرُّفِ كَطَلَبِ الثَّمَنِ وَغَيْرِهِ، وَالْعُهْدَةُ فُعَّلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنْ عَهِدَهُ لَقِيَهُ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ لِفَكِّهِ الْحَجْرَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَا يَرْجِعُ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ فَكُّ الْحَجْرِ، وَجَعَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ تَفْرِيعًا عَلَى كَوْنِ تَصَرُّفِهِ لِنَفْسِهِ

(قَوْلُهُ تَفْرِيعٌ عَلَى فَكِّ الْحَجْرِ) فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى التَّفْرِيعِ، وَهُوَ قَوْلُهُ فَلَا يَتَوَقَّفُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَاتِ لَا تَتَوَقَّتُ) ؛ لِأَنَّهَا تَتَلَاشَى عِنْدَ وُقُوعِهَا (قَوْلُهُ فَإِذَا أَذِنَ فِي نَوْعِ إلَخْ) سَوَاءٌ سَكَتَ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ نَهَى بِطَرِيقِ الصَّرِيحِ نَحْوُ: أَنْ يَأْذَنَ فِي شِرَاءِ الْبَزِّ وَقَالَ لَا تَشْتَرِ غَيْرَهُ اهـ تَتَارْخَانِيَّةٌ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فَكُّ الْحَجْرِ لَا تَوْكِيلٌ) أَعَادَهُ وَإِنْ مَرَّ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى ثَمَرَةِ الْخِلَافِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ فَافْهَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>