للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلتَّدَاوِي وَلَوْ لِلرَّجُلِ بِطَاهِرٍ لَا بِنَجَسٍ وَكَذَا كُلُّ تَدَاوٍ لَا يَجُوزُ إلَّا بِطَاهِرٍ وَجَوَّزَهُ فِي النِّهَايَةِ بِمُحَرَّمٍ إذَا أَخْبَرَهُ طَبِيبٌ مُسْلِمٌ أَنَّ فِيهِ شِفَاءً وَلَمْ يَجِدْ مُبَاحًا يَقُومُ مَقَامَهُ. قُلْت: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ» نَفْيُ الْحُرْمَةِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالشِّفَاءِ دَلَّ عَلَيْهِ جَوَازُ شُرْبِهِ لِإِزَالَةِ الْعَطَشِ اهـ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ (وَ) جَازَ إسَاغَةُ اللُّقْمَةِ بِالْخَمْرِ.

وَجَازَ (رِزْقُ الْقَاضِي) مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَوْ بَيْتُ الْمَالِ حَلَالًا جُمِعَ بِحَقٍّ وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ وَعَبَّرَ بِالرِّزْقِ لِيُفِيدَ تَقْدِيرَهُ بِقَدْرِ مَا يَكْفِيهِ وَأَهْلَهُ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَلَوْ غَنِيًّا فِي الْأَصَحِّ وَهَذَا لَوْ بِلَا شَرْطٍ وَلَوْ بِهِ كَالْأُجْرَةِ فَحَرَامٌ، لِأَنَّ الْقَضَاءَ طَاعَةٌ،

ــ

[رد المحتار]

بِسِكِّينٍ حَادٍّ، وَلَوْ مَاتَتْ حَامِلٌ وَأَكْبَرُ رَأْيِهِمْ أَنَّ الْوَلَدَ حَيٌّ شُقَّ بَطْنُهَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ، وَبِالْعَكْسِ قُطِعَ الْوَلَدُ إرْبًا إرْبًا تَتَارْخَانِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ لِلتَّدَاوِي) أَيْ مِنْ مَرَضٍ أَوْ هُزَالٍ مُؤَدٍّ إلَيْهِ لَا لِنَفْعٍ ظَاهِرٍ كَالتَّقَوِّي عَلَى الْجِمَاعِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَلَا لِلسِّمَنِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِلرَّجُلِ) الْأَوْلَى وَلَوْ لِلْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ وَجَوَّزَهُ فِي النِّهَايَةِ إلَخْ) وَنَصُّهُ وَفِي التَّهْذِيبِ: يَجُوزُ لِلْعَلِيلِ شُرْبُ الْبَوْلِ وَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ لِلتَّدَاوِي إذَا أَخْبَرَهُ طَبِيبٌ مُسْلِمٌ أَنَّ شِفَاءَهُ فِيهِ، وَلَمْ يَجِدْ مِنْ الْمُبَاحِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَإِنْ قَالَ الطَّبِيبُ يَتَعَجَّلُ شِفَاؤُك بِهِ فِيهِ وَجْهَانِ، وَهَلْ يَجُوزُ شُرْبُ الْقَلِيلِ مِنْ الْخَمْرِ لِلتَّدَاوِي؟ فِيهِ وَجْهَانِ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ اهـ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى بَعْدَ نَقْلِهِ مَا فِي النِّهَايَةِ: وَأَقَرَّهُ فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهَا وَقَدَّمْنَاهُ فِي الطَّهَارَةِ وَالرَّضَاعِ أَنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُهُ اهـ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ نَفْيُ الْحُرْمَةِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالشِّفَاءِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ كَمَا مَرَّ.

