للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ أَمْرَدَ صَبِيحَ الْوَجْهِ وَقَدْ مَرَّ فِي الصَّلَاةِ وَالْأَوْلَى تَنْكِيرُ الرَّجُلِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْأَوَّلَ عَيْنُ الثَّانِي؛ وَكَذَا الْكَلَامُ فِيمَا بَعْدُ قُهُسْتَانِيٌّ. قُلْت: وَقَرِينَةُ الْمَقَامِ تَكْفِي فَتَدَبَّرْ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الزَّاهِدِيِّ أَنَّهُ لَوْ نَظَرَ لِعَوْرَةِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ لَمْ يَأْثَمْ. قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ لَفْظُ الزَّاهِدِيِّ نَظَرَ لِعَوْرَةِ غَيْرِهِ وَهِيَ غَيْرُ بَادِيَةٍ لَمْ يَأْثَمْ انْتَهَى فَلْيُحْفَظْ (سِوَى مَا بَيْنَ

ــ

[رد المحتار]

وَدُبُرٌ ثُمَّ تَتَغَلَّظُ إلَى عَشْرِ سِنِينَ ثُمَّ كَبَالِغٍ، وَفِي الْأَشْبَاهِ يَدْخُلُ عَلَى النِّسَاءِ إلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سُنَّةً اهـ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَمْرَدَ صَبِيحَ الْوَجْهِ) قَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ وَالْغُلَامُ إذَا بَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ وَلَمْ يَكُنْ صَبِيحًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الرِّجَالِ وَإِنْ كَانَ صَبِيحًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ النِّسَاءِ، وَهُوَ عَوْرَةٌ مِنْ قَرْنِهِ إلَى قَدَمِهِ لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ عَنْ شَهْوَةٍ، وَأَمَّا الْخَلْوَةُ وَالنَّظَرُ إلَيْهِ لَا عَنْ شَهْوَةٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلِذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالنِّقَابِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّهْوَةَ الْمُوجِبَةَ لِلتَّحْرِيمِ، هَلْ هِيَ مَيْلُ الْقَلْبِ أَوْ الِانْتِشَارُ وَيُحَرَّرُ ط.

أَقُولُ: ذَكَرَ الشَّارِحُ فِي فَصْلِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ النِّكَاحِ أَنَّ حَدَّ الشَّهْوَةِ فِي الْمَسِّ وَالنَّظَرِ الْمُوجِبَةَ لِحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ تَحَرُّكُ آلَتِهِ أَوْ زِيَادَتُهُ بِهِ يُفْتَى وَفِي امْرَأَةٍ وَنَحْوِ شَيْخٍ تَحَرُّكُ قَلْبِهِ أَوْ زِيَادَتُهُ اهـ وَنَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ: أَنْ يَمِيلَ بِالْقَلْبِ وَيَشْتَهِيَ أَنْ يُعَانِقَهَا وَقِيلَ أَنْ يَقْصِدَ مُوَاقَعَتَهَا، وَلَا يُبَالِي مِنْ الْحَرَامِ كَمَا فِي النَّظْمِ وَفِي حَقِّ النِّسَاءِ الِاشْتِهَاءُ بِالْقَلْبِ لَا غَيْرُ اهـ وَقَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: فِي هَذَا الْفَصْلِ وَشُرِطَ لِحِلِّ النَّظَرِ إلَيْهَا وَإِلَيْهِ الْأَمْنُ بِطَرِيقِ الْيَقِينِ مِنْ شَهْوَةٍ أَيْ مَيْلِ النَّفْسِ إلَى الْقُرْبِ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ أَوْ الْمَسِّ لَهَا أَوْ لَهُ مَعَ النَّظَرِ، بِحَيْثُ يُدْرِكُ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْوَجْهِ الْجَمِيلِ وَالْمَتَاعِ الْجَزِيلِ، فَالْمَيْلُ إلَى التَّقْبِيلِ فَوْقَ الشَّهْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَلِذَا قَالَ السَّلَفُ: اللُّوطِيُّونَ أَصْنَافٌ: صِنْفٌ يَنْظُرُونَ، وَصِنْفٌ يُصَافِحُونَ، وَصِنْفٌ يَعْمَلُونَ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى إنَّهُ لَوْ عَلِمَ مِنْهُ الشَّهْوَةَ أَوْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ حَرُمَ النَّظَرُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ اهـ.

