للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشَدُّ مِنْ الذِّمِّيِّ وَظُلْمُ الذِّمِّيِّ أَشَدُّ مِنْ الْمُسْلِمِ.

(وَلَا بَأْسَ بِالْمُسَابَقَةِ فِي الرَّمْيِ وَالْفَرَسِ) وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَى وَالْمَجْمَعِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى فَتَنَبَّهْ (وَالْإِبِلِ وَ) عَلَى (الْأَقْدَامِ) لِأَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ الْجِهَادِ فَكَانَ مَنْدُوبًا وَعِنْدَ الثَّلَاثَةِ لَا يَجُوزُ فِي الْأَقْدَامِ أَيْ بِالْجُعْلِ أَمَّا بِدُونِهِ فَيُبَاحُ فِي كُلِّ الْمَلَاعِبِ كَمَا يَأْتِي (حَلَّ الْجُعْلُ) وَطَابَ لَا أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَحَقًّا ذَكَرَهُ الْبُرْجَنْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَلَّلَهُ الْبَزَّازِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ بِالشَّرْطِ شَيْءٌ لِعَدَمِ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ اهـ وَمُفَادُهُ لُزُومُهُ بِالْعَقْدِ كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيَّةُ فَتَبَصَّرْ (إنْ شُرِطَ الْمَالُ) فِي الْمُسَابَقَةِ

ــ

[رد المحتار]

لَا يُحَمِّلُهَا فَوْقَ طَاقَتِهَا وَلَا يَضْرِبُ وَجْهَهَا وَلَا رَأْسَهَا إجْمَاعًا، وَلَا تُضْرَبُ أَصْلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ح وَإِنْ كَانَتْ مِلْكَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تُضْرَبُ الدَّوَابُّ عَلَى النِّفَارِ وَلَا تُضْرَبُ عَلَى الْعِثَارِ» لِأَنَّ الْعِثَارَ مِنْ سُوءِ إمْسَاكِ الرَّاكِبِ اللِّجَامَ وَالنِّفَارَ مِنْ سُوءِ خُلُقِ الدَّابَّةِ فَتُؤَدَّبُ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي فُصُولِ الْعَلَامِيِّ (قَوْلُهُ أَشَدُّ مِنْ الذِّمِّيِّ) لِأَنَّهُ لَا نَاصِرَ لَهُ إلَّا اللَّهَ تَعَالَى وَوَرَدَ " اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى «مَنْ ظَلَمَ مَنْ لَا يَجِدُ نَاصِرًا إلَّا اللَّهَ تَعَالَى» ط.

(قَوْلُهُ أَشَدُّ مِنْ الْمُسْلِمِ) لِأَنَّهُ يُشَدِّدُ الطَّلَبَ عَلَى ظَالِمِهِ لِيَكُونَ مَعَهُ فِي عَذَابِهِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ طَرْحِ سَيِّئَاتِ غَيْرِ الْكُفْرِ عَلَى ظَالِمِهِ فَيُعَذَّبُ بِهَا بَدَلَهُ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ ط.

(قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِالْمُسَابَقَةِ إلَخْ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «لَا سَبَقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ نَصْلِ حَافِرٍ» وَالسَّبَقُ بِفَتْحِ الْبَاءِ مَا يُجْعَلُ مِنْ الْمَالِ لِلسَّابِقِ عَلَى سَبْقِهِ، وَبِالسُّكُونِ: مَصْدَرُ سَبَقْت أَيْ لَا تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ بِعِوَضٍ إلَّا فِي هَذِهِ الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ بِالْفَتْحِ أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْمُنَاوِيِّ قَالَ الْجِرَاحِيُّ: وَزِيَادَةُ أَوْ جَنَاحٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ اهـ وَالْخُفُّ الْإِبِلُ وَالْحَافِرُ الْخَيْلُ وَالنَّصْلُ حَدِيدَةُ السَّهْمِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُرَامَاةُ وَالضَّادُ الْمُعْجَمَةُ تَصْحِيفٌ مُغْرِبٌ (قَوْلُهُ كَذَا فِي الْمُلْتَقَى وَالْمَجْمَعِ) وَمِثْلُهُ فِي الْمُخْتَارِ وَالْمَوَاهِبِ وَدُرَرِ الْبِحَارِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى) أَيْ قُبَيْلَ كِتَابِ الْفَرَائِضِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى الْفَرَسِ وَالْإِبِلِ وَالْأَرْجُلِ وَالرَّمْيِ، وَمِثْلُهُ فِي الْكَنْزِ وَالزَّيْلَعِيِّ، وَأَقَرَّهُ الشَّارِحُ هُنَاكَ حَيْثُ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِبَاقُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ كَالْبَغْلِ بِالْجُعْلِ وَأَمَّا بِلَا جُعْلٍ فَيَجُوزُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْخَانِيَّةِ والتتارخانية، وَنَقَلَ أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ أَنَّهُ رَدَّ مَا فِي الْمَجْمَعِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِالْمُسَابَقَةِ عَلَى الْحَمِيرِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مُعَلَّلٌ بِالتَّحْرِيضِ عَلَى الْجِهَادِ، وَلَمْ يُعْهَدْ فِي الْإِسْلَامِ الْجِهَادُ عَلَى الْحَمِيرِ اهـ وَلَمْ يُذْكَرْ الْبَغْلُ مَعَ أَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَعْتَبِرْهُ حَيْثُ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ سَهْمًا مِنْ الْغَنِيمَةِ، فَلَيْسَ فِيهِ تَحْرِيضٌ عَلَى الْجِهَادِ أَيْضًا؛ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَدَمُ السَّهْمِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِ الْمُسَابَقَةِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْخُفَّ لَا سَهْمَ لَهُ، وَتَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ عَلَيْهِ بِالنَّصِّ.

أَقُولُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَافِرَ الْمَذْكُورَ فِي الْحَدِيثِ عَامٌّ، فَمَنْ نَظَرَ إلَى عُمُومِهِ أَدْخَلَ الْبَغْلَ وَالْحِمَارَ، وَمَنْ نَظَرَ إلَى الْعِلَّةِ أَخْرَجَهُمَا لِأَنَّهُمَا لَيْسَا آلَةَ جِهَادٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَكَانَ مَنْدُوبًا) إنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ بِالْقَصْدِ؛ أَمَّا إذَا قَصَدَ التَّلَهِّيَ أَوْ الْفَخْرَ أَوْ لِتُرَى شُجَاعَتُهُ فَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ، لِأَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ فَكَمَا يَكُونُ الْمُبَاحُ طَاعَةً بِالنِّيَّةِ تَصِيرُ الطَّاعَةُ مَعْصِيَةً بِالنِّيَّةِ ط (قَوْلُهُ أَمَّا بِدُونِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِكَلَامِ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَمَا يَأْتِي يُفِيدُ أَنَّ هَذَا لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ ط وَمِثْلُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ مَسَائِلَ شَتَّى (قَوْلُهُ فَيُبَاحُ كُلُّ الْمَلَاعِبِ) أَيْ الَّتِي تُعَلِّمُ الْفُرُوسِيَّةَ وَتُعِينُ عَلَى الْجِهَادِ، لِأَنَّ جَوَازَ الْجُعْلِ فِيمَا مَرَّ إنَّمَا ثَبَتَ بِالْحَدِيثِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، فَيَجُوزُ مَا عَدَاهَا بِدُونِ الْجُعْلِ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُلْتَقِطِ مَنْ لَعِبَ بِالصَّوْلَجَانِ يُرِيدُ الْفُرُوسِيَّةَ يَجُوزُ وَعَنْ الْجَوَاهِرِ قَدْ جَاءَ الْأَثَرُ فِي رُخْصَةِ الْمُصَارَعَةِ لِتَحْصِيلِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمُقَاتَلَةِ دُونَ التَّلَهِّي فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ لَا أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَحَقًّا) حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ الْمَغْلُوبُ مِنْ الدَّفْعِ لَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي وَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ زَيْلَعِيٌّ فِي مَسَائِلَ شَتَّى (قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ لُزُومُهُ بِالْعَقْدِ) اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ. وَقَدْ يُقَالُ مَعْنَى قَوْلِهِ لِعَدَمِ الْعَقْدِ: أَيْ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ عَلَى أَنَّ جَوَازَ الْجُعْلِ فِيمَا ذُكِرَ اسْتِحْسَانٌ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>