(وَحُبَّ) بِالْحَاءِ (نَحْرُ الْإِبِلِ) فِي سُفْلِ الْعُنُقِ (وَكُرِهَ) (ذَبْحُهَا) ، (وَالْحَكَمُ فِي غَنْمٍ وَبَقَرٍ) (عَكْسُهُ) فَنُدِبَ ذَبْحُهَا (وَكُرِهَ نَحْرُهَا لِتَرْكِ السُّنَّةِ) وَمَنَعَهُ مَالِكٌ (وَلَا بُدَّ مِنْ) (ذَبْحِ صَيْدٍ مُسْتَأْنَسٍ) لِأَنَّ زَكَاةَ الِاضْطِرَارِ إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ ذَكَاةِ الِاخْتِيَارِ (وَكَفَى) (جَرْحُ نَعَمٍ) كَبَقَرٍ وَغَنَمٍ (تَوَحَّشَ) فَيُجْرَحُ كَصَيْدٍ (أَوْ تَعَذَّرَ ذَبْحُهُ) كَأَنْ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ أَوْ نَدَّ أَوْ صَالَ، حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ مُرِيدًا ذَكَاتَهُ حَلَّ. وَفِي النِّهَايَةِ: بَقَرَةٌ تَعَسَّرَتْ وِلَادَتُهَا فَأَدْخَلَ رَبُّهَا يَدَهُ وَذَبَحَ الْوَلَدَ حَلَّ، وَإِنْ جَرَحَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الذَّبْحِ، إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَبْحِهِ حَلَّ وَإِنْ قَدَرَ لَا.
قُلْت: وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ مِنْ التَّعَذُّرِ مَا لَوْ أَدْرَكَ صَيْدَهُ حَيًّا أَوْ أَشْرَفَ ثَوْرُهُ عَلَى الْهَلَاكِ وَضَاقَ الْوَقْتُ عَلَى الذَّبْحِ أَوْ لَمْ يَجِدْ آلَةَ الذَّبْحِ فَجَرَحَهُ حَلَّ فِي رِوَايَةٍ.
ــ
[رد المحتار]
وَفِي أَضَاحِي الزَّعْفَرَانِيِّ إذَا حَدَّدَ الشَّفْرَةَ تَنْقَطِعُ التَّسْمِيَةُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيِّنٍ مَا إذَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ: وَفِي الْقَامُوسِ شَحَذَ السِّكِّينَ كَمَنْعِ أَحَدُهَا كَأَشْحَذَهَا. وَفِيهِ أَيْضًا: حَدَّ السِّكِّينَ وَأَحَدَّهَا وَحَدَّدَهَا مَسَحَهَا بِحَجَرٍ أَوْ مِبْرَدٍ
(قَوْلُهُ وَحُبَّ) مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حُبَّ مُتَعَدٍّ وَهِيَ لُغَةٌ اهـ ح، وَعَبَّرَ بِهِ تَبَعًا لِقَوْلِ الْهِدَايَةِ: وَالْمُسْتَحَبُّ. وَقَدْ قَالَ فِي الْكَنْزِ: وَسُنَّ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ لَا الْمُسْتَحَبُّ الِاصْطِلَاحِيُّ، يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: أَمَّا الِاسْتِحْبَابُ فَلِمُوَافَقَةِ السُّنَّةِ الْمُتَوَارَثَةِ اهـ فَلَا مُخَالَفَةَ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ.
قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا تَصْرِيحُهُ بِكَرَاهَةِ تَرْكِهِ (قَوْلُهُ نَحْرُ الْإِبِلِ) النَّحْرُ: قَطْعُ الْعُرُوقِ فِي أَسْفَلِ الْعُنُقِ عِنْدَ الصَّدْرِ، وَالذَّبْحُ: قَطْعُهَا فِي أَعْلَاهُ تَحْتَ اللَّحْيَيْنِ زَيْلَعِيٌّ. وَاعْلَمْ أَنَّ النَّعَامَ وَالْإِوَزَّ كَالْإِبِلِ، وَالضَّابِطُ كُلُّ مَا لَهُ عُنُقٌ طَوِيلٌ أَبُو السُّعُودِ عَنْ شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْأَبْيَارِيِّ. وَفِي الْمُضْمَرَاتِ: السُّنَّةُ أَنْ يَنْحَرَ الْبَعِيرَ قَائِمًا، وَتُذْبَحُ الشَّاةُ أَوْ الْبَقَرَةُ مُضْجَعَةً قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ أَبُو السُّعُودِ عَنْ الدِّيرِيِّ (قَوْلُهُ وَمَنَعَهُ مَالِكٌ) الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِلضَّرُورَةِ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ وَإِلَّا كُرِهَ أَكْلُهُ أَبُو السُّعُودِ عَنْ الدِّيرِيِّ (قَوْلُهُ وَكَفَى جَرْحُ نَعَمٍ إلَخْ) النَّعَمُ بِفَتْحَتَيْنِ وَقَدْ يُسَكَّنُ قُهُسْتَانِيٌ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: أَطْلَقَ فِيمَا تَوَحَّشَ مِنْ النَّعَمِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الشَّاةَ إذَا نَدَّتْ فِي الصَّحْرَاءِ فَذَكَاتُهَا الْعَقْرُ، وَإِنْ نَدَّتْ فِي الْمِصْرِ لَا تَحِلُّ بِالْعَقْرِ لِأَنَّهَا لَا تَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهَا فَيُمْكِنُ أَخْذُهَا فِي الْمِصْرِ فَلَا عَجْزَ، وَالْمِصْرُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ فِي الْبَقَرِ وَالْبَعِيرِ لِأَنَّهُمَا يَدْفَعَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا فَلَا يُقْدَرُ عَلَى أَخْذِهِمَا وَإِنْ نِدًّا فِي الْمِصْرِ اهـ. وَبِهَذَا التَّفْصِيلُ جَزَمَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَالدُّرَرِ، وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ فِي ذَكَاةِ الِاضْطِرَارِ
(قَوْلُهُ تَوَحَّشَ) أَيْ صَارَ وَحْشِيًّا وَمُتَنَفِّرًا وَلَمْ يُمْكِنْ ذَبْحُهُ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ كَصَيْدٍ) فَإِنْ أَصَابَ قَرْنَهُ أَوْ ظِلْفَهُ، إنْ أَدْمَى حَلَّ وَإِلَّا فَلَا أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ تَعَذَّرَ ذَبْحُهُ) أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي: بَعِيرٌ أَوْ ثَوْرٌ نَدَّ فِي الْمِصْرِ، إنْ عَلِمَ صَاحِبُهُ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ فَلَهُ أَنْ يَرْمِيَهُ اهـ فَلَمْ يُشْتَرَطْ التَّعَذُّرُ بَلْ التَّعَسُّرُ اهـ (قَوْلُهُ كَأَنْ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ) أَيْ سَقَطَ وَعَلِمَ مَوْتَهُ بِالْجُرْحِ أَوْ أَشْكَلَ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْهُ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ مِنْ الْجُرْحِ لَمْ يُؤْكَلْ، وَكَذَا الدَّجَاجَةُ إذَا تَعَلَّقَتْ عَلَى شَجَرَةٍ وَخِيفَ فَوْتُهَا فَذَكَاتُهَا الْجُرْحُ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ نَدَّ) أَيْ نَفَرَ (قَوْلُهُ مُرِيدًا ذَكَاتَهُ) أَيْ بِأَنْ سَمَّى عِنْدَ جَرْحِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُرِدْهَا وَلَمْ يُسَمِّ بَلْ أَرَادَ ضَرْبَهُ لِدَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا شُبْهَةَ فِي عَدَمِ حِلِّهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ حَلَّ) أَيْ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَفِي النِّهَايَةِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّمَا تُعْتَبَرُ حَيَاةُ الْوَلَدِ بَعْدَ خُرُوجِ أَكْثَرِهِ مَخْصُوصٌ بِالْآدَمِيِّ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْتَبَرْ الْوَلَدُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ حَيًّا لَمْ تُعْتَبَرْ ذَكَاتُهُ وَلْيُحَرَّرْ اهـ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ وَذَبَحَ الْوَلَدَ) أَيْ بَعْدَ الْعِلْمِ بِحَيَاتِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ حَلَّ فِي رِوَايَةٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي قَوْلٍ لِأَنَّهُ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْقُنْيَةِ مَعْزُوًّا إلَى بَعْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute