للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَطْفٌ عَلَى الْبَائِعِ أَيْ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُشْتَرِيَ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ (أَوْ أَجَازُوا الْبَيْعَ وَأَخَذُوا الثَّمَنَ) لَا قِيمَةَ الْعَبْدِ

(وَإِنْ بَاعَهُ) السَّيِّدُ (مُعْلِمًا بِدَيْنِهِ) يَعْنِي مُقِرًّا بِهِ لَا مُنْكِرًا كَمَا سَيَجِيءُ

ــ

[رد المحتار]

الثَّمَنَ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ فِي مَسْأَلَتِنَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، لَكِنَّ الْقِيمَةَ قَدْ تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ. فَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ ضَمَانِ الْقِيمَةِ بِمَا إذَا كَانَتْ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ. أَمَّا لَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ إلَّا مِقْدَارَ الدَّيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى وَحِينَئِذٍ يُنْظَرُ فِي كَيْفِيَّةِ الرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ اهـ قَالَ ط: إنْ كَانَ الثَّمَنُ قَدْرَ مَا ضَمِنَ مِنْ الْقِيمَةِ رَجَعَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَضْمُونُ أَكْثَرَ فَلَا وَجْهَ لِرُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالزِّيَادَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ عُطِفَ عَلَى الْبَائِعِ) إنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَ قَوْلُهُ ضَمَّنُوا لَيْسَ مِنْ عِبَارَةِ الْمَتْنِ وَهُوَ خِلَافُ مَا رَأَيْنَاهُ فِي النُّسَخِ وَعَلَيْهِ فَهُوَ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ ضَمَّنَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ) ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ مِنْهُ كَأَخْذِ الْعَيْنِ زَيْلَعِيٌّ، وَقَوْلُهُ: بِالثَّمَنِ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ، بَلْ بِمَا أَدَّاهُ لِلْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ وَمَا بَقِيَ مِنْ الْقِيمَةِ لَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ بِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ اهـ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ أَوْ أَجَازُوا الْبَيْعَ إلَخْ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ.

حَاصِلُهُ: أَنَّ الْغُرَمَاءَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إجَازَةُ الْبَيْعِ، وَتَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءُوا، ثُمَّ إنْ ضَمَّنُوا الْمُشْتَرِيَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ ضَمَّنُوا الْبَائِعَ سَلَّمَ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي وَتَمَّ الْبَيْعُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَأَيُّهُمَا اخْتَارُوا تَضْمِينَهُ بَرِئَ الْآخِرُ حَتَّى لَا يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَوَيْت الْقِيمَةَ عِنْدَ الَّذِي اخْتَارُوهُ، وَلَوْ ظَهَرَ الْعَبْدُ بَعْدَمَا اخْتَارُوا تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا لَيْسَ لَهُمْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ إنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى لَهُمْ بِالْقِيمَةِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِبَاءِ يَمِينٍ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ تَحَوَّلَ إلَى الْقِيمَةِ بِالْقَضَاءِ، وَإِنْ قَضَى بِالْقِيمَةِ بِقَوْلِ الْخَصْمِ مَعَ يَمِينِهِ، وَقَدْ ادَّعَى الْغُرَمَاءُ أَكْثَرَ مِنْهُمْ فَهُمْ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا رَضُوا بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءُوا رَدُّوهُمَا وَأَخَذُوا الْعَبْدَ فَبِيعَ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِمْ كَمَالُ حَقِّهِمْ بِزَعْمِهِمْ وَهُوَ نَظِيرُ الْمَغْصُوبِ فِي ذَلِكَ كَذَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ، وَعَزَاهُ إلَى الْمَبْسُوطِ. قَالَ الرَّاجِي عَفْوَ رَبِّهِ: الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَغْصُوبِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ تَظْهَرَ الْعَيْنُ وَقِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِمَّا ضَمِنَ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ هُنَا ذَلِكَ، وَإِنَّمَا شَرَطَ أَنْ يَدَّعِيَ الْغُرَمَاءُ أَكْثَرَ مِمَّا ضَمِنَ وَأَنَّ كَمَالَ حَقِّهِمْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِمْ بِزَعْمِهِمْ، وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ كَبِيرٌ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى قَدْ تَكُونُ غَيْرَ مُطَابِقَةٍ، فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ مِثْلَ مَا ضَمِنَ أَوْ أَقَلَّ، فَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ الْخِيَارُ فِيهِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُمْ الْخِيَارُ إذَا ظَهَرَ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِمَّا ضَمِنَ فَلَا يَكُونُ الْمَذْكُورُ هُنَا مُلَخَّصًا اهـ.

وَيُجَابُ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّلَبِيُّ عَنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ بِأَنَّ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوا مَا أَخَذُوا وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ مَا ضَمِنَ أَوْ أَقَلَّ؛ لِأَنَّ لَهُمْ فِيهِ فَائِدَةً وَهُوَ حَقُّ اسْتِسْعَائِهِ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ أَبُو السُّعُودِ وَبِمِثْلِهِ أَجَابَ الطُّورِيُّ

(قَوْلُهُ مُعْلِمًا بِدَيْنِهِ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ الْإِعْلَامِ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ السَّيِّدِ. وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَأَعْلَمَهُ بِالدَّيْنِ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ أَيْ أَعْلَمَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بِأَنَّ هَذَا الْعَبْدَ مَدْيُونٌ، وَفَائِدَتُهُ سُقُوطُ خِيَارِ الْمُشْتَرِي فِي الرَّدِّ بِعَيْبِ الدَّيْنِ حَتَّى يَقَعَ الْبَيْعُ لَازِمًا فِيمَا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِهِ وَفَاءٌ بِدُيُونِهِمْ اهـ وَمِثْلُهُ فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ وَسَيُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ يَعْنِي مُقِرًّا بِهِ لَا مُنْكِرًا كَمَا سَيَجِيءُ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَهُ مُعْلِمًا حَالٌ مِنْ السَّيِّدِ الْبَائِعِ فَهُوَ وَصْفٌ لَهُ وَاَلَّذِي سَيَجِيءُ اعْتِبَارُ إقْرَارِ الْمُشْتَرِي لَا الْبَائِعِ، وَأَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ لِابْنِ الْكَمَالِ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ فَائِدَةَ قَوْلِهِ مُعْلِمًا تَظْهَرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَإِنْ غَابَ الْبَائِعُ فَالْمُشْتَرِي لَيْسَ بِخَصْمٍ لَهُمْ لَوْ مُنْكِرًا دَيْنَهُ قَالَ فَإِنَّهُ دَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّهُ يُخَاصِمُ مُقِرًّا فَلَا بُدَّ مِنْ فَرْضِ الْعِلْمِ حَتَّى يَتَيَسَّرَ تَصْوِيرُ الْإِنْكَارِ مَرَّةً وَالْإِقْرَارُ أُخْرَى اهـ لَكِنَّهُ لَمْ يُفَسِّرْ الْإِعْلَامَ بِالْإِقْرَارِ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ، بَلْ جَعَلَهُ مَبْنَى تَصْوِيرِ الْإِنْكَارِ الْآتِي صَرِيحًا وَالْإِقْرَارِ الْمَفْهُومِ ضِمْنًا وَلِذَا قَالَ ح: إنَّ قَوْلَهُ مُقِرًّا بِهِ لَا يَصْلُحُ تَفْسِيرًا لِلْمَتْنِ وَلَا تَقْيِيدًا لَهُ وَقَدْ غَلِطَ فِي عِبَارَةِ ابْنِ الْكَمَالِ وَلَمْ يَفْهَمْهَا اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>