لِزَوَالِ الْمُزَاحَمَةِ (لَيْسَ لِمَنْ بَقِيَ أَخْذُ نَصِيبِ التَّارِكِ) لِأَنَّهُ بِالْقَضَاءِ قَطَعَ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ زَيْلَعِيٌّ (وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ غَائِبًا يُقْضَى بِالشُّفْعَةِ بَيْنَ الْحَاضِرِينَ فِي الْجَمِيعِ) لِاحْتِمَالِ عَدَمِ طَلَبِهِ فَلَا يُؤَخَّرُ بِالشَّكِّ (وَكَذَا لَوْ كَانَ الشَّرِيكُ غَائِبًا فَطَلَبَ الْحَاضِرُ يُقْضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ) كُلِّهَا (ثُمَّ إذَا حَضَرَ وَطَلَبَ قُضِيَ لَهُ بِهَا) فَلَوْ مِثْلَ الْأَوَّلِ قُضِيَ لَهُ بِنِصْفِهِ، وَلَوْ فَوْقَهُ فَبِكُلِّهِ، وَلَوْ دُونَهُ مَنَعَهُ خُلَاصَةٌ.
(أَسْقَطَ) الشَّفِيعُ قَبْلَ (الشُّفْعَةِ الشِّرَاءَ لَمْ يَصِحَّ) لِفَقْدِ شَرْطِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ. (أَرَادَ الشَّفِيعُ أَخْذَ الْبَعْضِ وَتَرْكَ الْبَاقِي لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ جَبْرًا عَلَى الْمُشْتَرِي) لِضَرَرِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (وَلَوْ جَعَلَ بَعْضُ الشُّفَعَاءِ نَصِيبَهُ لِبَعْضٍ لَمْ يَصِحَّ وَسَقَطَ حَقُّهُ بِهِ) لَا إعْرَاضُهُ وَيُقَسَّمُ بَيْنَ الْبَقِيَّةِ، بَلْ لَوْ طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ النِّصْفَ بِنَاءً أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فَقَطْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ إذْ شَرْطُ صِحَّتِهَا أَنْ يَطْلُبَ الْكُلَّ كَمَا بَسَطَهُ الزَّيْلَعِيُّ فَلْيُحْفَظْ.
(وَصَحَّ بَيْعُ دُورِ مَكَّةَ فَتَجِبُ الشُّفْعَةُ فِيهَا) وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى أَشْبَاهٌ. قُلْت: وَمُفَادُهُ صِحَّةُ إجَارَتِهَا بِالْأَوْلَى، وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ فَلْيُحْفَظْ، لَكِنَّهُ يُكْرَهُ وَسَنُحَقِّقُهُ فِي الْحَظْرِ وَفِيهَا
ــ
[رد المحتار]
ثُمَّ رَأَيْت ط نَقَلَ عَنْ الْعَلَّامَةِ الْمَكِّيِّ أَنَّ عَدَمَ أَخْذِ الْبَاقِينَ نَصِيبَ التَّارِكِ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّرْكِ لِتَقَرُّرِ مِلْكِهِ بِالْقَضَاءِ لَا لِانْقِطَاعِ حَقِّهِمْ بِهِ مَعَ صِحَّةِ التَّرْكِ مِنْهُ اهـ وَبِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ (قَوْلُهُ لِزَوَالِ الْمُزَاحَمَةِ) أَيْ مُزَاحَمَةِ الْمُشَارِكِ لَهُمْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَزَوَالُهَا بِتَرْكِهِ قَبْلَ تَقَرُّرِ مِلْكِهِ وَفِي النِّهَايَةِ إذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا كُلَّهَا أَوْ يَدَعَهَا لِأَنَّ مُزَاحَمَةَ مَنْ سَلَّمَ قَدْ زَالَتْ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ (قَوْلُهُ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الشَّرِيكُ غَائِبًا إلَخْ) يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ثُمَّ إذَا حَضَرَ وَطَلَبَ) أَيْ الْغَائِبُ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ قُضِيَ لَهُ بِهَا) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَإِنْ قُضِيَ لِحَاضِرٍ بِالْجَمِيعِ ثُمَّ حَضَرَ آخَرُ يُقْضَى لَهُ بِالنِّصْفِ، وَلَوْ حَضَرَ ثَالِثٌ فَبِثُلُثٍ مَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ تَحْقِيقًا لِلتَّسْوِيَةِ (قَوْلُهُ فَلَوْ مِثْلَ الْأَوَّلِ) أَيْ لَوْ كَانَ الَّذِي حَضَرَ مِثْلَ الْأَوَّلِ كَشَرِيكَيْنِ أَوْ جَارَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فَوْقَهُ) كَأَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ جَارًا وَالثَّانِي شَرِيكًا فَيُقْضَى لَهُ بِالْكُلِّ وَيَبْطُلُ شُفْعَةُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ دُونَهُ) كَعَكْسِ مَا قُلْنَا
