جَوَازَ الْيَشْبِ وَالْعَقِيقِ وَعَمَّمَ مُنْلَا خُسْرو (وَذَهَبٍ وَحَدِيدٍ وَصُفْرٍ) وَرَصَاصٍ وَزُجَاجٍ وَغَيْرِهَا لِمَا مَرَّ فَإِذَا ثَبَتَ كَرَاهَةُ لُبْسِهَا لِلتَّخَتُّمِ ثَبَتَ كَرَاهَةُ بَيْعِهَا وَصِيَغِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ وَكُلُّ مَا أَدَّى إلَى مَا لَا يَجُوزُ لَا يَجُوزُ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ (وَالْعِبْرَةُ بِالْحَلْقَةِ) مِنْ الْفِضَّةِ (لَا بِالْفَصِّ) فَيَجُوزُ مِنْ حَجَرٍ وَعَقِيقٍ وَيَاقُوتٍ وَغَيْرِهَا وَحَلَّ مِسْمَارُ الذَّهَبِ فِي حَجَرِ الْفَصِّ
ــ
[رد المحتار]
بِالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ مَكْرُوهٌ لِلرَّجُلِ وَالنِّسَاءِ (قَوْلُهُ جَوَازُ الْيَشْبِ) بِالْبَاءِ أَوْ الْفَاءِ أَوْ الْمِيمِ وَفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَتَحْرِيكُهُ خَطَأٌ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ، قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَقِيلَ إنَّهُ لَيْسَ بِحَجَرٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْعَقِيقِ) قَالَ فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَخَتَّمَ بِعَقِيقٍ» وَقَالَ: «تَخَتَّمُوا بِالْعَقِيقِ فَإِنَّهُ مُبَارَكٌ» وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَجَرٍ إذْ لَيْسَ لَهُ ثِقْلُ الْحَجَرِ، وَبَعْضُهُمْ أَطْلَقَ التَّخَتُّمَ بِيَشْبٍ وَبَلُّورٍ وَزُجَاجٍ (قَوْلُهُ وَعَمَّمَ مُنْلَا خُسْرو) أَيْ عَمَّمَ جَوَازَ التَّخَتُّمِ بِسَائِرِ الْأَحْجَارِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ فَالْحَاصِلُ: أَنَّ التَّخَتُّمَ بِالْفِضَّةِ حَلَالٌ لِلرِّجَالِ بِالْحَدِيثِ وَبِالذَّهَبِ وَالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ بِالْحَدِيثِ وَبِالْحَجَرِ حَلَالٌ عَلَى اخْتِيَارٍ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَقَاضِي خَانْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّسُولِ وَفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ حِلَّ الْعَقِيقِ لَمَّا ثَبَتَ بِهِمَا ثَبَتَ حِلُّ سَائِرِ الْأَحْجَارِ، لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ حَجَرٍ وَحَجَرٍ وَحَرَامٌ عَلَى اخْتِيَارِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي أَخْذًا مِنْ عِبَارَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْمُحْتَمَلَةِ: لَأَنْ يَكُونَ الْقَصْرُ فِيهَا بِالْإِضَافَةِ إلَى الذَّهَبِ، وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَ الْمَأْخَذَيْنِ مِنْ التَّفَاوُتِ اهـ. أَقُولُ: لَا يَخْفَى أَنَّ النَّصَّ مَعْلُولٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، فَالْإِلْحَاقُ بِمَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ فِي الْعِلَّةِ الَّتِي فِيهِ أَخْذٌ مِنْ النَّصِّ أَيْضًا وَالنَّصُّ عَلَى الْجَوَازِ بِالْعَقِيقِ يَحْتَمِلُ عَدَمَ الثُّبُوتِ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ أَوْ تَرْجِيحَ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، عَلَى أَنَّ الْعَقِيقَ أَوْ الْيَشْبَ لَيْسَا مِنْ الْحَجَرِ كَمَا مَرَّ، فَقِيَاسُ غَيْرِهِمَا عَلَيْهِمَا يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ، وَاتِّبَاعُ الْمُجْتَهِدِ اتِّبَاعٌ لِلنَّصِّ، لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلنَّصِّ غَيْرُ مُشَرِّعٍ قَطْعًا وَتَأْوِيلُ عِبَارَةِ الْمُجْتَهِدِ الْعَارِفِ بِمُحَاوَرَاتِ الْكَلَامِ عُدُولٌ عَنْ الِانْتِظَامِ، كَيْفَ وَلَوْ كَانَ الْقَصْرُ فِيهَا بِالْإِضَافَةِ إلَى الذَّهَبِ لَزِمَ مِنْهَا إبَاحَةُ نَحْوِ الصُّفْرِ وَالْحَدِيدِ مَعَ أَنَّ مُرَادَ الْمُجْتَهِدِ عَدَمُهَا (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَتَخَتَّمُ إلَّا بِالْفِضَّةِ الَّذِي هُوَ لَفْظُ مُحَرِّرِ الْمَذْهَبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ فَإِذَا ثَبَتَ إلَخْ) نَقَلَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ عَنْ ابْنِ وَهْبَانَ، ثُمَّ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى التَّصْرِيحِ بِكَرَاهَةِ بَيْعِهَا، وَقَدْ وَقَفْت عَلَيْهِ فِي الْقُنْيَةِ قَالَ وَيُكْرَهُ بَيْعُ خَاتَمِ الْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَنَحْوُهُ بَيْعُ طِينِ الْأَكْلِ أَمَّا بَيْعُ الصُّورَةِ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهَا وَالْوَجْهُ فِيهَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَصِيَغُهَا) صَوَابُهُ وَصَوْغُهَا اهـ ح وَرَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَصُنْعُهَا بِالنُّونِ بَيْنَ الصَّادِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ صِيغَتُهَا، وَفِي الْقَامُوسِ: صَاغَ اللَّهُ فُلَانًا صِيغَةً حَسَنَةً خَلَقَهُ وَالشَّيْءَ هَيَّأَهُ عَلَى مِثَالٍ مُسْتَقِيمٍ فَانْصَاغَ وَهُوَ صَوَّاغٌ وَصَائِغٌ وَصُيَّاغٌ وَالصِّيَاغَةُ بِالْكَسْرِ حِرْفَتُهُ اهـ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَصُيَّاغٌ أَنَّهُ جَاءَ يَائِيُّ الْعَيْنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ إلَّا أَنَّ الْمَنْعَ فِي الْبَيْعِ أَخَفُّ مِنْهُ فِي اللُّبْسِ إذْ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ سَبْكُهَا وَتَغْيِيرُ هَيْئَتِهَا (قَوْلُهُ وَكُلُّ مَا أَدَّى إلَخْ) يُتَأَمَّلُ فِيهِ مَعَ قَوْلِ أَئِمَّتِنَا بِجَوَازِ بَيْعِ الْعَصِيرِ مِنْ خَمَّارٍ شُرُنْبُلَالِيٌّ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَمْ تَقُمْ بِعَيْنِ الْعَصِيرِ بَلْ بَعْدَ تَغَيُّرِهِ. [فَرْعٌ] لَا بَأْسَ بِأَنْ يُتَّخَذَ خَاتَمُ حَدِيدٍ قَدْ لُوِيَ عَلَيْهِ فِضَّةٌ وَأُلْبِسَ بِفِضَّةٍ حَتَّى لَا يُرَى تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَحَلَّ مِسْمَارُ الذَّهَبِ إلَخْ) يُرِيدُ بِهِ الْمِسْمَارَ لِيَحْفَظَ بِهِ الْفَصَّ تَتَارْخَانِيَّةٌ لِأَنَّهُ تَابِعٌ كَالْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ فَلَا يُعَدُّ لَابِسًا لَهُ هِدَايَةٌ، وَفِي شَرْحِهَا لِلْعَيْنِيِّ فَصَارَ كَالْمُسْتَهْلَكِ أَوْ كَالْأَسْنَانِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الذَّهَبِ عَلَى حَوَالَيْ خَاتَمِ الْفِضَّةِ، فَإِنَّ النَّاسَ يُجَوِّزُونَهُ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَيَلْبَسُونَ تِلْكَ الْخَوَاتِمَ قَالَ ط: وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ جَوَازَ الدَّائِرَةِ الْعُلْيَا مِنْ الذَّهَبِ بَلْ ذِكْرُهُمْ حِلَّ الْمِسْمَارِ فِيهِ يَقْتَضِي حُرْمَةَ غَيْرِهِ اهـ.
أَقُولُ: مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ الْمَارِّ جَوَازُهَا وَيُمْكِنُ دُخُولُهَا فِي الْفِضَّةِ أَيْضًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي حَجَرِ الْفَصِّ) أَيْ ثُقْبِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute