للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا الْعَجُوزُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى فَلَا بَأْسَ بِمُصَافَحَتِهَا وَمَسِّ يَدِهَا إذَا أَمِنَ، وَمَتَى جَازَ الْمَسُّ جَازَ سَفَرُهُ بِهَا وَيَخْلُو إذَا أَمِنَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا وَإِلَّا لَا وَفِي الْأَشْبَاهِ: الْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ حَرَامٌ إلَّا لِمُلَازَمَةِ مَدْيُونَةٍ هَرَبَتْ وَدَخَلَتْ خَرِبَةً أَوْ كَانَتْ عَجُوزًا شَوْهَاءَ أَوْ بِحَائِلٍ، وَالْخَلْوَةُ بِالْمَحْرَمِ مُبَاحَةٌ

ــ

[رد المحتار]

النَّظَرِ وَالْمُرَادُ إذَا كَانَ عَنْ شَهْوَةٍ وَيَشْمَلُ الْمَحَارِمَ وَالْإِمَاءَ حَتَّى لَوْ مَسَّ عَمَّتَهُ أَوْ أَمَتَهُ بِشَهْوَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِنْتُهَا (قَوْلُهُ أَمَّا الْعَجُوزُ إلَخْ) وَفِي رِوَايَةٍ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ أَيْضًا غَيْرَ مُشْتَهًى اهـ قُهُسْتَانِيٌّ عَنْ الْكَرْمَانِيِّ، قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا لَا تَشْتَهِي، فَلَا بَأْسَ بِمُصَافَحَتِهَا أَوْ مَسِّ يَدِهَا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ شَيْخًا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَافِحَهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَيْهَا فَلْيَجْتَنِبْ، ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا أَبَاحَ الْمَسَّ لِلرَّجُلِ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ عَجُوزًا وَلَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَ الرَّجُلِ بِحَالٍ لَا يُجَامِعُ مِثْلُهُ، وَفِيمَا إذَا كَانَ الْمَاسُّ هِيَ الْمَرْأَةُ فَإِنْ كَانَا كَبِيرَيْنِ لَا يُجَامِعُ مِثْلُهُ، وَلَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَلَا بَأْسَ بِالْمُصَافَحَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى اهـ (قَوْلُهُ جَازَ سَفَرُهُ بِهَا) وَلَا يَكُونُ إلَّا فِي الْمَحَارِمِ وَأَمَةِ الْغَيْرِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ الْخَلْوَةَ وَالْمُسَافَرَةَ بِإِمَاءِ الْغَيْرِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْحِلِّ وَعَدَمِهِ، وَهُمَا قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ ط.

أَقُولُ: لَكِنْ هَذَا فِي زَمَانِهِمْ لِمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ كَمَالٍ أَنَّهُ لَا تُسَافِرُ الْأَمَةُ بِلَا مَحْرَمٍ فِي زَمَانِنَا لِغَلَبَةِ أَهْلِ الْفَسَادِ وَبِهِ يُفْتَى فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ الْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ) أَيْ الْحُرَّةِ لِمَا عَلِمْت مِنْ الْخِلَافِ فِي الْأَمَةِ، وَقَوْلُهُ: حَرَامٌ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ مَكْرُوهَةٌ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَيْسَ بِتَحْرِيمٍ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ عَجُوزًا شَوْهَاءَ) قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْعَجُوزَ لَا تُسَافِرُ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، فَلَا تَخْلُو بِرَجُلٍ شَابًّا أَوْ شَيْخًا، وَلَهَا أَنْ تُصَافِحَ الشُّيُوخَ فِي الشِّفَاءِ عَنْ الْكَرْمِينِيِّ الْعَجُوزُ الشَّوْهَاءُ وَالشَّيْخُ الَّذِي لَا يُجَامِعُ مِثْلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَحَارِمِ اهـ.

