للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِغَيْرِ مَنْ عَلِمَ الْأَخِيرَانِ) فَلَا إثْمَ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ وَهُوَ مَرْفُوعٌ بِالْحَدِيثِ (الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْوَقْفِ الْمَغْصُوبِ بِأَنْ غَصَبَهُ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ وَكَانَ الثَّانِي أَمْلَأَ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَى الثَّانِي) كَذَا فِي وَقْفِ الْخَانِيَّةِ

ــ

[رد المحتار]

وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَجْحَدْ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ أَخْذِ الْمَتَاعِ وَهُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَجَحَدَ، وَمِثْلُهُ الدَّابَّةُ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَعَدَ فِي ظَهْرِهَا وَلَمْ يُحَوِّلْهَا لَا يَضْمَنُ مَا لَمْ يَجْحَدْهَا وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَهْلَكْ بِفِعْلِهِ أَوْ يُخْرِجْهُ مِنْ الدَّارِ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتَاعِ أَيْضًا فَانْظُرْ مَا أَحْسَنَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ الْقَلِيلَةَ وَمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ الْفَوَائِدِ الْجَلِيلَةِ

(قَوْلُهُ وَلِغَيْرِ مَنْ عَلِمَ الْأَخِيرَانِ) أَيْ وَحُكْمُهُ لِغَيْرِ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ الرَّدُّ أَوْ الْغُرْمُ فَقَطْ دُونَ الْإِثْمِ (قَوْلُهُ بِالْحَدِيثِ) وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» مَعْنَاهُ رُفِعَ مَأْثَمُ الْخَطَأِ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ إلَخْ) وَكَذَا لَهُ تَضْمِينُ كُلٍّ بَعْضًا كَمَا سَيَأْتِي مَتْنًا وَيَسْتَثْنِي أَيْضًا مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ هَشَّمَ إبْرِيقَ فِضَّةٍ لِأَحَدٍ ثُمَّ هَشَّمَهُ الْآخَرُ بَرِئَ الْأَوَّلُ مِنْ الضَّمَانِ وَضَمِنَ الثَّانِي مِثْلَهَا، وَكَذَا لَوْ صَبَّ مَاءً عَلَى بُرٍّ ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ الْآخَرُ مَاءً وَزَادَ فِي نُقْصَانِهِ بَرِئَ الْأَوَّلُ وَضَمِنَ الثَّانِي قِيمَتَهُ يَوْمَ صَبِّ الثَّانِي إذْ لَا يُمْكِنُ لِلْمَالِكِ رَدُّ الْبُرِّ وَالْإِبْرِيقِ إلَى الْحَالَةِ الَّتِي فَعَلَ الْأَوَّلُ لِيُضَمِّنَهُ الْمِثْلَ أَوْ الْقِيمَةَ اهـ تَأَمَّلْ. هَذَا وَكَالْغَصْبِ مِنْهُ مَا إذَا رَهَنَهُ الْغَاصِبُ أَوْ آجَرَهُ أَوْ أَعَارَهُ فَهَلَكَ كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَقَالَ فِي حَاوِي الْقُدْسِيِّ: الْغَاصِبُ إذَا أَوْدَعَ الْمَغْصُوبَ عِنْدَ إنْسَانٍ فَهَلَكَ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُودَعَ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَإِنْ غُصِبَ مِنْ الْغَاصِبِ فَهَلَكَ فِي يَدِ الثَّانِي إنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ رَجَعَ عَلَى الثَّانِي بِيرِيٌّ وَسَيَأْتِي قُبَيْلَ الْفَصْلِ مَسَائِلُ أُخَرُ (قَوْلُهُ الْمَغْصُوبِ) نَعْتٌ لِلْوَقْفِ (قَوْلُهُ بِأَنْ غَصَبَهُ) أَيْ الْغَاصِبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ قَيْدٌ لِقَوْلِهِ غَصَبَهُ (قَوْلُهُ كَذَا فِي وَقْفِ الْخَانِيَّةِ) أَيْ فِي آخِرِ إجَارَةِ الْأَوْقَافِ مِنْهَا. وَنَصُّهَا: رَجُلٌ غَصَبَ أَرْضًا مَوْقُوفَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ ثُمَّ غَصَبَ مِنْ الْغَاصِبِ رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ مَا ازْدَادَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ وَصَارَتْ تُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَإِنَّ الْمُتَوَلِّي يَتْبَعُ الْغَاصِبَ الثَّانِيَ إنْ كَانَ مَلِيًّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى جَعْلَ الْعَقَارِ مَضْمُونَةً بِالْغَصْبِ،؛ لِأَنَّ تَضْمِينَ الثَّانِي أَنْفَعُ لِلْفَقِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَمْلَأَ مِنْ الثَّانِي يَتْبَعُ الْأَوَّلَ،؛ لِأَنَّ تَضْمِينَ الْأَوَّلِ يَكُونُ أَنْفَعَ لِلْوَقْفِ وَإِذَا اتَّبَعَ الْقَيِّمُ أَحَدَهُمَا بَرِئَ الْآخَرُ عَنْ الضَّمَانِ كَالْمَالِكِ إذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي بَرِئَ الْآخِرُ اهـ وَهَكَذَا نَقَلَهَا الْبِيرِيُّ، وَنَقَلَهَا أَيْضًا فِي شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَذْهَانِ. لَكِنْ قَالَ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَمْلَأَ مِنْ الثَّانِي يَتْبَعُ الْقَيِّمُ أَحَدَهُمَا وَبِاتِّبَاعِ أَحَدِهِمَا يَبْرَأُ الْآخَرُ عَنْ الضَّمَانِ إلَخْ قَالَ أَبُو السُّعُودِ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ: فَالنَّقْلُ عَنْ الْخَانِيَّةِ قَدْ اخْتَلَفَ، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ يُسْتَفَادُ مِنْ مَفْهُومِهَا مُوَافَقَةُ مَا ذَكَرَهُ الْبِيرِيُّ اهـ.

أَقُولُ: الَّذِي وَجَدْتُهُ فِي الْخَانِيَّةِ هُوَ مَا قَدَّمْتُهُ بِحُرُوفِهِ وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُوَ الثَّانِي. وَقَدْ يُقَالُ: لَا مُخَالَفَةَ وَلَا اخْتِلَافَ فِي النَّقْلِ فَإِنَّ قَوْلَ الْخَانِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَمْلَأَ يَتْبَعُ الْأَوَّلَ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ اللُّزُومِ، بَلْ لَهُ أَنْ يَتْبَعَ الثَّانِيَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَمَنْ قَالَ يَتْبَعُ أَحَدَهُمَا أَتَى بِحَاصِلِ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ، وَيُقِرُّ بِهِ أَنَّهُ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ أَمْلَأَ فَيُفِيدُ أَنَّ الثَّانِيَ مَلِيءٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ أَمْلَأَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ، فَلِذَا كَانَ الْقَيِّمُ بِالْخِيَارِ، وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُخَيَّرٌ إلَّا إذَا كَانَ إلَخْ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّانِي أَمْلَأَ أَيْ بِأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَمْلَأَ يَبْقَى عَلَى خِيَارِهِ فَقَوْلُ ح فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اخْتِصَارُ مَحَلٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>