الْآخِرِ لِلْوَقْفِ، فَلَا يَقِفُ بِالرَّفْعِ؛ لِأَنَّهُ لَحْنٌ لُغَوِيٌّ فَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ الْبَابِ السَّادِسِ وَالثَّلَاثِينَ
(وَلَا تَرْجِيعَ)
ــ
[رد المحتار]
هَامِشِ نُسْخَتِهِ الْأُولَى، وَفِي مَجْمُوعَةِ الْحَفِيدِ الْهَرَوِيِّ مَا نَصُّهُ: فَائِدَةٌ: فِي رَوْضَةِ الْعُلَمَاءِ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: عَوَامُّ النَّاسِ يَضُمُّونَ الرَّاءَ فِي أَكْبَرَ، وَكَانَ الْمُبَرِّدُ يَقُولُ الْأَذَانُ سُمِعَ مَوْقُوفًا فِي مَقَاطِيعِهِ، وَالْأَصْلُ فِي أَكْبَرَ تَسْكِينُ الرَّاءِ فَحُوِّلَتْ حَرَكَةُ أَلِفِ اسْمِ اللَّهِ إلَى الرَّاءِ كَمَا فِي {الم - اللَّهُ} [آل عمران: ١ - ٢] وَفِي الْمُغْنِي: حَرَكَةُ الرَّاءِ فَتْحَةٌ وَإِنْ وُصِلَ بِنِيَّةِ الْوَقْفِ، ثُمَّ قِيلَ هِيَ حَرَكَةُ السَّاكِنَيْنِ وَلَمْ يُكْسَرْ حِفْظًا لِتَفْخِيمِ اللَّهِ، وَقِيلَ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ وَكُلُّ هَذَا خُرُوجٌ عَنْ الظَّاهِرِ؛ وَالصَّوَابُ أَنَّ حَرَكَةَ الرَّاءِ ضَمَّةُ إعْرَابٍ، وَلَيْسَ لِهَمْزَةِ الْوَصْلِ ثُبُوتٌ فِي الدَّرْجِ فَتُنْقَلُ حَرَكَتُهَا، وَبِالْجُمْلَةِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَذَانِ. وَبَيْنَ الم اللَّهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِ - الم اللَّهُ - حَرَكَةُ إعْرَابٍ أَصْلًا، وَقَدْ كَانَتْ لِكَلِمَاتِ الْأَذَانِ إعْرَابًا إلَّا أَنَّهُ سُمِعَتْ مَوْقُوفَةً. اهـ. مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ «الْأَذَانُ جَزْمٌ»
وَفِي الْإِمْدَادِ: وَيَجْزِمُ الرَّاءَ أَيْ يُسَكِّنُهَا فِي التَّكْبِيرِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: يَعْنِي عَلَى الْوَقْفِ، لَكِنْ فِي الْأَذَانِ حَقِيقَةً، وَفِي الْإِقَامَةِ يَنْوِي الْوَقْفَ اهـ أَيْ لِلْحَدْرِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ النَّخَعِيّ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، وَمَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «الْأَذَانُ جَزْمٌ، وَالْإِقَامَةُ جَزْمٌ، وَالتَّكْبِيرُ جَزْمٌ» ) . اهـ.
قُلْت: وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّكْبِيرَةَ الثَّانِيَةَ فِي الْأَذَانِ سَاكِنَةُ الرَّاءِ لِلْوَقْفِ وَرَفْعُهَا خَطَأٌ، وَأَمَّا التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى مِنْ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ مِنْهُ وَجَمِيعِ تَكْبِيرَاتِ الْإِقَامَةِ، فَقِيلَ مُحَرَّكَةُ الرَّاءِ بِالْفَتْحَةِ عَلَى نِيَّةِ الْوَقْفِ، وَقِيلَ بِالضَّمَّةِ إعْرَابًا، وَقِيلَ سَاكِنَةٌ بِلَا حَرَكَةٍ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمْدَادِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَالْبَدَائِعِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْإِعْرَابُ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الطَّلَبَةِ، وَلِمَا قَدَّمْنَاهُ، وَلِمَا فِي الْأَحَادِيثِ الْمُشْتَهَرَةِ لِلْجِرَاحِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ السُّيُوطِيّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: هُوَ غَيْرُ ثَابِتٍ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، وَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الرَّافِعِيُّ وَابْنُ الْأَثِيرِ أَنَّهُ لَا يُمَدُّ.
وَأَغْرَبَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فَقَالَ: مَعْنَاهُ لَا يُمَدُّ وَلَا يُعْرَبُ آخِرُهُ، وَهَذَا الثَّانِي مَرْدُودٌ بِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: مُخَالَفَتُهُ لِتَفْسِيرِ الرَّاوِي عَنْ النَّخَعِيّ، وَالرُّجُوعُ إلَى تَفْسِيرِهِ أَوْلَى كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ.
ثَانِيهَا: مُخَالَفَتُهُ لِمَا فَسَّرَهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ.
ثَالِثُهَا: إطْلَاقُ الْجَزْمِ عَلَى حَذْفِ الْحَرَكَةِ الْإِعْرَابِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعْهُودًا فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا هُوَ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ فَلَا يَصِحُّ الْحَمْلُ عَلَيْهِ. اهـ. وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ، عَلَى أَنَّ الْجَزْمَ فِي الِاصْطِلَاحِ الْحَادِثِ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ حَذْفُ حَرَكَةِ الْإِعْرَابِ لِلْجَازِمِ فَقَطْ لَا مُطْلَقًا. ثُمَّ رَأَيْت لِسَيِّدِي عَبْدِ الْغَنِيِّ رِسَالَةً فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَمَّاهَا تَصْدِيقَ مَنْ أَخْبَرْ بِفَتْحِ رَاءِ اللَّهُ أَكْبَرْ أَكْثَرَ فِيهَا النَّقْلَ.
وَحَاصِلُهَا أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُسَكِّنَ الرَّاءَ مِنْ " اللَّهُ أَكْبَرُ " الْأَوَّلِ أَوْ يَصِلَهَا بِ " اللَّهُ أَكْبَرُ " الثَّانِيَةِ، فَإِنْ سَكَّنَهَا كَفَى وَإِنْ وَصَلَهَا نَوَى السُّكُونَ فَحَرَّكَ الرَّاءَ بِالْفَتْحَةِ، فَإِنْ ضَمَّهَا خَالَفَ السُّنَّةَ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الْوَقْفِ عَلَى " أَكْبَرُ " الْأَوَّلِ صَيَّرَهُ كَالسَّاكِنِ أَصَالَةً فَحُرِّكَ بِالْفَتْحِ
(قَوْلُهُ: وَلَا تَرْجِيعَ) التَّرْجِيعُ أَنْ يَخْفِضَ صَوْتَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ ثُمَّ يَرْجِعَ فَيَرْفَعَهُ بِهِمَا لِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ عَلَى أَنَّ بِلَالًا لَمْ يَكُنْ يُرَجِّعُ، وَمَا قِيلَ إنَّهُ رَجَّعَ لَمْ يَصِحَّ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي أَذَانِ الْمَلَكِ النَّازِلِ بِجَمِيعِ طُرُقِهِ، وَلِمَا فِي أَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «إنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً» ) الْحَدِيثَ، وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَمَا رُوِيَ مِنْ التَّرْجِيعِ فِي أَذَانِ أَبِي مَحْذُورَةً يُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ «أَلْقَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَذَانَ حَرْفًا حَرْفًا: اللَّهُ أَكْبَرُ