وَالْمُتَبَادِرُ أَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمَحَارِمِ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَجَانِبِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَعَهَا كَالْمَحَارِمِ وَيُؤَيِّدُ احْتِمَالَ الْوَجْهَيْنِ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الذَّخِيرَةِ وَعَلَى الثَّانِي فَفِي إطْلَاقِ الشَّارِحِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ أَوْ بِحَائِلٍ) قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: سَكَنَ رَجُلٌ فِي بَيْتٍ مِنْ دَارٍ وَامْرَأَةٌ فِي بَيْتٍ آخَرَ مِنْهَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ غَلْقٌ عَلَى حِدَةٍ، لَكِنْ بَابُ الدَّارِ وَاحِدٌ لَا يُكْرَهُ مَا لَمْ يَجْمَعْهُمَا بَيْتٌ اهـ وَرَمَزَ لَهُ ثَلَاثَةَ رُمُوزٍ، ثُمَّ رَمَزَ إلَى كِتَابٍ آخَرَ هِيَ خَلْوَةٌ فَلَا تَحِلُّ ثُمَّ رَمَزَ وَلَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا، وَلَيْسَ إلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ يَجْعَلُ بَيْنَهُمَا سُتْرَةً لِأَنَّهُ لَوْلَا السُّتْرَةُ تَقَعُ الْخَلْوَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَحْرَمٌ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالُوهُ اهـ لِأَنَّ الْبَيْتَيْنِ مِنْ دَارٍ كَالسُّتْرَةِ بَلْ أَوْلَى وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالسُّتْرَةِ مَشْرُوطٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ فَاسِقًا إذْ لَوْ كَانَ فَاسِقًا يُحَالُ بَيْنَهُمَا بِامْرَأَةٍ ثِقَةٍ تَقْدِرُ عَلَى الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي فَصْلِ الْإِحْدَادِ.

وَقَدْ بَحَثَ صَاحِبُ الْبَحْرِ هُنَاكَ بِمِثْلِ مَا قَالَهُ فِي الْقُنْيَةِ فَقَالَ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّتَهُ إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ، وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ كَذَلِكَ حُكْمَ السُّتْرَةِ إذَا مَاتَ زَوْجُهَا؛ وَكَانَ مِنْ وَرَثَتِهِ مَنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ لَهَا. أَقُولُ: وَقَوْلُ الْقُنْيَةِ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَحْرَمٌ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فَلَا خَلْوَةَ وَاَلَّذِي تَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْخَلْوَةَ الْمُحَرَّمَةَ تَنْتَفِي بِالْحَائِلِ، وَبِوُجُودِ مَحْرَمٍ أَوْ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ قَادِرَةٍ وَهَلْ تَنْتَفِي أَيْضًا بِوُجُودِ رَجُلٍ آخَرَ أَجْنَبِيٍّ لَمْ أَرَهُ لَكِنْ فِي إمَامَةِ الْبَحْرِ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ يُكْرَهُ أَنْ يُؤَمَّ النِّسَاءَ فِي بَيْتٍ وَلَيْسَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ وَلَا مَحْرَمٌ، مِثْلُ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَأُخْتِهِ فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ، فَلَا يُكْرَهُ وَكَذَا إذَا أَمَّهُنَّ فِي الْمَسْجِدِ لَا يُكْرَهُ اهـ وَإِطْلَاقُ الْمَحْرَمِ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ تَغْلِيبٌ بَحْرٌ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ عِلَّةَ الْكَرَاهَةِ الْخَلْوَةُ، وَمُفَادُهُ أَنَّهَا تَنْتَفِي بِوُجُودِ رَجُلٍ آخَرَ، لَكِنَّهُ يُفِيدُ أَيْضًا أَنَّهَا لَا تَنْتَفِي بِوُجُودِ امْرَأَةٍ أُخْرَى فَيُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِامْرَأَةٍ ثِقَةٍ ثُمَّ رَأَيْت فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي مَا نَصُّهُ: الْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ مَكْرُوهَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مَعَهَا أُخْرَى كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ اهـ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْمَرْأَةِ الثِّقَةِ أَنْ تَكُونَ عَجُوزًا لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا مَعَ كَوْنِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>