(قَوْلُهُ لِفَقْدِ شَرْطِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ) أَيْ وَإِنْ وُجِدَ السَّبَبُ وَهُوَ اتِّصَالُ مِلْكِ الشَّفِيعِ بِالْمُشْرَى لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ سَبَبًا إلَّا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ مِنَحٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ شُفْعَتَهُ لَمْ تَبْطُلْ بِذَلِكَ وَفِي الْمَجْمَعِ وَلَا يَجْعَلُ يَعْنِي أَبَا يُوسُفَ قَوْلَهُ أَخَذَ نِصْفَهَا تَسْلِيمًا، وَخَالَفَهُ مُحَمَّدٌ. قَالَ شَارِحُهُ: وَفِي الْمُحِيطِ الْأَصَحُّ قَوْلُ مُحَمَّدٍ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ وَشَرْحِهِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ قَالَ لِلْمُشْتَرِي: سَلِّمْ لِي نِصْفَهَا فَأَبَى الْمُشْتَرِي لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّ طَلَبَ تَسْلِيمِ النِّصْفِ لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا اهـ يَعْنِي إسْقَاطًا لِلْبَاقِي (قَوْلُهُ وَلَوْ جُعِلَ إلَخْ) أَيْ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ بِنَاءً أَنَّهُ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ (قَوْلُهُ إذْ شَرْطُ صِحَّتِهَا أَنْ يَطْلُبَ الْكُلَّ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْكُلَّ وَالْقِسْمَةَ لِلْمُزَاحَمَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَا حَاضِرَيْنِ فَطَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا النِّصْفَ بَطَلَتْ، وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْكُلَّ وَالْآخَرُ النِّصْفَ بَطَلَ حَقُّ مَنْ طَلَبَ النِّصْفَ، وَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ الْكُلَّ أَوْ يَتْرُكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ زَيْلَعِيٌّ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّلَبِ هُنَا طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ وَالْإِشْهَادِ، وَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْمَجْمَعِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا طَلَبَ أَخْذَ النِّصْفِ بَعْدَهُمَا فَلَا مُنَافَاةَ فَتَأَمَّلْ، وَسَيَأْتِي بُعَيْدَ الْحِيَلِ مَا يُؤَيِّدُهُ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ فَتَجِبُ الشُّفْعَةُ فِيهَا) أَفَادَ أَنَّ وُجُوبَهَا فَرْعٌ عَنْ جَوَازِ بَيْعِ أَرْضِهَا عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الْبِنَاءِ لَا يُوجِبُ الشُّفْعَةَ، وَقَدَّمْنَا بَيَانَهُ (قَوْلُهُ وَسَنُحَقِّقُهُ فِي الْحَظْرِ) نَقَلَ فِيهِ عَنْ إجَارَةِ الْوَهْبَانِيَّةِ والتتارخانية. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَكْرَهُ إجَارَةَ بُيُوتِ مَكَّةَ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ، وَكَانَ يُفْتِي لَهُمْ أَنْ يَنْزِلُوا عَلَيْهِمْ فِي بُيُوتِهِمْ، - {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج: ٢٥]- وَرَخَّصَ فِيهَا فِي غَيْرِ الْمَوْسِمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute