تَبَعًا لِلْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَلْيُحْفَظْ.
(وَرُكْنُهَا أَخْذُ الشَّفِيعِ مِنْ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهَا وَشَرْطِهَا. (وَحُكْمُهَا جَوَازُ الطَّلَبِ عِنْدَ تَحَقُّقِ السَّبَبِ)
ــ
[رد المحتار]
الِاسْتِنَادِ إلَى النَّقْلِ، وَكَانَ يَنْبَغِي إبْدَاءُ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْعُلْوِ لِلْإِيضَاحِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْبِنَاءَ فِيمَا ذُكِرَ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْبَقَاءِ عَلَى الدَّوَامِ بَلْ هُوَ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ، لِمَا قَالُوا: إنَّ الْأَرْضَ الْمُحْتَكَرَةَ إذَا امْتَنَعَ الْمُحْتَكِرُ مِنْ دَفْعِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ يُؤْمَرُ بِرَفْعِ بِنَائِهِ وَتُؤْجَرُ لِغَيْرِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي السُّلْطَانِيَّةِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ مَا عَيَّنَهُ السُّلْطَانُ، بِخِلَافِ حَقِّ التَّعَلِّي فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى الدَّوَامِ كَمَا مَرَّ. وَبِهِ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ ح مِنْ أَنَّ تَعْلِيلَهُمْ إلْحَاقَ الْعُلْوِ بِالْعَقَارِ بِأَنَّ لَهُ حَقَّ الْقَرَارِ يُؤَيِّدُ ابْنَ الْكَمَالِ اهـ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ تَبَعًا لِلْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا) فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَا شُفْعَةَ فِي الْكِرْدَارِ: أَيْ الْبِنَاءِ وَيُسَمَّى بِخَوَارِزْمَ حَقَّ الْقَرَارِ لِأَنَّهُ نَقْلِيٌّ كَالْأَرَاضِيِ السُّلْطَانِيَّةِ الَّتِي حَازَهَا السُّلْطَانُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَيَدْفَعُهَا مُزَارَعَةً إلَى النَّاسِ بِالنِّصْفِ فَصَارَ لَهُمْ فِيهَا كِرْدَار كَالْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ وَالْكَبْسِ بِالتُّرَابِ فَبَيْعُهَا بَاطِلٌ، وَبَيْعُ الْكِرْدَارِ إذَا كَانَ مَعْلُومًا يَجُوزُ لَكِنْ لَا شُفْعَةَ فِيهِ اهـ مُلَخَّصًا، وَنَحْوُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالذَّخِيرَةِ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ السِّرَاجِيَّةِ: رَجُلٌ لَهُ دَارٌ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَلَوْ بَاعَ هُوَ عِمَارَتَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِ اهـ.
مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الشُّفْعَةِ فِي الْبِنَاءِ نَحْوُ الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ هَذَا وَقَدْ انْتَصَرَ أَبُو السُّعُودِ فِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٍ لِابْنِ الْكَمَالِ وَجَزَمَ بِخَطَإِ مَنْ أَفْتَى بِأَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِي الْبِنَاءِ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ كَالطُّورِيِّ إذْ لَا سَنَدَ لَهُ فِي فَتْوَاهُ؛ ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ لَوْ بِيعَ النَّخْلُ وَحْدَهُ أَوْ الْبِنَاءُ وَحْدَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِأَنَّهُمَا لَا قَرَارَ لَهُمَا بِدُونِ الْعَرْصَةِ. قَالَ: فَتَعْلِيلُهُ كَالصَّرِيحِ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي الْبِنَاءِ فِي الْمُحْتَكَرَةِ لِمَا لَهُ مِنْ حَقِّ الْقَرَارِ اهـ. وَاسْتَدَلَّ قَبْلَ هَذَا أَيْضًا بِمَا هُوَ دَلِيلٌ عَلَيْهِ لَا لَهُ كَمَا تَعْرِفُهُ. وَأَمَّا مَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ أَيْضًا لِأَنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ لِبَيَانِ الْفَرْقِ بَيْنَ بَيْعِ الْبِنَاءِ أَوْ النَّخْلِ وَحْدَهُ وَبَيْنَ بَيْعِهِ مَعَ مَحِلِّهِ الْقَائِمِ فِيهِ فَإِنَّهُ تَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ لِوُجُودِ حَقِّ الْقَرَارِ عَلَى الدَّوَامِ، بِخِلَافِ بَيْعِ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ وَحْدَهُ وَلَوْ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ كَمَا عَلِمْته مِمَّا قَرَّرْنَاهُ سَابِقًا. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ ابْنِ الْكَمَالِ بِحَقِّ الْقَرَارِ الْمَحِلُّ الْقَائِمُ فِيهِ فَلَا يَكُونُ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ إذْ لَا سَنَدَ لَهُ فِي فَتْوَاهُ عَجِيبٌ بَعْدَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ النُّقُولِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَطْعًا مَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ بَيْعَ أَرْضِ مَكَّةَ لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبِنَاءِ فَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا تَجِبُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّهُ بَاعَ الْمَمْلُوكَ اهـ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُفَادَ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الشُّفْعَةَ فِيهَا إنَّمَا تَثْبُتُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أَرْضَهَا مَمْلُوكَةٌ لَا أَنَّ مُجَرَّدَ الْبِنَاءِ فِيهَا يُوجِبُ الشُّفْعَةَ فَيَكُونُ حُكْمُهُ مُخَالِفًا لِحُكْمِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَبْنِيَةِ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ ابْنِ وَهْبَانَ اهـ أَيْ فَإِنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمُ أَنَّ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ فِيهَا لِمُجَرَّدِ الْبِنَاءِ فَتَجِبُ، وَلَوْ قِيلَ إنَّ أَرْضَهَا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ فَيُخَالِفُ حُكْمَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَبْنِيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ ثُبُوتُهَا خَاصٌّ بِالْقَوْلِ بِمِلْكِيَّةِ أَرْضِهَا لِيَكُونَ الْبِنَاءُ تَابِعًا لِلْأَرْضِ فَلَا يَكُونُ مِنْ بَيْعِ الْمَنْقُولِ. وَالْعَجَبُ مِنْ أَبِي السُّعُودِ حَيْثُ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْكَلَامِ وَجَعَلَهُ صَرِيحًا فِيمَا ادَّعَاهُ مَعَ أَنَّهُ صَرِيحٌ بِخِلَافِهِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَإِنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أَرْضَهَا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ فَالْبِنَاءُ فِيهَا لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ عَلَى الدَّوَامِ وَمَعَ هَذَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ فَكَيْفَ الْبِنَاءُ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ، لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ مِنْ هَذَا عَدَمُ ثُبُوتِهَا فِي الْعُلْوِ لِأَنَّا نَقُولُ: الْبِنَاءُ مِنْ الْمَنْقُولِ بِخِلَافِ الْعُلْوِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute