للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ وَقِيلَ (وَ) سَبَبُهُ (بَقَاءُ دُخُولِ الْوَقْتِ وَهُوَ سُنَّةٌ) لِلرِّجَالِ فِي مَكَان عَالٍ (مُؤَكَّدَةٌ) هِيَ كَالْوَاجِبِ فِي لُحُوقِ الْإِثْمِ (لِلْفَرَائِضِ) الْخَمْسِ (فِي وَقْتِهَا وَلَوْ قَضَاءً) لِأَنَّهُ سُنَّةٌ لِلصَّلَاةِ حَتَّى يُبْرَدَ بِهِ

ــ

[رد المحتار]

لِذَلِكَ: قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْمِنْهَاجِ عَنْ الْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ «أَنَّ عُمَرَ لَمَّا رَأَى الْأَذَانَ جَاءَ لِيُخْبِرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدَ الْوَحْيَ قَدْ وَرَدَ بِذَلِكَ، فَمَا رَاعَهُ إلَّا أَذَانُ بِلَالٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبَقَك بِذَلِكَ الْوَحْيُ» ) ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ حَدِيثِ إنَّ جِبْرِيلَ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَهُ الْأَذَانَ أَتَاهُ بِالْبُرَاقِ إلَخْ فَيُمْكِنُ أَنَّهُ عَلَّمَهُ لِيَأْتِيَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ، وَلَا يَلْزَمُ مَشْرُوعِيَّتُهُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ. اهـ.

وَأَجَابَ ح بِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ تِلْكَ الصَّلَاةِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: وَسَبَبُهُ بَقَاءُ) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ: أَيْ سَبَبُ بَقَائِهِ وَاسْتِمْرَارِهِ ط أَيْ الَّذِي يَتَجَدَّدُ طَلَبُ الْأَذَانِ عِنْدَ تَجَدُّدِهِ.

(قَوْلُهُ: لِلرِّجَالِ) أَمَّا النِّسَاءُ فَيُكْرَهُ لَهُنَّ الْأَذَانُ وَكَذَا الْإِقَامَةُ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ وَابْنِ عُمَرَ مِنْ كَرَاهَتِهِمَا لَهُنَّ؛ وَلِأَنَّ مَبْنَى حَالِهِنَّ عَلَى السَّتْرِ، وَرَفْعُ صَوْتِهِنَّ حَرَامٌ إمْدَادٌ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسَنُّ لِلصَّبِيِّ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ كَمَا يُسَنُّ لِلْبَالِغِ وَإِنْ كَانَ فِي كَرَاهَةِ أَذَانِهِ لِغَيْرِهِ كَلَامٌ كَمَا سَيَأْتِي فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: فِي مَكَان عَالٍ) فِي الْقُنْيَةِ: وَيُسَنُّ الْأَذَانُ فِي مَوْضِعٍ عَالٍ وَالْإِقَامَةُ عَلَى الْأَرْضِ، وَفِي أَذَانِ الْمَغْرِبِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسَنُّ الْمَكَانُ الْعَالِي فِي الْمَغْرِبِ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي. وَفِي السِّرَاجِ: وَيَنْبَغِي لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ أَسْمَعَ لِلْجِيرَانِ، وَيَرْفَعَ صَوْتَهُ، وَلَا يُجْهِدُ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ. اهـ. بَحْرٌ.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي مُؤَذِّنِ الْحَيِّ، أَمَّا مَنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِجَمَاعَةٍ حَاضِرِينَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهُ الْمَكَانُ الْعَالِي لِعَدَمِ الْحَاجَةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: هِيَ كَالْوَاجِبِ) بَلْ أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ اسْمَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ: لَوْ اجْتَمَعَ أَهْلُ بَلْدَةٍ عَلَى تَرْكِهِ قَاتَلْتهمْ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ وَاحِدٌ ضَرَبْته وَحَبَسْته. وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى الْأَوَّلِ وَالْقِتَالُ عَلَيْهِ، لِمَا أَنَّهُ مِنْ أَعْلَامِ الدِّينِ وَفِي تَرْكِهِ اسْتِخْفَافٌ ظَاهِرٌ بِهِ. قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ وَغَيْرِهِ: وَالْقَوْلَانِ مُتَقَارِبَانِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَكَّدَةَ فِي حُكْمِ الْوَاجِبِ فِي لُحُوقِ الْإِثْمِ بِالتَّرْكِ، يَعْنِي وَإِنْ كَانَ مَقُولًا بِالتَّشْكِيكِ نَهْرٌ. وَاسْتَدَلَّ فِي الْفَتْحِ عَلَى الْوُجُوبِ بِأَنَّ عَدَمَ التَّرْكِ مَرَّةً دَلِيلُ الْوُجُوبِ. قَالَ: وَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ عَلَى الْكِفَايَةِ وَإِلَّا لَمْ يَأْثَمْ أَهْلُ بَلَدِهِ بِالِاجْتِمَاعِ عَلَى تَرْكِهِ إذَا قَامَ بِهِ غَيْرُهُمْ: أَيْ مِنْ أَهْلِ بَلْدَةٍ أُخْرَى. وَاسْتَظْهَرَ فِي الْبَحْرِ كَوْنَهُ سُنَّةً عَلَى الْكِفَايَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ أَهْلِ بَلْدَةٍ، بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا فُعِلَ فِي بَلْدَةٍ سَقَطَتْ الْمُقَاتَلَةُ عَنْ أَهْلِهَا. قَالَ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْكِفَايَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى لَكَانَ سُنَّةً فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ أَذَانُ الْحَيِّ يَكْفِينَا كَمَا سَيَأْتِي. اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الْبَلْدَةِ الْوَاحِدَةِ إذَا اتَّسَعَتْ أَطْرَافُهَا كَمِصْرٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَهْلَ كُلِّ مَحَلَّةٍ سَمِعُوا الْأَذَانَ وَلَوْ مِنْ مَحَلَّةٍ أُخْرَى يَسْقُطُ عَنْهُمْ لَا إنْ لَمْ يَسْمَعُوا اهـ.

(قَوْلُهُ: لِلْفَرَائِضِ الْخَمْسِ إلَخْ) دَخَلَتْ الْجُمُعَةُ بَحْرٌ، وَشَمِلَ حَالَةَ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ وَالِانْفِرَادِ وَالْجَمَاعَةِ. قَالَ فِي مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ وَنُورِ الْإِيضَاحِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا أَدَاءً أَوْ قَضَاءً سَفَرًا أَوْ حَضَرًا. اهـ. لَكِنْ لَا يُكْرَهُ تَرْكُهُ لِمُصَلٍّ فِي بَيْتِهِ فِي الْمِصْرِ؛ لِأَنَّ أَذَانَ الْحَيِّ يَكْفِيهِ كَمَا سَيَأْتِي. وَفِي الْإِمْدَادِ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ نَدْبًا وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فَافْهَمْ، وَيُسْتَثْنَى ظُهْرُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي الْمِصْرِ لِمَعْذُورٍ وَمَا يَقْضِي مِنْ الْفَوَائِتِ فِي مَسْجِدٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَضَاءً) قَالَ فِي الدُّرَرِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْقَضَاءِ وَإِنْ فَاتَ وَقْتُ الْأَدَاءِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا» أَيْ وَقْتُ قَضَائِهَا. اهـ. وَهَذَا إذَا لَمْ يَقْضِهَا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى مَا سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِشُمُولِ الْقَضَاءِ، وَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ وَقْتِهَا وَقْتُ فِعْلِهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْقُهُسْتَانِيُّ، لَكِنْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة يَنْبَغِي أَنْ يُؤَذِّنَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَيُقِيمَ فِي وَسَطِهِ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُتَوَضِّئُ مِنْ وُضُوئِهِ وَالْمُصَلِّي مِنْ صَلَاتِهِ وَالْمُعْتَصِرُ مِنْ قَضَاءِ حَاجَتِهِ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ أَوَّلَ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ لِمَا يَأْتِي قَرِيبًا.

(قَوْلُهُ: حَتَّى يُبْرَدَ بِهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَأَشْمَلُ مِنْهُ قَوْلُهُ الْمَارُّ فِي الْأَوْقَاتِ، وَحُكْمُ الْأَذَانِ كَالصَّلَاةِ تَعْجِيلًا وَتَأْخِيرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>