للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيمَا بِيعَ فَاسِدًا وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ لِاحْتِمَالِ الْفَسْخِ نَعَمْ إذَا سَقَطَ الْفَسْخُ بِالْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ وَجَبَتْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تُكْرَهُ الْحِيلَةُ لِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وِفَاقًا) كَقَوْلِهِ لِلشَّفِيعِ اشْتَرِهِ مِنِّي ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ. وَأَمَّا الْحِيلَةُ لِدَفْعِ ثُبُوتِهَا ابْتِدَاءً، فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا تُكْرَهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تُكْرَهُ، وَيُفْتَى بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي الشُّفْعَةِ قَيَّدَهُ فِي السِّرَاجِيَّةِ بِمَا إذَا كَانَ الْجَارُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، وَاسْتَحْسَنَهُ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ (وَبِضِدِّهِ) وَهُوَ الْكَرَاهَةُ (فِي الزَّكَاةِ) وَالْحَجِّ وَآيَةِ السَّجْدَةِ جَوْهَرَةٌ (وَلَا حِيلَةَ) مَوْجُودَةٌ فِي كَلَامِهِمْ (لِإِسْقَاطِ الْحِيلَةِ) بَزَّازِيَّةٌ. قَالَ: وَطَلَبْنَاهَا كَثِيرًا فَلَمْ نَجِدْهَا.

(إذَا اشْتَرَى جَمَاعَةٌ عَقَارًا وَالْبَائِعُ وَاحِدٌ يَتَعَدَّدُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بِتَعَدُّدِهِمْ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ بَعْضِهِمْ وَيَتْرُكَ الْبَاقِيَ وَبِعَكْسِهِ) وَهُوَ مَا إذَا تَعَدَّدَ الْبَائِعُ وَاتَّحَدَ الْمُشْتَرِي (لَا) يَتَعَدَّدُ الْأَخْذُ، بَلْ يَأْخُذُ الْكُلَّ أَوْ يَتْرُكُ

ــ

[رد المحتار]

مَنْقُولَةٌ عَنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ حَتَّى تَتَرَجَّحَ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى، كَيْفَ وَكَثِيرٌ مِنْ الشُّرُوحِ كَالنِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا يَنْقُلُونَ عَنْ أَصْحَابِ الْفَتَاوَى فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَقَلَهَا عَنْهُمْ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ مُنْصِفًا (قَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا إلَخْ) هَذِهِ ذَكَرَهَا الرَّمْلِيُّ عَنْ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ جُمْلَةِ الْحِيَلِ.

أَقُولُ: وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ لَا يَحِلُّ فِعْلُهَا وَأَنَّهَا مُضِرَّةٌ لِفَاعِلِهَا فِي دِينِهِ بِمُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَفِي دُنْيَاهُ إذَا طَلَبَ الشَّفِيعُ بَعْدَ مَا سَقَطَ الْفَسْخُ بِبِنَاءٍ وَنَحْوِهِ

(قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ) أَقُولُ: مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْبَزَّازِيُّ لَا يَصْلُحُ مُسْقِطًا، إذْ لَوْ سَكَتَ الشَّفِيعُ أَوْ قَالَ لَا أَشْتَرِي لَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ. وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ: وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ أَنَا أَبِيعُهَا مِنْك بِمَا أَخَذْت فَلَا فَائِدَةَ لَك فِي الْأَخْذِ فَيَقُولَ الشَّفِيعُ نَعَمْ أَوْ يَقُولَ اشْتَرَيْت فَتَبْطُلَ شُفْعَتُهُ اهـ.

أَقُولُ: وَمِنْهَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ الشُّفْعَةَ أَوْ يُصَالِحَهُ عَلَيْهَا بِمَالٍ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَيَسْتَرِدُّ الْمَالَ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَيُفْتَى بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي الشُّفْعَةِ) بَلْ نَقَلَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهَا. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَإِنْ قَبْلَ الثُّبُوتِ لَا بَأْسَ بِهِ عَدْلًا كَانَ يَعْنِي الشَّفِيعَ أَوْ فَاسِقًا فِي الْمُخْتَارِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِبْطَالٍ (قَوْلُهُ وَاسْتَحْسَنَهُ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ) هُوَ الْعَلَّامَةُ شَرَفُ الدِّينِ الْغَزِّيِّ فِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ، حَيْثُ قَالَ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ هَذَا الْقَوْلِ لِحُسْنِهِ اهـ ط (قَوْلُهُ فِي الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَآيَةِ السَّجْدَةِ) كَأَنْ يَبِيعَ السَّائِمَةَ بِغَيْرِهَا قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ يَهَبَ لِابْنِهِ الْمَالَ قَبْلَهُ أَوْ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ يَقْرَأَ سُورَةَ السَّجْدَةِ وَيَدَعَ آيَتَهَا.

قَالَ ط: قُلْت: أَوْ يَقْرَأَهَا سِرًّا بِحَيْثُ لَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إسْمَاعُ نَفْسِهِ لَا مُجَرَّدُ تَصْحِيحِ الْحُرُوفِ (قَوْلُهُ لِإِسْقَاطِ الْحِيلَةِ) أَيْ فِي الشُّفْعَةِ، أَمَّا فِي غَيْرِهَا فَقَدْ وُجِدَ كَمَا بَيَّنَهُ الْبِيرِيُّ (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

أَقُولُ: أَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ لِصَاحِبِ الظَّهِيرِيَّةِ عَنْ وَالِدِهِ، وَذَكَرَ الرَّحْمَتِيُّ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ مَا كَانَ تَلْجِئَةً، وَكَذَا قَوْلُهُ أَنَا أَعْلَمُ قِيمَةَ الْفُلُوسِ يَصْلُحُ حِيلَةً لِإِسْقَاطِ الْحِيلَةِ.

مَطْلَبٌ لَا شُفْعَةَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِدَارٍ.

[تَتِمَّةٌ]

رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مَا حَاصِلُهُ: أَقَرَّ بِسَهْمٍ مِنْ الدَّارِ ثُمَّ بَاعَ مِنْهُ الْبَقِيَّةَ لَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ، ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ وَأَنْكَرَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ؛ وَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ، فَالرِّوَايَةُ مَنْصُوصَةٌ فِيمَنْ أَقَرَّ بِدَارٍ لِآخَرَ وَسَلَّمَهَا، ثُمَّ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا لَا شُفْعَةَ لِلْمُقَرِّ لَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ اهـ أَيْ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ، وَمُقْتَضَاهُ أَنْ لَا شُفْعَةَ لِلْمُقَرِّ أَيْضًا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَالْبَائِعُ وَاحِدٌ)

<<  <  ج: ص:  >  >>