للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَكِنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِالتَّسْوِيَةِ ابْنُ الْكَمَالِ وَصَاحِبُ الْمُلْتَقَى وَرَجَّحَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِأَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ أَوْلَى بِمَا فِي كُتُبِ الْفَتَاوَى فَلْيُحْفَظْ (وَيَشْتَرِي) مَا أَرَادَ (وَسَكَتَ) السَّيِّدُ (مَأْذُونٌ) خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَوْلَى قَاضِيًا أَشْبَاهٌ وَلَكِنْ (لَا) يَكُونُ مَأْذُونًا (فِي) بَيْعِ (ذَلِكَ الشَّيْءِ) أَوْ شِرَائِهِ فَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْمَوْلَى بَيْعُ ذَلِكَ الْمَتَاعِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ

ــ

[رد المحتار]

وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَ عَيْنًا مَمْلُوكًا لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَيْعًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا هَكَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ: إذَا رَأَى عَبْدًا يَبِيعُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِكِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا اهـ فَاعْتَرَضَهُ بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّهُ فَهِمَ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامِ الْهِدَايَةِ وَالْخَانِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ: وَكَيْفَ يَجُوزُ حَمْلُ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَمْ يَجُزْ حَتَّى يَأْذَنَ بِالنُّطْقِ مَعْنَاهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ الْبَيْعُ بِخُصُوصِهِ عَلَى الْمَوْلَى، وَإِنْ صَارَ الْعَبْدُ بِهِ مَأْذُونًا، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ لَمْ يَكُنْ إذْنًا لَهُ كَمَا فَهِمَهُ الْمُحَشِّي وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي كَوْنِهِ مَأْذُونًا بَيْنَ كُلِّ الْمَبِيعِ مِلْكًا لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا الْفَرْقُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ الْبَيْعِ الَّذِي صَادَفَهُ السُّكُوتُ، فَإِنْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ جَازَ وَإِنْ لِلْمَوْلَى فَلَا إلَّا بِالنُّطْقِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَإِنَّهُ مِنْ مَزَالِّ أَقْدَامِ الْأَفْهَامِ (قَوْلُهُ لَكِنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ) أَيْ كَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ كَمَا سَمِعْت عِبَارَتَهُ وَالِاسْتِدْرَاكُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فَهِمَهُ كَغَيْرِهِ مِنْ مُخَالَفَةِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ فِي أَنَّهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا بَعْدَ السُّكُوتِ مُطْلَقًا.

وَإِنَّمَا أَفَادَ فِي الْخَانِيَّةِ شَيْئًا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ الْبَيْعُ بِخُصُوصِهِ أَوْ مِلْكًا لِلْمَوْلَى وَإِلَّا جَازَ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ) أَيْ رَجَّحَ مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَابْنُ الْكَمَالِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ مَالِ الْمَوْلَى وَغَيْرِهِ. وَنَقَلَ بَعْدَهُ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ أَثَرَ الْإِذْنِ يَظْهَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، لَا فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ وَغَابَ عَنْهُ أَنَّهُ مُرَادُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ وَعَلَى مَا مَرَّ، فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَبَيْنَ مَا فِي الْفَتَاوَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ (قَوْلُهُ وَيَشْتَرِي مَا أَرَادَ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ بِقَرِينَةِ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ أَوْ شِرَائِهِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْمِيمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشِّرَاءِ مَا يَعُمُّ أَنْوَاعَ الْمُشْتَرَى وَلَوْ مُحَرَّمًا وَلِذَلِكَ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَيَشْتَرِي وَلَوْ كَانَ خَمْرًا ط (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ الْمَوْلَى قَاضِيًا) قَالَ الْحَمَوِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: وَقَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي الرَّمْزِ: ظَهَرَ لِي فِي تَوْجِيهِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ مِمَّنْ لَا يُبَاشِرُ الْأَعْمَالَ بِنَفْسِهِ، فَلَا يَدُلُّ مَعَ تَكْرَارِ الْأَعْمَالِ مِنْ عَبْدِهِ عَلَى إذْنِهِ لِقُوَّةِ احْتِمَالِ التَّوْكِيلِ اهـ فَأَفَادَ هَذَا التَّعْلِيلُ أَنَّ الْقَاضِيَ ذُكِرَ لِلتَّمْثِيلِ فَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مَنْ لَا يُبَاشِرُ الْأَعْمَالَ بِنَفْسِهِ. وَقَالَ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ أَقُولُ: لَمْ يَذْكُرْ صَاحِبُ الظَّهِيرِيَّةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَذَكَرَهَا قَاضِي خَانْ لَا عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ الْقَاضِي: إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا اهـ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ إطْلَاقَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَوْلَى قَاضِيًا أَوْ لَا، وَأَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى اهـ وَأَقَرَّهُ أَبُو السُّعُودِ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ.

وَأَقُولُ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي ذَلِكَ التَّصَرُّفِ الَّذِي صَادَفَهُ السُّكُوتُ، كَمَا أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ كَلَامِهِ الْمَارِّ كَمَا عَلِمْت فَيَكُونُ مَأْذُونًا بَعْدَهُ وَعَلَيْهِ فَلَا اسْتِثْنَاءَ وَمَا ذَكَرَهُ الْمَقْدِسِيَّ يَصْلُحُ وَجْهًا لِتَنْصِيصِهِ عَلَى الْقَاضِي، مَعَ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ السَّابِقِ، يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ عَبْدِ الْقَاضِي كَغَيْرِهِ وَإِنْ قَوِيَ احْتِمَالُ كَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْهُ، فَلَا يُنَافِي إطْلَاقَ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا فَعَلَ فِي الْأَشْبَاهِ: ثُمَّ رَأَيْت الطُّورِيَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ وَفَهِمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ أَنَّ سُكُوتَ الْقَاضِي لَا يَكُونُ إذْنًا بِخِلَافِ سُكُوتِ الْمَوْلَى كَمَا فَهِمَ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا الْفَهْمَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ كَفَهْمِ الزَّيْلَعِيِّ الْمَارِّ وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَاهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لَا فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ) فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا بَاعَ مِلْكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>