وَحَاصِلُ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَذِنَ لَكُمْ بِالتَّدَاوِي، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً، فَإِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ الدَّوَاءِ شَيْءٌ مُحَرَّمٌ وَعَلِمْتُمْ بِهِ الشِّفَاءَ، فَقَدْ زَالَتْ حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِهِ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ (قَوْلُهُ دَلَّ عَلَيْهِ إلَخْ) أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ إسَاغَةَ اللُّقْمَةِ بِالْخَمْرِ وَشُرْبَهُ لِإِزَالَةِ الْعَطَشِ إحْيَاءٌ لِنَفْسِهِ مُتَحَقِّقُ النَّفْعِ، وَلِذَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ كَمَا يَأْثَمُ بِتَرْكِ الْأَكْلِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ بِخِلَافِ التَّدَاوِي وَلَوْ بِغَيْرِ مُحَرَّمٍ فَإِنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ لَا يَأْثَمُ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَظْنُونٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ) أَيْ أَوَّلَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ حَيْثُ قَالَ الْأَكْلُ لِلْغِذَاءِ وَالشُّرْبُ لِلْعَطَشِ وَلَوْ مِنْ حَرَامٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ مَالِ غَيْرٍ وَإِنْ ضَمِنَهُ فَرْضٌ اهـ.

[تَتِمَّةٌ]

لَا بَأْسَ بِشُرْبِ مَا يَذْهَبُ بِالْعَقْلِ فَيَقْطَعُ الْأَكْلَةَ وَنَحْوَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ آخِرَ كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ.

(قَوْلُهُ وَجَازَ رِزْقُ الْقَاضِي) الرِّزْقُ بِالْكَسْرِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ حَرَامًا جُمِعَ بِبَاطِلٍ لَمْ يَحِلَّ أَخْذُهُ لِأَنَّ سَبِيلَ الْحَرَامِ وَالْغَصْبِ رَدُّهُ عَلَى أَهْلِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَالِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ اهـ.

أَقُولُ: ظَاهِرُ الْعِلَّةِ أَنَّ أَهْلَهُ مَعْلُومُونَ فَحُرْمَةُ الْأَخْذِ مِنْهُ ظَاهِرَةٌ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمُوا فَهُوَ كَاللُّقَطَةِ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَيُصْرَفُ فِي مَصَارِفِ اللُّقَطَةِ فَقَدْ صَرَّحُوا فِي الْهَدِيَّةِ وَالرِّشْوَةِ لِلْقُضَاةِ وَنَحْوِهِمْ أَنَّهَا تُرَدُّ عَلَى أَرْبَابِهَا إنْ عُلِمُوا وَإِلَّا أَوْ كَانُوا بَعِيدًا حَتَّى تَعَذَّرَ الرَّدُّ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ اللُّقَطَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي كُلِّ زَمَانٍ) مُتَعَلِّقٌ بِتَقْدِيرٍ أَوْ بِيَكْفِيهِ أَيْ يُقَدَّرُ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ فِي كُلِّ زَمَانٍ، لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ (قَوْلُهُ وَلَوْ غَنِيًّا فِي الْأَصَحِّ) عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ ثَمَّ الْقَاضِي إذَا كَانَ فَقِيرًا، فَالْأَفْضَلُ بَلْ الْوَاجِبُ الْأَخْذُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إقَامَةُ فَرْضِ الْقَضَاءِ إلَّا بِهِ إذْ الِاشْتِغَالُ بِالْكَسْبِ يُقْعِدُهُ عَنْ إقَامَتِهِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَالْأَفْضَلُ الِامْتِنَاعُ عَلَى مَا قِيلَ رِفْقًا بِبَيْتِ الْمَالِ، وَقِيلَ الْأَخْذُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ صِيَانَةً لِلْقَضَاءِ عَنْ الْهَوَانِ، وَنَظَرًا لِمَنْ تَوَلَّى بَعْدَهُ مِنْ الْمُحْتَاجِينَ، لِأَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ زَمَانًا تَعَذَّرَ إعَادَتُهُ اهـ (قَوْلُهُ وَهَذَا لَوْ بِلَا شَرْطٍ إلَخْ) بِأَنْ تَقَلَّدَ الْقَضَاءَ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>