أَقُولُ: حَاصِلُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ النَّظَرِ وَاسْتِحْسَانَهُ لِذَلِكَ الْوَجْهِ الْجَمِيلِ، وَتَفْضِيلَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْقَبِيحِ كَاسْتِحْسَانِ الْمَتَاعِ الْجَزِيلِ لَا بَأْسَ بِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْهُ الطَّبْعُ الْإِنْسَانِيُّ، بَلْ يُوجَدُ فِي الصِّغَارِ، فَالصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ يَأْلَفُ صَاحِبَ الصُّورَةِ الْحَسَنَةِ أَكْثَرَ مِنْ صَاحِبِ الصُّورَةِ الْقَبِيحَةِ وَيَرْغَبُ فِيهِ، وَيُحِبُّهُ أَكْثَرَ بَلْ قَدْ يُوجَدُ ذَلِكَ فِي الْبَهَائِمِ، فَقَدْ أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى جَمَلًا يَمِيلُ إلَى امْرَأَةٍ حَسْنَاءَ وَيَضَعُ رَأْسَهُ عَلَيْهَا، كُلَّمَا رَآهَا دُونَ غَيْرِهَا مِنْ النَّاسِ، فَلَيْسَ هَذَا نَظَرُ شَهْوَةٍ، وَإِنَّمَا الشَّهْوَةُ مَيْلُهُ بَعْدَ هَذَا مَيْلَ لَذَّةٍ إلَى الْقُرْبِ مِنْهُ أَوْ الْمَسِّ لَهُ زَائِدًا عَلَى مَيْلِهِ إلَى الْمَتَاعِ الْجَزِيلِ، أَوْ الْمُلْتَحِي لِأَنَّ مَيْلَهُ إلَيْهِ مُجَرَّدُ اسْتِحْسَانٍ لَيْسَ مَعَهُ لَذَّةٌ وَتَحَرُّكُ قَلْبٍ إلَيْهِ كَمَا فِي مَيْلِهِ إلَى ابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ الصَّبِيحِ، وَفَوْقَ ذَلِكَ الْمَيْلُ إلَى التَّقْبِيلِ أَوْ الْمُعَانَقَةِ أَوْ الْمُبَاشَرَةِ أَوْ الْمُضَاجَعَةِ، وَلَوْ بِلَا تَحَرُّكِ آلَةٍ وَأَمَّا اشْتِرَاطُهُ فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ، فَلَعَلَّهُ لِلِاحْتِيَاطِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَحْوَطَ عَدَمُ النَّظَرِ مُطْلَقًا قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ صَبِيحًا، وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُجْلِسُهُ فِي دَرْسِهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ. أَوْ خَلْفَ سَارِيَةٍ مَخَافَةَ خِيَانَةِ الْعَيْنِ مَعَ كَمَالِ تَقْوَاهُ اهـ وَرَاجِعْ مَا كَتَبْنَاهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُمْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْأَوَّلَ عَيْنُ الثَّانِي) لِأَنَّ الثَّانِيَ مَعْرِفَةٌ كَالْأَوَّلِ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ لَيْسَتْ كُلِّيَّةً قَالَ تَعَالَى - {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ} [المائدة: ٤٨]- وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: أَنَّ أَلْ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي جِنْسِيَّةٌ وَالْمُعَرَّفَ بِهَا فِي حُكْمِ النَّكِرَةِ ط (قَوْلُهُ وَكَذَا الْكَلَامُ فِيمَا بَعْدُ) وَهُوَ قَوْلُهُ وَنَظَرُ الْمَرْأَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ أَوْ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً، فَهِيَ عَيْنُ الْأَوَّلِ، أَوْ نَكِرَةً فَغَيْرُهُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَخُلُوِّ الْمَقَامِ عَنْ الْقَرَائِنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّلْوِيحِ (قَوْلُهُ وَهِيَ غَيْرُ بَادِيَةٍ) أَيْ ظَاهِرَةٍ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَرْأَةِ ثِيَابٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَأَمَّلَ جَسَدَهَا وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>