عَلَى الصَّحِيحِ (وَالْمَرِيءُ) هُوَ مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ (وَالْوَدَجَانِ) مَجْرَى الدَّمِ (وَحَلَّ) الْمَذْبُوحُ (بِقَطْعِ أَيِّ ثَلَاثٍ مِنْهَا) إذْ لِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ وَهَلْ يَكْفِي قَطْعُ أَكْثَرِ كُلٍّ مِنْهَا؟ خِلَافٌ وَصَحَّحَ الْبَزَّازِيُّ قَطْعَ كُلِّ حُلْقُومٍ وَمَرِيءٍ وَأَكْثَرِ وَدَجٍ وَسَيَجِيءُ أَنَّهُ يَكْفِي مِنْ الْحَيَاةِ قَدْرُ مَا يَبْقَى فِي الْمَذْبُوحِ
(وَ) حَلَّ الذَّبْحُ (بِكُلِّ مَا أَفْرَى الْأَوْدَاجَ) أَرَادَ بِالْأَوْدَاجِ كُلَّ الْأَرْبَعَةِ تَغْلِيبًا (وَأَنْهَرَ الدَّمَ) أَيْ أَسَالَهُ
ــ
[رد المحتار]
وَقَالَ: أَلَا تَرَى قَوْلَ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ أَوْ أَعْلَاهُ فَإِذَا ذَبَحَ فِي الْأَعْلَى لَا بُدَّ أَنْ تَبْقَى الْعُقْدَةُ تَحْتُ وَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَى الْعُقْدَةِ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا كَلَامِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ الذَّكَاةُ بَيْنَ اللَّبَّةِ وَاللَّحْيَيْنِ بِالْحَدِيثِ، وَقَدْ حَصَلَتْ لَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِثَلَاثٍ مِنْ الْأَرْبَعِ أَيًّا كَانَتْ.
وَيَجُوزُ تَرْكُ الْحُلْقُومِ أَصْلًا فَبِالْأَوْلَى إذَا قُطِعَ مِنْ أَعْلَاهُ وَبَقِيَتْ الْعُقْدَةُ أَسْفَلَ اهـ، وَمِثْلُهُ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الدُّرَرِ وَالْمُلْتَقَى وَالْعَيْنِيُّ وَغَيْرُهُمْ، لَكِنْ جَزَمَ فِي النُّقَايَةِ وَالْمَوَاهِبِ وَالْإِصْلَاحِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْعُقْدَةُ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ وَإِلَيْهِ مَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَقَالَ: مَا قَالَهُ الرُّسْتُغْفَنِيُّ مُشْكِلٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَلَا الْمَرِيءِ وَأَصْحَابُنَا وَإِنْ اشْتَرَطُوا قَطْعَ الْأَكْثَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِذَا لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ الْعُقْدَةِ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ لَمْ يَحْصُلْ قَطْعُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يُؤْكَلُ بِالْإِجْمَاعِ إلَخْ. وَرَدَّهُ مُحَشِّيهِ الشَّلَبِيُّ وَالْحَمَوِيُّ. وَقَالَ الْمَقْدِسِيَّ: قَوْلُهُ لَمْ يَحْصُلْ قَطْعُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ بَلْ خِلَافُ الْوَاقِعِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَطْعِهِمَا فَصْلُهُمَا عَنْ الرَّأْسِ أَوْ عَنْ الِاتِّصَالِ بِاللَّبَّةِ اهـ.
وَقَالَ الرَّمْلِيُّ: لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ قَطْعِ الْمَرِيءِ إذْ يُمْكِنُ أَنْ يَقْطَعَ الْحَرْقَدَ كَزِبْرِجٍ وَهُوَ أَصْلُ اللِّسَانِ وَيَنْزِلَ عَلَى الْمَرِيءِ فَيَقْطَعُهُ فَيَحْصُلُ قَطْعُ الثَّلَاثَةِ اهـ.
أَقُولُ: وَالتَّحْرِيرُ لِلْمَقَامِ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ بِالذَّبْحِ فَوْقَ الْعُقْدَةِ حَصَلَ قَطْعُ ثَلَاثَةٍ مِنْ الْعُرُوقِ. فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ تَبَعًا للرستغفني، وَإِلَّا فَالْحَقُّ خِلَافُهُ، إذْ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْحِلِّ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ سُؤَالِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، فَاغْتَنِمْ هَذَا الْمَقَالَ وَدَعْ عَنْك الْجِدَالَ (قَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي أَكْثَرِ كُتُبِ اللُّغَةِ وَالطِّبِّ.
وَفِي الْهِدَايَةِ أَنَّهُ مَجْرَى الْعَلَفِ وَالْمَاءِ، وَالْمَرِيءُ مَجْرَى النَّفْسِ. قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: وَهُوَ سَهْوٌ، لَكِنْ نَقَلَ مِثْلَهُ ابْنُ الْكَمَالِ عَنْ الْكَشَّافِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ وَالْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْمَبْسُوطِينَ. وَقَالَ فِي الطَّلَبَةِ: الْحُلْقُومُ مَجْرَى الطَّعَامِ، وَالْمَرِيءُ مَجْرَى الشَّرَابِ. وَفِي الْعَيْنِيِّ أَنَّهُ مَجْرَاهُمَا (قَوْلُهُ وَالْمَرِيءُ) بِالْهَمْزِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ كَأَمِيرٍ (قَوْلُهُ وَالْوَدَجَانِ) تَثْنِيَةُ وَدَجٍ بِفَتْحَتَيْنِ: عِرْقَانِ عَظِيمَانِ فِي جَانِبَيْ قُدَّامِ الْعُنُقِ بَيْنَهُمَا الْحُلْقُومُ وَالْمَرِيءُ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ إذْ لِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ) وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَفْرِ الْأَوْدَاجَ بِمَا شِئْت» وَهُوَ اسْمُ جَمْعٍ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثٌ.
قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَالْفَرْيُ الْقَطْعُ لِلْإِصْلَاحِ، وَالْإِفْرَاءُ لِلْإِفْسَادِ فَكَسْرُ الْهَمْزَةِ أَنْسَبُ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَكْفِي قَطْعُ أَكْثَرِ كُلٍّ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأَرْبَعَةِ، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْإِمَامِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُشْتَرَطُ قَطْعُ الْأَوَّلَيْنِ وَأَحَدُ الْوَدَجَيْنِ، وَكَانَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْإِمَامِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ، وَهِيَ اشْتِرَاطُ قَطْعِ الْحُلْقُومِ مَعَ آخَرَيْنِ ذَكَرَهُ الْأَتْقَانِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الْبَزَّازِيُّ إلَخْ) عِبَارَتُهُ: أَصَحُّ الْأَجْوِبَةِ فِي الْأَكْثَرِ عَنْهُ: إذَا قَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ الْأَكْثَرَ مِنْ كُلِّ وَدَجَيْنِ يُؤْكَلُ وَمَا لَا فَلَا اهـ. وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي عَنْهُ رَاجِعٌ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَتَأَمَّلْ، (وَقَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِهِ ذَبَحَ شَاةً. وَفِي الْمِنَحِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ وَالْيَنَابِيعِ: إذَا مَرِضَتْ الشَّاةُ وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا مِنْ الْحَيَاةِ إلَّا مِقْدَارُ مَا يَعِيشُ الْمَذْبُوحُ، فَعِنْدَهُمَا لَا تَحِلُّ بِالذَّكَاةِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ ذُبِحَ وَهُوَ حَيٌّ أُكِلَ، عَلَيْهِ الْفَتْوَى - {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣]- مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ
(قَوْلُهُ بِكُلِّ) مُتَعَلِّقٌ بِقَطْعُ (قَوْلُهُ أَرَادَ بِالْأَوْدَاجِ إلَخْ)