تَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا، وَلَوْ نَقَصَهَا تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ النُّقْصَانِ أَيْضًا وَلَا يَأْكُلُ النَّاذِرُ مِنْهَا؛ فَإِنْ أَكَلَ تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ مَا أَكَلَ (وَفَقِيرٌ) عُطِفَ عَلَيْهِ (شَرَاهَا لَهَا) لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ حَتَّى يَمْتَنِعَ عَلَيْهِ بَيْعُهَا (وَ) تَصَدَّقَ (بِقِيمَتِهَا غَنِيٌّ شَرَاهَا أَوَّلًا) لِتَعَلُّقِهَا بِذِمَّتِهِ بِشِرَائِهَا أَوَّلًا، فَالْمُرَادُ بِالْقِيمَةِ قِيمَةُ شَاةٍ تُجْزِي فِيهَا.
(وَصَحَّ الْجَذَعُ) ذُو سِتَّةِ أَشْهُرٍ (مِنْ الضَّأْنِ)
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ وَلَوْ نَقَصَهَا) أَيْ الذَّبْحُ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا بَعْدَ الذَّبْحِ أَقَلَّ مِنْهُ قَبْلَهُ تَتَارْخَانِيَّةٌ
(قَوْلُهُ بِقِيمَةِ النُّقْصَانِ) الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ قِيمَةٍ، أَوْ يَقُولَ بِقَدْرِ النُّقْصَانِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ النُّقْصَانَ مِنْ الْقِيمَةِ لَا مِنْ ذَاتِ الشَّاةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا يَأْكُلُ النَّاذِرُ مِنْهَا) أَيْ نَذْرًا عَلَى حَقِيقَتِهِ كَمَا عَلِمْت. وَأَقُولُ: النَّاذِرُ لَيْسَ بِقَيْدٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا مَضَى وَقْتُهَا وَوَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهَا حَيَّةً أَوْ بِقِيمَتِهَا، وَلِذَا لَوْ ذَبَحَهَا وَنَقَصَهَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ وَهَذَا يَشْمَلُ الْفَقِيرَ إذَا شَرَاهَا لَهَا، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ إذَا أَوْجَبَ شَاةً بِعَيْنِهَا أَوْ اشْتَرَاهَا لِيُضَحِّيَ بِهَا فَمَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَهَا تَصَدَّقَ بِهَا حَيَّةً، وَلَا يَأْكُلُ مِنْ لَحْمِهَا لِأَنَّهُ انْتَقَلَ الْوَاجِبُ مِنْ إرَاقَةِ الدَّمِ إلَى التَّصَدُّقِ، وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ وَلَمْ يَشْتَرِ وَهُوَ مُوسِرٌ وَقَدْ مَضَتْ أَيَّامُهَا تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ شَاةٍ تُجْزِي لِلْأُضْحِيَّةِ اهـ فَفِيهِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى مَا قُلْنَا، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْكِفَايَةِ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ فَقِيرٌ شَرَاهَا لَهَا وَإِنْ ذَبَحَ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا، وَسَيَأْتِي لَهُ مَزِيدُ بَيَانٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
(قَوْلُهُ عُطِفَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى فَاعِلِ تَصَدَّقَ (قَوْلُهُ شَرَاهَا لَهَا) فَلَوْ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ فَنَوَى أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا أَوْ اشْتَرَاهَا وَلَمْ يَنْوِ الْأُضْحِيَّةَ وَقْتَ الشِّرَاءِ ثُمَّ نَوَى بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ، لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تُقَارِنْ الشِّرَاءَ فَلَا تُعْتَبَرُ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِالشِّرَاءِ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ شِرَاءَهُ لَهَا يَجْرِي مَجْرَى الْإِيجَابِ وَهُوَ النَّذْرُ بِالتَّضْحِيَةِ عُرْفًا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ. وَوَقَعَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ شَرَاهَا لَهَا أَيَّامَ النَّحْرِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ شَرَاهَا لَهَا قَبْلَهَا لَا تَجِبُ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا غَنِيٌّ شَرَاهَا أَوْ لَا) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا كَالدُّرَرِ. وَتَعَقَّبَهُ الشَّيْخُ شَاهِينُ بِأَنَّ وُجُوبَ التَّصَدُّقِ بِالْقِيمَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَشْتَرِ، أَمَّا إذَا اشْتَرَى فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّصَدُّقِ بِالْقِيمَةِ أَوْ التَّصَدُّقِ بِهَا حَيَّةً كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ أَبُو السُّعُودِ.
وَأَقُولُ: ذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الشَّاةَ الْمُشْتَرَاةَ لِلْأُضْحِيَّةِ إذَا لَمْ يُضَحِّ بِهَا حَتَّى مَضَى الْوَقْتُ يَتَصَدَّقُ الْمُوسِرُ بِعَيْنِهَا حَيَّةً كَالْفَقِيرِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَالَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَوْلُنَا اهـ وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ، وَعَلَى كُلٍّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا إذَا ذَبَحَهَا كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ حَبْسُ شَيْءٍ مِنْ قِيمَتِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ بِالْقِيمَةِ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا أَجْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ، لِأَنَّ قَوْلَهُ تَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهَا لِأَنَّ قِيمَتَهَا تُعْلَمُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَشْتَرِهَا فَمَا مَعْنَى أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا فَإِنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ؛ فَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ إذَا لَمْ يَشْتَرِهَا قِيمَةُ شَاةٍ تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةَ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ، أَوْ قِيمَةُ شَاةٍ وَسَطٍ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا
(قَوْلُهُ وَصَحَّ الْجَذَعُ) بِفَتْحَتَيْنِ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ ذُو سِتَّةِ أَشْهُرٍ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفَسَّرَهُ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى شَرْعًا بِمَا أَتَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْحَوْلِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَفَسَّرَ الْأَكْثَرُ فِي الْمُحِيطِ بِمَا دَخَلَ فِي الشَّهْرِ الثَّامِنِ. وَفِي الْخِزَانَةِ بِمَا أَتَى عَلَيْهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَشَيْءٌ. وَذَكَرَ الزَّعْفَرَانِيُّ أَنَّهُ ابْنُ سَبْعَةٍ، وَعَنْهُ ثَمَانِيَةٌ أَوْ تِسْعَةٌ، وَمَا دُونَهُ حَمَلٌ اهـ.
قُلْت: وَاقْتَصَرَ فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى مَا فِي الْخِزَانَةِ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ شَرْعًا لِأَنَّهُ فِي اللُّغَةِ مَا تَمَّتْ لَهُ سَنَةٌ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ مِنْ الضَّأْنِ) هُوَ مَا لَهُ أَلْيَةٌ مِنَحٌ، قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَذَعُ مِنْ الْمَعْزِ وَغَيْرِهِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ قُهُسْتَانِيٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute