للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ يُعْطِي الشُّعَرَاءَ وَلِمَنْ يَخَافُ لِسَانَهُ وَكَفَى بِسَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ مِنْ الصَّدَقَاتِ دَلِيلًا عَلَى أَمْثَالِهِ.

جَمَعَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ لِلْإِمَامِ فَحَسَنٌ وَمِنْ السُّحْتِ مَا يُؤْخَذُ عَلَى كُلّ مُبَاحٍ كَمِلْحٍ وَكَلَأٍ وَمَاءٍ وَمَعَادِنَ وَمَا يَأْخُذُهُ غَازٍ لِغَزْوٍ وَشَاعِرٌ لِشَعْرٍ وَمَسْخَرَةٌ وَحَكَوَاتِيٌّ قَالَ تَعَالَى - {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: ٦]- وَأَصْحَابُ مَعَازِفَ وَقُوَّادٌ وَكَاهِنٌ وَمُقَامِرٌ وَوَاشِمَةٌ وَفُرُوعُهُ كَثِيرَةٌ

. قِيلَ لَهُ يَا خَبِيثُ وَنَحْوُهُ جَازَ لَهُ الرَّدُّ فِي كُلِّ شَتِيمَةٍ لَا تُوجِبُ الْحَدَّ وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ.

كُرِهَ قَوْلُ الصَّائِمِ الْمُتَطَوِّعِ إذَا سُئِلَ أَصَائِمٌ حَتَّى أَنْظُرَ فَإِنَّهُ نِفَاقٌ أَوْ حُمْقٌ.

ــ

[رد المحتار]

نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَلِاسْتِخْرَاجِ حَقٍّ لَهُ لَيْسَ بِرِشْوَةٍ يَعْنِي فِي حَقِّ الدَّافِعِ اهـ. (قَوْلُهُ كَانْ يُعْطِيَ الشُّعَرَاءَ) فَقَدْ رَوَى الْخَطَّابِيُّ فِي الْغَرِيبِ عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا قَالَ: «أَتَى شَاعِرٌ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا بِلَالُ اقْطَعْ لِسَانَهُ عَنِّي فَأَعْطَاهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا» "

(قَوْلُهُ جَمَعَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ) أَيْ شَيْئًا مِنْ الْقُوتِ أَوْ الدَّرَاهِمِ ط (قَوْلُهُ فَحَسَنٌ) أَيْ إنْ فَعَلُوا فَهُوَ حَسَنٌ وَلَا يُسَمَّى أُجْرَةً كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَعْرِيفَاتِ الْمُتَقَدِّمِينَ الْمَانِعِينَ أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى الْإِمَامَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الطَّاعَاتِ لِتَظْهَرَ ثَمَرَةُ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَمُجَازَاةُ الْإِحْسَانِ بِالْإِحْسَانِ مَطْلُوبَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمِنْ السُّحْتِ) بِالضَّمِّ وَبِضَمَّتَيْنِ الْحَرَامُ أَوْ مَا خَبُثَ مِنْ الْمَكَاسِبِ فَلَزِمَ عَنْهُ الْعَارُ جَمْعُهُ أَسْحَاتٌ وَأَسْحُتٌ اكْتَسَبَهُ قَامُوسٌ، وَمِنْ السُّحْتِ: مَا يَأْخُذُهُ الصِّهْرُ مِنْ الْخَتَنِ بِسَبَبِ بِنْتِهِ بِطِيبِ نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ بِطَلَبِهِ يَرْجِعُ الْخَتْنُ بِهِ مُجْتَبًى (قَوْلُهُ وَمَا يَأْخُذُهُ غَازٍ لِغَزْوٍ) مِنْ أَهْلِ الْبَلْدَةِ جَبْرًا فَهُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ لَا عَلَى الدَّافِعِ ط (قَوْلُهُ وَشَاعِرٌ لِشَعْرٍ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَدْفَعُ لَهُ عَادَةً قَطْعًا لِلِسَانِهِ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ كَانَ مِمَّنْ يُؤْمَنُ شَرُّهُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا يُدْفَعُ لَهُ حَلَالٌ بِدَلِيلِ «دَفْعِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بُرْدَتَهُ لِكَعْبٍ لَمَّا امْتَدَحَهُ بِقَصِيدَتِهِ الْمَشْهُورَةِ» تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمَسْخَرَةٌ وَحَكَوَاتِيٌّ) عِبَارَةُ الْمُجْتَبَى أَوْ الْمُضْحِكُ لِلنَّاسِ أَوْ يَسْخَرُ مِنْهُمْ أَوْ يُحَدِّثُ النَّاسَ بِمَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ، لَا سِيَّمَا بِأَحَادِيثِ الْعَجَمِ مِثْلِ رُسْتُمَ وَاسْبِنْدِيَارَ وَنَحْوُهُمَا اهـ. تَأَمَّلْ وَانْظُرْ هَلْ النِّسْبَةُ فِي حَكَوَاتِيٍّ عَرَبِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ لَهْوَ الْحَدِيثِ) أَيْ مَا يُلْهِي عَمَّا يَعْنِي كَالْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا وَالْأَسَاطِيرِ الَّتِي لَا اعْتِبَارَ لَهَا وَالْمُضَاحَكِ وَفُضُولِ الْكَلَامِ، وَالْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى مَنْ نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثُ بْنِ كِلْدَةَ، وَكَانَ يَتْجُرُ فَيَأْتِي الْحِيرَةَ، وَيَشْتَرِي أَخْبَارَ الْعَجَمِ، وَيُحَدِّثُ بِهَا قُرَيْشًا، وَيَقُولُ إنَّ مُحَمَّدًا يُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثِ عَادٍ وَثَمُودَ، وَأَنَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَحَادِيثِ رُسْتُمَ وَأَخْبَارِ الْأَكَاسِرَةِ، فَيَسْتَمْلِحُونَ حَدِيثَهُ وَيَتْرُكُونَ اسْتِمَاعَ الْقُرْآنِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ اهـ. ط (قَوْلُهُ الْمَعَازِفِ) أَيْ الْمَلَاهِي (قَوْلُهُ وَكَاهِنٌ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمُنَجِّمُ وَإِلَّا فَفِي الْمُغْرِبِ قَالُوا: إنَّ الْكَهَانَةَ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ قَبْلَ الْبَعْثَةِ.

يُرْوَى " أَنَّ الشَّيَاطِينَ كَانَتْ تَسْتَرِقُ السَّمْعَ، فَتُلْقِيهِ إلَى الْكَهَنَةِ فَتَزِيدُ فِيهِ مَا تُرِيدُ، وَتَقْبَلُهُ الْكُفَّارُ مِنْهُمْ، فَلَمَّا بُعِثَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَحُرِسَتْ السَّمَاءُ بَطَلَتْ الْكَهَانَةُ " اهـ. (قَوْلُهُ وَفُرُوعُهُ كَثِيرَةٌ) مِنْهَا كَمَا فِي الْمُجْتَبَى مَا تَأْخُذُهُ الْمُغَنِّيَةُ عَلَى الْغِنَاءِ وَالنَّائِحَةِ وَالْوَاشِرَةُ وَالْمُتَوَسِّطَةُ لِعَقْدِ النِّكَاحِ وَالْمُصْلِحُ بَيْنَ الْمُتَشَاحِنَيْنِ وَثَمَنُ الْخَمْرِ وَالسُّكْرِ وَعَسْبِ التَّيْسِ وَثَمَنُ جَمِيعِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَالسِّبَاعِ قَبْلَ الدَّبَّاغِ وَمَهْرُ الْبَغْيِ وَأَجْرُ الْحَجَّامِ بِشَرْطٍ اهـ. لَكِنْ فِي الْمَوَاهِبِ: وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُغَنِّي وَالنَّائِحَةِ وَالْقَوَّالِ أَخْذُ الْمَالِ الْمَشْرُوطِ دُونَ غَيْرِهِ اهـ. وَكَذَا صَاحِبُ الطَّبْلِ وَالْمِزْمَارِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْهِنْدِيَّةِ.

(قَوْلُهُ جَازَ لَهُ الرَّدُّ) قَالَ تَعَالَى - {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: ٤١]- (قَوْلُهُ وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ) قَالَ تَعَالَى - {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: ٤٠]-.

(قَوْلُهُ حَتَّى أَنْظُرَ) مَفْعُولُ الْقَوْلِ ط (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ نِفَاقٌ) أَيْ مِنْ عَمَلِ الْمُنَافِقِينَ أَيْ لِيَظْهَر أَنَّهُ يُخْفِي عَمَلَهُ ط (قَوْلُهُ أَوْ حُمْقٌ) أَيْ جَهَالَةٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: إنْ كَانَ صَائِمًا نَعَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>