للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَقِيَ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ السَّاجَةِ وَالْبِنَاءِ سَوَاءً فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ جَازَ، وَإِنْ تَنَازَعَا يُبَاعُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِمَا، وَيَقْسِمُ الثَّمَنَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَالِهِمَا شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. بَقِيَ لَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ نَقْضَ الْبِنَاءِ وَرَدَّ السَّاجَةِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ إنْ قَضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لَا يَحِلُّ وَقَبْلَهُ قَوْلَانِ لِتَضْيِيعِ الْمَالِ بِلَا فَائِدَةٍ وَتَمَامُهُ فِي الْمُجْتَبَى

(وَإِنْ ضَرَبَ الْحَجَرَيْنِ دِرْهَمًا وَدِينَارًا أَوْ إنَاءً لَمْ يَمْلِكْهُ وَهُوَ لِمَالِكِهِ مَجَّانًا) خِلَافًا لَهُمَا (فَإِنْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ) وَنَحْوَهَا مِمَّا يُؤْكَلُ (طَرَحَهَا الْمَالِكُ عَلَيْهِ وَأَخَذَ قِيمَتَهَا أَوْ أَخَذَهَا وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَهَا وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ قَطَعَ يَدَهَا) أَوْ قَطَعَ طَرَفَ دَابَّةٍ غَيْرِ مَأْكُولَةٍ كَذَا فِي الْمُلْتَقَى قِيلَ: وَلَفْظُ غَيْرِ: غَيْرُ سَدِيدٍ هُنَا. قُلْت: قَوْلُهُ غَيْرُ سَدِيدٍ غَيْرُ سَدِيدٍ لِثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي غَيْرِ الْمَأْكُولَةِ أَيْضًا لَكِنْ إذَا اخْتَارَ رَبُّهَا أَخْذَهَا لَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ فَلْيُحْفَظْ بِخِلَافِ طَرَفِ الْعَبْدِ فَإِنَّ فِيهِ الْأَرْشَ (أَوْ خَرَقَ ثَوْبًا)

ــ

[رد المحتار]

وَالدَّنَانِيرُ لَا تَفْسُدُ. وَفِي الْبِيرِيِّ عَنْ تَلْخِيصِ الْكُبْرَى: لَوْ بَلَعَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَمَاتَ يَشُقُّ وَأَفَادَ الْبِيرِيُّ عَدَمَ الْخِلَافِ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لِعَدَمِ فَسَادِهَا، وَقَدْ عُلِمَ اخْتِلَافُ التَّصْحِيحِ فِي الدُّرَّةِ وَلَفْظُ الْفَتْوَى أَقْوَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ يُبَاعُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِمَا) هَكَذَا الْعِبَارَةُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ والشُّرُنبُلالِيَّة، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ يُبَاعُ مَعَ السَّاجَةِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ إنْ قَضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لَا يَحِلُّ) وَإِذَا نَقَصَ لَمْ يَسْتَطِعْ رَدَّ السَّاجَةِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ لِتَضْيِيعِ الْمَالِ) عِبَارَةُ الْقُهُسْتَانِيِّ قِيلَ: يَحِلُّ وَقِيلَ لَا يَحِلُّ لِتَضْيِيعِ الْمَالِ

(قَوْلُهُ وَهُوَ لِمَالِكِهِ مَجَّانًا) فَلَا يَضْمَنُ لِلْغَاصِبِ شَيْئًا لِأَجْلِ الصِّيَاغَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ إلَّا مُجَرَّدُ الْعَمَلِ إلَّا إذَا جَعَلَهُ مِنْ أَوْصَافِ مِلْكِهِ، بِحَيْثُ يَكُونُ فِي نَزْعِهِ ضَرَرٌ كَمَا لَوْ جَعَلَهُ عُرْوَةً مُزَادَةً أَوْ صَفَائِحَ فِي سَقْفٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَقَدْ انْقَطَعَ لِصَاحِبِهِ الْيَدُ عَنْهُ وَقْتَ غَصْبِهِ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ أَوْ أَخَذَهَا وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَهَا) ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ مِنْ وَجْهٍ لِفَوَاتِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ كَالْحَمْلِ وَالدَّرِّ وَالنَّسْلِ، وَبَقَاءِ بَعْضِهَا وَهُوَ اللَّحْمِ دُرَرٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَطَعَ يَدَهَا) ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ مِنْ وَجْهٍ أَيْضًا وَهَذَا فِي مِثْلِ الْبَقَرِ وَنَحْوُهُ ظَاهِرٌ، وَكَذَا فِي الشَّاةِ؛ لِأَنَّهَا تَضْعُفُ عَنْ الذَّهَابِ إلَى الْمَرْعَى فَيَقِلُّ دَرُّهَا وَيَضْعُفُ نَسْلُهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ قَطَعَ طَرَفَ دَابَّةٍ غَيْرِ مَأْكُولَةٍ) لِوُجُودِ الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ هِدَايَةٌ، وَقَيَّدَ بِالْيَدِ وَالطَّرَفِ؛ لِأَنَّ فِي عَيْنِ الْحِمَارِ أَوْ الْبَغْلِ أَوْ الْفَرَسِ رُبُعَ الْقِيمَةِ، وَكَذَا فِي عَيْنِ الْبَقَرَةِ وَالْجَزُورِ وَفِي عَيْنِ الشَّاةِ مَا نَقَصَهَا، وَسَيَجِيءُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ غَيْرُ سَدِيدٍ هُنَا) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ أَخَذَهَا وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَهَا خَاصٌّ بِالْمَأْكُولَةِ وَعَلَى إسْقَاطِ لَفْظَةِ غَيْرُ يَكُونُ مِنْ التَّعْمِيمِ بَعْدَ التَّخْصِيصِ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ الْمُلْتَقَى.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ مُرَادَهُ بِإِلْحَاقِ غَيْرِ الْمَأْكُولَةِ بِالْمَأْكُولَةِ فِي الْحُكْمِ مِنْ حَيْثُ وُجُودُ التَّخْيِيرِ فِيهِمَا بَيْنَ طَرْحِهَا عَلَى الْغَاصِبِ، وَبَيْنَ إمْسَاكِهَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا أَمْسَكَ الْمَأْكُولَةَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ النُّقْصَانَ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْكُولَةِ لِمَا عَلِمْت مِنْ وُجُودِ الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَقَدْ نَبَّهَ الشَّارِحُ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ بِقَوْلِهِ: لَكِنْ إذَا اخْتَارَ إلَخْ فَافْهَمْ.

أَقُولُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ أَيْضًا كَالْمَأْكُولَةِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ، وَلَكِنْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ لِمَا بَقِيَ قِيمَةٌ، لِعَدَمِ وُجُودِ الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْقَرِينَةُ عَلَى هَذَا التَّقْيِيدِ لَفْظُ النُّقْصَانِ، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِمَا بَقِيَ قِيمَةٌ لَمْ يَقُلْ لَهُ نُقْصَانٌ، بَلْ هَلَاكٌ وَدَلِيلُ ذَلِكَ مَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ الْمُنْتَقَى بِالنُّونِ قَطَعَ يَدَ حِمَارٍ أَوْ رِجْلَهُ وَكَانَ لِمَا بَقِيَ قِيمَةٌ، فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُمْسِكَهُ وَيَأْخُذَ النُّقْصَانَ وَكَذَا لَوْ ذَبَحَهُ، وَكَانَ لِجِلْدِهِ ثَمَنٌ لَا إنْ قَتَلَهُ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ بِمَنْزِلَةِ الدِّبَاغِ اهـ مُلَخَّصًا هَذَا وَفِي النِّهَايَةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِغَيْرِ الْمَأْكُولَةِ مَا يَشْمَلُ الْفَرَسَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ طَرَفِ الْعَبْدِ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ لَكِنْ إذَا اخْتَارَ رَبُّهَا أَخْذَهَا لَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا (قَوْلُهُ فَإِنَّ فِيهِ الْأَرْشَ) أَيْ لَهُ أَخْذُهُ مَعَ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ أَقْطَعُ، وَلَا كَذَلِكَ الدَّابَّةُ الْغَيْرُ الْمَأْكُولَةِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ خَرَقَ ثَوْبًا إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>