للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ أَنَّهَا كَالْوَقْفِ، فَتَجِبُ الْأُجْرَةُ عَلَى الشَّرِيكِ وَالزَّوْجِ لِكَوْنِ سُكْنَى الْمَرْأَةِ وَاجِبَةً عَلَيْهِ، وَهُوَ غَاصِبٌ لِدَارِ الْيَتِيمِ فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ نُجَيْمٍ فِي الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ التَّفْصِيلِ لَوْ الْيَتِيمُ يَقْدِرُ عَلَى الْمَنْعِ فَلَا أَجْرَ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ عَلَيْهِ لَا عَلَيْهَا كَمَا أَفَادَهُ فِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ. ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الدَّارِ كَمَسْأَلَةِ الْأَرْضِ وَأَنَّ الْحَاضِرَ إذَا سَكَنَ فِيمَا إذَا كَانَ لَا يَضُرُّهَا فَلِلْغَائِبِ أَنْ يَسْكُنَ قَدْرَ شَرِيكِهِ قَالُوا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (أَوْ مُعَدًّا) أَيْ أَعَدَّاهُ صَاحِبُهُ (لِلِاسْتِغْلَالِ) بِأَنْ بَنَاهُ لِذَلِكَ أَوْ اشْتَرَاهُ لِذَلِكَ قِيلَ أَوْ آجَرَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ عَلَى الْوَلَاءِ وَفِي الْأَشْبَاهِ:

ــ

[رد المحتار]

لُزُومِهَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا اسْتِثْنَاءَ وَلِذَا قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ: وَالْعَجَبُ مِنْ الْمُؤَلِّفِ كَيْفَ عَدَلَ عَمَّا عَلَيْهِ الْفَتْوَى بِلَا مُوجِبٍ فَاحْذَرْهُ (قَوْلُهُ فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ) ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ دُونَ مَنْ يَتْبَعُهُ وَنَقَلَ الْبِيرِيُّ عَنْ الْمُحِيطِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ لَهَا السُّكْنَى بِحُكْمِ الْحَاجَةِ، وَإِنْ كَانَ فَلَا كَمَا إذَا كَانَ لَهَا مَالٌ (قَوْلُهُ وَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ إلَخْ) عِبَارَتُهَا سَكَنَتْ مَعَ زَوْجِهَا بِبَيْتِ ابْنِهَا الصَّغِيرِ قَالَ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَنْعِ بِأَنْ كَانَ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ سِتٍّ، فَعَلَيْهَا أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ، حَيْثُ كَانَ لَهَا زَوْجٌ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ يَقْدِرُ عَلَى الْمَنْعِ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهَا اهـ.

وَفِيهَا مُخَالَفَةٌ لِمَا فِي الْبِيرِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ حَيْثُ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا سَكَنَتْ بِغَيْرِ أَمْرِ الزَّوْجِ وَقَدَّرَ مُدَّةَ قُدْرَةِ الِابْنِ عَلَى الْمَنْعِ، بِأَنْ كَانَ ابْنَ عَشْرٍ فَأَكْثَرَ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهَا سَكَنَتْ وَحْدَهَا، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ ابْنَ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ يَلْزَمُهَا الْأَجْرُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِعِبَارَةِ الصَّيْرَفِيَّةِ الْمَارَّةِ (قَوْلُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ) خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَنْعِ فَلَا عِبْرَةَ بِتَبَرُّعِهِ وَهُوَ صَبِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهَا كَالْوَقْفِ كَذَا فِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ، لَا عَلَى مَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ كَمَا قِيلَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَهُوَ عَلَيْهِ) أَيْ فَالْأَجْرُ وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ لَا عَلَيْهَا.

أَقُولُ: وَعَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمُحِيطِ فَهُوَ عَلَيْهَا لَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْخَانِيَّةِ إلَخْ) نَقَلَ أَوَّلًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ عَنْ مُحَمَّدٍ إنْ عَلِمَ الْحَاضِرُ أَنَّ الزَّرْعَ يَنْفَعُهَا لَهَا زَرَعَ كُلَّهَا، فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِكُلِّ الْأَرْضِ مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِثُبُوتِ رِضَا الْغَائِبِ بِمِثْلِ ذَلِكَ دَلَالَةً، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَنْقُصُهَا لَيْسَ لِلْحَاضِرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الرِّضَا غَيْرُ ثَابِتٍ. ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّ الْحَاضِرَ لَا يَلْزَمُهُ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ أَجْرٌ وَلَيْسَ لِلْغَائِبِ اسْتِعْمَالُهُ بِقَدْرِ تِلْكَ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ بَعْدَ الْخُصُومَةِ قَالَ: وَبَيْنَهُمَا تَدَافُعٌ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالدَّارِ، وَهُوَ بَعِيدٌ أَوْ أَنَّهُمَا رِوَايَتَانِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الدَّارِ كَمَسْأَلَةِ الْأَرْضِ، وَأَنَّ لِلْغَائِبِ أَنْ يَسْكُنَ مِثْلَ مَا سَكَنَ شَرِيكُهُ وَأَنَّ الْمَشَايِخَ اسْتَحْسَنُوا ذَلِكَ وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ مُلَخَّصًا. وَنَقَلَ الْبِيرِيُّ عِبَارَةَ الْخَانِيَّةِ أَيْضًا مُفَصَّلَةً وَأَقَرَّهَا وَكَذَلِكَ الْمُحَشِّي أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ قَالُوا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) لَفْظَةُ قَالُوا يُؤْتَى بِهَا غَالِبًا لِلتَّضْعِيفِ، وَلَمْ أَرَهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَلَعَلَّهُ زَادَهَا إشْعَارًا بِاخْتِيَارِ خِلَافِهِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ آخِرَ كِتَابِ الشَّرِكَةِ عَنْ الْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ نُجَيْمٍ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ الْيَوْمَ هَذَا وَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ كَمَا فَعَلَ الْبِيرِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ قِيلَ أَوْ آجَرَهُ إلَخْ) نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ أَنَّهُ يَصِيرُ مُعَدًّا بِذَلِكَ، ثُمَّ نَقَلَ أَنَّهَا بِسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَا تَصِيرُ مُعَدَّةً.

أَقُولُ: وَفِي أَوَائِلِ إجَارَاتِ الْقُنْيَةِ عَنْ الْأَصْلِ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا سِنِينَ، فَعَلَيْهِ أَجْرُ السَّنَةِ الْأُولَى وَنُقْصَانُ الْأَرْضِ فِيمَا بَعْدَهَا، وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ قَالَ الْقَاضِي الصَّدْرُ: هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ مَعْرُوفَةً بِالْإِجَارَةِ، بِأَنْ كَانَتْ لَا تُؤَجَّرُ كُلَّ سُنَّةٍ فَلَوْ عُرِفَتْ بِهَا يَجِبُ أَجْرُ السِّنِينَ الْمُسْتَقْبَلَةِ، بِلَا خِلَافٍ، فَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا تَصِيرُ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِلْإِجَارَةِ بِالْإِجَارَةِ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ وَنَحْوُهُ فِي الْمُحِيطِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>