للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْإِقَالَةَ بِمَنْزِلَةِ بَيْعٍ مُبْتَدَأٍ.

(وَتَثْبُتُ) الشُّفْعَةُ (لِلْعَبْدِ الْمَأْذُونِ الْمُسْتَغْرِقِ بِالدَّيْنِ) إحَاطَةُ الدَّيْنِ بِرَقَبَتِهِ وَكَسْبُهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ ابْنُ كَمَالٍ (فِي مَبِيعِ سَيِّدِهِ، وَ) تَثْبُتُ (لِسَيِّدِهِ فِي مَبِيعِهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ، وَشِرَاءُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ يَجُوزُ (وَ) تَثْبُتُ (لِمَنْ شَرَى) أَصَالَةً أَوْ وَكَالَةً (أَوْ اشْتَرَى لَهُ) بِالْوَكَالَةِ، وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُوَكِّلُ بِالشِّرَاءِ شَرِيكًا وَلِلدَّارِ شَرِيكٌ آخَرُ فَلَهُمَا الشُّفْعَةُ، وَلَوْ هُوَ شَرِيكًا وَلِلدَّارِ جَارٍ فَلَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ مَعَ وُجُودِهِ. (لَا) شُفْعَةَ (لِمَنْ بَاعَ) أَصَالَةً أَوْ وَكَالَةً (أَوْ بِيعَ لَهُ) أَيْ وَكَّلَ بِالْبَيْعِ (أَوْ ضَمِنَ الدَّرَكَ) وَالْأَصْلُ أَنَّ الشُّفْعَةَ تَبْطُلُ بِإِظْهَارِ الرَّغْبَةِ عَنْهَا لَا فِيهَا.

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ وَالْإِقَالَةَ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الرَّدَّ وَالظَّرْفُ بَعْدَهُ خَبَرُ إنَّ، وَكَوْنُ الْإِقَالَةِ بِمَنْزِلَةِ بَيْعٍ مُبْتَدَإٍ إذَا كَانَتْ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ فَلَوْ بِلَفْظِ مُفَاسَخَةٍ أَوْ مُتَارَكَةٍ أَوْ تَرَادٍّ لَمْ تُجْعَلْ بَيْعًا اتِّفَاقًا كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا سَائِحَانِيٌّ

(قَوْلُهُ الْمُسْتَغْرِقِ) بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ: أَيْ الَّذِي اسْتَغْرَقَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ بِالدَّيْنِ وَبِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ: أَيْ الَّذِي اسْتَغْرَقَهُ الدَّيْنُ ط (قَوْلُهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ) بَلْ الشَّرْطُ كَوْنُهُ مَدْيُونًا إذَا كَانَ الْبَائِعُ مَوْلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْعَبْدُ شَفِيعَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ. أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ الْمَوْلَى فَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الدَّيْنِ أَصْلًا كَمَا أَفَادَهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَشِرَاءُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ يَجُوزُ) أَيْ إنْ كَانَ الْعَبْدُ مَدْيُونًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَإِلَّا فَهُوَ بَاطِلٌ، فَلَا شُفْعَةَ لِلْمَوْلَى لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ لَهُ لَا لِلْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ أَصَالَةً أَوْ وَكَالَةً) لَكِنَّ الْوَكِيلَ يَطْلُبُ الشُّفْعَةَ مِنْ الْمُوَكِّلِ، بِخِلَافِ الْأَصِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الطَّلَبِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَكَذَا تَثْبُتُ لِلْأَبِ لَوْ شَرَى لِطِفْلِهِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْفُرُوعِ (قَوْلُهُ وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي) أَيْ أَصَالَةً أَوْ وَكَالَةً. وَبَيَانُ ذَلِكَ: بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ فِي دَارٍ حِصَّتَهُ مِنْهَا لِلْآخَرِ فَاشْتَرَى لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ أَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِوَكِيلِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَجَاءَ ثَالِثٌ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ، فَإِنْ كَانَ شَرِيكًا قُسِمَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي فِي الْأَوَّلِ، أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوَكِّلِ فِي الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ جَارًا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ مَعَ وُجُودِ الْمُشْتَرِي أَوْ مُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ مَا لَمْ يُسَلِّمْ. وَفِي الْقُنْيَةِ: اشْتَرَى الْجَارُ دَارًا وَلَهَا جَارٌ آخَرُ فَطَلَبَ الشُّفْعَةَ وَكَذَا الْمُشْتَرِي فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُمَا شَفِيعَانِ. قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ: فَقَوْلُهُ وَكَذَا الْمُشْتَرِي: أَيْ إذَا طَلَبَ وَلَمْ يُسَلِّمْ لِلشَّفِيعِ الْآخَرِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ جَاءَ ثَالِثٌ قُسِمَتْ أَثْلَاثًا أَوْ رَابِعٌ فَأَرْبَاعًا؛ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: لَوْ سَلَّمَ الْجَارُ الْمُشْتَرِي كُلَّهَا لِلْجَارِ الْآخَرِ كَانَ نِصْفُهَا لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَالنِّصْفُ بِالشِّرَاءِ اهـ.

قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ: وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ شِرَاءٌ بِالتَّعَاطِي لِأَنَّهُ تَمَلَّكَ النِّصْفَ بِالشُّفْعَةِ جَبْرًا عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِذَا سَلَّمَ لَهُ النِّصْفَ الثَّانِيَ بِرِضَاهُ فَقَبِلَهُ الْآخَرُ كَانَ شِرَاءً تَأَمَّلْ. هَذَا، وَفِي كَلَامِ ابْنِ الشِّحْنَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْقُنْيَةِ فَطَلَبَ الشُّفْعَةَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ الْكُلَّ لِلْآخَرِ لَا حَقِيقَةُ الطَّلَبِ، فَلَا يُنَافِي مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّ الْأَصِيلَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الطَّلَبِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا شُفْعَةَ لِمَنْ بَاعَ أَصَالَةً) كَأَنْ بَاعَ عَقَارًا لَهُ مُجَاوِرًا لِعَقَارٍ لَهُ آخَرَ وَلِلْعَقَارِ الْمَبِيعِ جَارٌ طَلَبَ الشُّفْعَةَ لَا يُشَارِكُهُ الْبَائِعُ فِيهَا (قَوْلُهُ أَوْ وَكَالَةً) كَأَنْ بَاعَ عَقَارًا بِالْوَكَالَةِ مُجَاوِرًا لِعَقَارِهِ (قَوْلُهُ أَيْ وَكَّلَ بِالْبَيْعِ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ أَوْ بِيعَ لَهُ، كَأَنْ وَكَّلَ غَيْرَهُ بِبَيْعِ عَقَارٍ بِجَنْبِ عَقَارِ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ أَوْ ضَمِنَ الدَّرَكَ) بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ السُّكُونِ: أَيْ الثَّمَنَ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ، فَلَا شُفْعَةَ لِضَامِنِهِ فِي عَقَارِ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ كَالْبَائِعِ قُهُسْتَانِيٌّ لِأَنَّ ضَمَانَ الدَّرَكِ تَقْرِيرٌ لِلْبَيْعِ كَمَا فِي الدُّرَرِ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ إلَخْ) وَلِأَنَّ أَخْذَهُ بِالشُّفْعَةِ يَكُونُ سَبَبًا فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ الْمِلْكُ وَالْيَدُ لِلْمُشْتَرِي، وَسَعْيُ الْإِنْسَانِ فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ مَرْدُودٌ دُرَرٌ. أَيْ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَوْ الْمُشْتَرِي نَفْسَهُ لِأَنَّهُ مُحَقِّقٌ لِمَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>