وَ (تَصَدَّقَ بِ) مَا بَقِيَ مِنْ (الْغَلَّةِ) وَالْأُجْرَةُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي الْمُلْتَقَى لَكِنْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الْغَنِيَّ يَتَصَدَّقُ بِكُلِّ الْغَلَّةِ فِي الصَّحِيحِ (كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ فِي الْمَغْصُوبِ الْوَدِيعَةِ) بِأَنْ بَاعَهُ (وَرَبِحَ) فِيهِ (إذَا كَانَ) ذَلِكَ (مُتَعَيِّنًا بِالْإِشَارَةِ أَوْ بِالشِّرَاءِ بِدَرَاهِمِ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْغَصْبِ وَنَقْدِهَا) يَعْنِي يَتَصَدَّقُ بِرِبْحٍ حَصَلَ فِيهِمَا إذَا كَانَا مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالْإِشَارَةِ وَإِنْ كَانَا مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ فَعَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ فَإِنْ أَشَارَ إلَيْهَا وَنَقَدَهَا فَكَذَلِكَ يَتَصَدَّقُ (وَإِنْ أَشَارَ إلَيْهَا وَنَقَدَ غَيْرَهَا أَوْ) أَشَارَ (إلَى غَيْرِهَا) وَنَقَدَهَا (أَوْ أَطْلَقَ) وَلَمْ يُشِرْ (وَنَقَدَهَا لَا) يَتَصَدَّقُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ عِنْدَ الْكَرْخِيِّ قِيلَ (وَبِهِ يُفْتَى) وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ
ــ
[رد المحتار]
السِّعْرُ وَمُرَادُهُ غَيْرُ الرِّبَوِيِّ إذْ فِيهِ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ مَعَ اسْتِرْدَادِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ وَتَصَدَّقَ إلَخْ) أَصْلُهُ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْغَاصِبِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تَتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ وَالْعَاقِدُ هُوَ الْغَاصِبُ فَهُوَ الَّذِي جَعَلَ مَنَافِعَ الْعَبْدِ مَالًا بِعَقْدِهِ، فَكَانَ هُوَ أَوْلَى بِبَدَلِهَا، وَيُؤْمَرُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا لِاسْتِفَادَتِهَا بِبَدَلٍ خَبِيثٍ وَهُوَ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْغَيْرِ دُرَرٌ
(قَوْلُهُ بِمَا بَقِيَ) أَخْرَجَ بِهِ عِبَارَةَ الْمَتْنِ كَالْكَنْزِ عَنْ ظَاهِرِهَا لَمَّا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا زَادَ عَلَى مَا ضَمِنَ عِنْدَهُمَا لَا بِالْغَلَّةِ كُلِّهَا اهـ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ذَكَرَهُ بَحْثًا لَكِنْ جَزَمَ بِهِ فِي مَتْنِ الْمُلْتَقَى، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْقُولٌ وَالْمُلْتَقَى مِنْ الْمُتُونِ الْمُعْتَبَرَةِ. هَذَا وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ بَعْدَ مَا اسْتَغَلَّهُ لَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِالْغَلَّةِ فِي أَدَاءِ الضَّمَانِ،؛ لِأَنَّ الْخُبْثَ كَانَ لِأَجْلِ الْمَالِكِ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ فَهَلَكَ وَضَمَّنَ الْمَالِكُ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهُ فَرَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ لَا يَسْتَعِينُ بِهَا فِي أَدَاءِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَيْسَ بِمَالِكٍ إلَّا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ فَقِيرًا اهـ مُلَخَّصًا فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النُّقْصَانِ وَالْهَلَاكِ فِي أَنَّهُ يَسْتَعِينُ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا بَقِيَ (قَوْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى إطْلَاقِ قَوْلِهِ: وَتَصَدَّقَ بِمَا بَقِيَ أَيْ فَإِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالْفَقِيرِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْغَاصِبُ إذَا أَجَّرَ الْمَغْصُوبَ فَالْأَجْرُ لَهُ، فَإِنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ أَوْ تَلِفَ لَا مِنْهُ وَضَمِنَهُ الْغَاصِبُ لَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِالْأَجْرِ فِي أَدَاءِ الضَّمَانِ وَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي إذَا كَانَ فَقِيرًا فَإِذَا كَانَ غَنِيًّا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِالْغَلَّةِ فِي أَدَاءِ الضَّمَانِ فِي الصَّحِيحِ اهـ وَهَذِهِ مُسَاوِيَةٌ لِعِبَارَةِ الزَّيْلَعِيِّ وَكَلَامُنَا فِي النُّقْصَانِ وَهَذِهِ فِي الْهَلَاكِ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ فَيَصِحُّ الِاسْتِدْرَاكُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ الْوَدِيعَةِ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ مُتَعَيِّنًا بِالْإِشَارَةِ) وَذَلِكَ كَالْعُرُوضِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ الرِّبْحُ أَيْ وَلَوْ بَعْدَ ضَمَانِ الْقِيمَةِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ لَا يَحِلُّ لَهُ التَّنَاوُلُ مِنْهُ قَبْلَ ضَمَانِ الْقِيمَةِ وَبَعْدَهُ يَحِلُّ إلَّا فِيمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْقِيمَةِ، وَهُوَ الرِّبْحُ فَإِنَّهُ لَا يَطِيبُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ، وَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ إلَى الْمَالِكِ، وَيَحِلُّ لَهُ التَّنَاوُلُ لِزَوَالِ الْخُبْثِ (قَوْلُهُ أَوْ بِالشِّرَاءِ) لَا مَحَلَّ لَلْعَطْفِ هُنَا وَلِذَا قَالَ ط الْأَخْصَرُ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: أَوْ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ وَنَقَدَهُ (قَوْلُهُ يَعْنِي يَتَصَدَّقُ بِرِبْحٍ) تَفْسِيرٌ لِلتَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ وَبَيَانٌ لِمَا بَعْدَهُ بِعِبَارَةِ أَوْضَحَ
(قَوْلُهُ فَعَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ) زَادَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ خَامِسًا، وَهُوَ مَا إذَا دَفَعَهَا إلَى الْبَائِعِ ثُمَّ اشْتَرَى وَحُكْمُهُ كَالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ يَتَصَدَّقُ) ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ إلَيْهِ لَا تُفِيدُ التَّعْيِينَ، فَيَسْتَوِي وُجُودُهَا وَعَدَمُهَا إلَّا إذَا تَأَكَّدَ بِالنَّقْدِ مِنْهَا زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) بِأَنْ قَالَ اشْتَرَيْت بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَقَدَ مِنْ دَرَاهِمِ الْغَصْبِ أَوْ الْوَدِيعَةِ عَزْمِيَّةٌ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يُشِرْ، فَإِنْ نَوَى النَّقْدَ مِنْهَا فَلَا يَخْلُو إنْ حَقَّقَ نِيَّتَهُ فَنَقَدَ مِنْهَا، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَطِيبُ، وَإِنْ لَمْ يُحَقِّقْ نِيَّتَهُ بِطِيبٍ،؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعَزْمِ لَا أَثَرَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ثُمَّ نَقَدَ مِنْهُ طَابَ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: إنَّمَا يَطِيبُ إذَا نَوَى أَنْ لَا يَنْقُدَ مِنْهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ فَنَقَدَ أَمَّا إذَا نَوَى النَّقْدَ مِنْهَا مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ يَنْقُدُ لَا يَطِيبُ اهـ مُلَخَّصًا.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَوْلُ الْكَرْخِيِّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَا تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ فِي الْفَتْوَى ثُمَّ حُمِلَ مَا مَرَّ عَلَى حُكْمِ الدَّيَّانَةِ (قَوْلُهُ قِيلَ وَبِهِ يُفْتَى) قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْغُرَرِ وَمُخْتَصَرِ الْوِقَايَةِ وَالْإِصْلَاحِ، وَنَقَلَهُ فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَرْتَضِهِ الشَّارِحُ فَأَتَى بِقِيلِ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ. قَالَ مَشَايِخُنَا لَا يَطِيبُ قَبْلَ أَنْ يَضْمَنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute