للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ دَالِيَةً كَنَاعُورَةٍ أَوْ جِسْرٍ) أَوْ قَنْطَرَةٍ (أَوْ يُوَسِّعُ فَمَ النَّهْرِ أَوْ يَقْسِمُ بِالْأَيَّامِ وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (قَدْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِالْكِوَى) بِكَسْرِ الْكَافِ جَمْعُ كَوَّةٍ بِفَتْحِهَا الثَّقْبُ لِأَنَّ الْقَدِيمَ يُتْرَكُ عَلَى قِدَمِهِ لِظُهُورِ الْحَقِّ فِيهِ (أَوْ يَسُوقُ نَصِيبَهُ إلَى أَرْضٍ لَهُ أُخْرَى لَيْسَ لَهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ النَّهْرِ (شِرْبٌ بِلَا رِضَاهُمْ) يَتَعَلَّقُ بِالْجَمِيعِ وَلَهُمْ نَقْضُهُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ وَلِوَرَثَتِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ، وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْأَعْلَى سَكْرُ النَّهْرِ بِلَا رِضَاهُمْ، وَإِنْ لَمْ تَشْرَبْ أَرْضُهُ بِدُونِهِ مُلْتَقًى

ــ

[رد المحتار]

وَمَعْنَى الضَّرَرِ بِالنَّهْرِ مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ كَسْرِ ضِفَّتِهِ، وَبِالْمَاءِ أَنْ يَتَغَيَّرَ عَنْ سُنَنِهِ الَّذِي كَانَ يَجْرِي عَلَيْهِ هِدَايَةٌ: أَيْ بِأَنْ يَعْوَجَّ الْمَاءُ حَتَّى يَصِلَ إلَى الرَّحَى فِي أَرَضَةِ ثُمَّ يَجْرِيَ إلَى النَّهْرِ مِنْ أَسْفَلِهِ، لِأَنَّهُ يَتَأَخَّرُ وُصُولُ حَقِّهِمْ إلَيْهِمْ وَيَنْقُصُ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ دَالِيَةً إلَخْ) قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: الدَّالِيَةُ جِذْعٌ طَوِيلٌ يُرَكَّبُ تَرْكِيبَ مِدَقِّ الْأُرْزِ فِي رَأْسِهِ مِغْرَفَةٌ كَبِيرَةٌ يُسْتَقَى بِهَا وَالنَّاعُورَةُ مَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ وَالْجِسْرُ مَا يُعْبَرُ بِهِ النَّهْرُ وَغَيْرُهُ مَبْنِيًّا كَانَ أَوْ لَا وَالْفَتْحُ لُغَةٌ، وَالْقَنْطَرَةُ مَا يُبْنَى عَلَى الْمَاءِ لِلْعُبُورِ وَالْجِسْرِ عَامٌّ اهـ لَكِنْ فِي الْعِنَايَةِ الْجِسْرُ مَا يُوضَعُ وَيُرْفَعُ مِمَّا يُتَّخَذُ مِنْ الْخَشَبِ وَالْأَلْوَاحِ وَالْقَنْطَرَةِ مَا يُتَّخَذُ مِنْ الْحَجَرِ وَالْآجُرِّ مَوْضُوعًا لَا يُرْفَعُ (قَوْلُهُ أَوْ يُوَسِّعُ فَمَ النَّهْرِ) لِأَنَّهُ يَكْسِرُ ضِفَّتَهُ وَيَزِيدُ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِ فِي أَخْذِ الْمَاءِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الْكَافِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُغْرِبِ وَقَدْ تُضَمُّ فِي الْمُفْرَدِ وَالْجَمْعِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَدِيمَ يُتْرَكُ عَلَى قِدَمِهِ إلَخْ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ مِيَاهٌ فِي أَوْقَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ فِي قَرْيَةٍ لَمْ يَجُزْ جَمْعُهَا فِي وَقْتٍ إلَّا بِرِضَاهُمْ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ لَكِنْ فِي التَّتِمَّةِ إنَّهُ جَائِزٌ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ يَسُوقُ نَصِيبَهُ إلَخْ) لِأَنَّهُ إذَا تَقَادَمَ الْعَهْدُ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ حَقُّهُ هِدَايَةٌ: أَيْ فَيَلْزَمُ أَنْ يَقْضِيَ لَهُ بِشِرْبِ الْأَرْضِينَ جَمِيعًا، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ يُقْسَمُ عَلَى مِقْدَارِ الْأَرَاضِيِ أَتْقَانِيٌّ، وَكَذَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَسُوقَ شِرْبَهُ فِي أَرْضِهِ الْأُولَى حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْأُخْرَى، لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ إذْ الْأَرْضُ الْأُولَى تُنَشِّفُ بَعْضَ الْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يَسْقِيَ الْأُخْرَى هِدَايَةٌ.

وَذَكَرَ خُوَاهَرْ زَادَهْ: أَنَّهُ إذَا مَلَأَ الْأُولَى وَسَدَّ فُوَّهَةَ النَّهْرِ لَهُ أَنْ يَسْقِيَ الْأُخْرَى مِنْ هَذَا الْمَاءِ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَسْتَوْفِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ وَإِنْ لَمْ يَسُدَّ فَلَا كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْأَرْضِ وَذِكْرُ الضَّمِيرِ بِاعْتِبَارِ الْمَكَانِ ط (قَوْلُهُ وَلَهُمْ نَقْضُهُ إلَخْ) لِأَنَّهُ إعَارَةُ الشِّرْبِ فَإِنَّ مُبَادَلَةَ الشِّرْبِ بِالشِّرْبِ بَاطِلَةٌ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْأَعْلَى سَكْرُ النَّهْرِ بِلَا رِضَاهُمْ) لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْبَاقِينَ، فَإِنْ تَرَاضَوْا عَلَى أَنْ يَسْكُرَ الْأَعْلَى النَّهْرَ، حَتَّى يُشْرِبَ بِحِصَّتِهِ أَوْ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يُسْكِرَ كُلٌّ مِنْهُمْ فِي نَوْبَتِهِ جَازَ، لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ إلَّا أَنَّهُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ بِلَوْحٍ لَا يُسْكِرُ بِمَا يَنْكَبِسَ بِهِ النَّهْرُ كَالطِّينِ وَغَيْرِهِ لِكَوْنِهِ إضْرَارًا بِهِمْ مَنَعَ مَا فَضَلَ مِنْ السَّكْرِ عَنْهُمْ إلَّا إذَا رَضُوا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ الشِّرْبُ إلَّا بِالسَّكْرِ وَلَمْ يَصْطَلِحُوا عَلَى شَيْءٍ يَبْدَأُ بِأَهْلِ الْأَسْفَلِ حَتَّى يَرْوُوا ثُمَّ بَعْدَهُ لِأَهْلِ الْأَعْلَى أَنْ يَسْكُرُوا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَهْلُ أَسْفَلِ النَّهْرِ أُمَرَاءُ عَلَى أَهْلِ أَعْلَاهُ، حَتَّى يَرْوُوا لِأَنَّ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا أَهْلَ الْأَعْلَى مِنْ السَّكْرِ وَعَلَيْهِمْ طَاعَتُهُمْ فِي ذَلِكَ، وَمَنْ لَزِمَك طَاعَتُهُ، فَهُوَ أَمِيرُك عِنَايَةٌ وَهِدَايَةٌ. وَفِي الدُّرِّ الْمُلْتَقَى قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَاسْتَحْسَنَ مَشَايِخُ الْأَنَامِ قَسْمَ الْإِمَامِ بِالْأَيَّامِ اهـ: أَيْ إذَا لَمْ يَصْلُحُوا وَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِلَا سَكْرٍ يَقْسِمُ الْإِمَامُ بَيْنَهُمْ فَيَسْكُرُ كُلٌّ فِي نَوْبَتِهِ.

قُلْت: لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْمُتُونِ كَالْمُلْتَقَى وَالْهِدَايَةِ فَتَنَبَّهْ بَقِيَ لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ مِنْ قَدِيمٍ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يُفْعَلُ فِي أَنْهَارِ دِمَشْقَ الْآخِذَةِ مِنْ نَهْرِ بَرَدَى، وَقَدْ يَقِلُّ الْمَاءُ فِي بَعْضِ السِّنِينَ فَيَتَضَرَّرُ أَهْلُ الْأَسْفَلِ بِسَكْرِ الْأَعْلَى فَهَلْ يُقَالُ يَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ؟ أَجَابَ فِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة وَتَبِعَهُ فِي الْحَامِدِيَّةِ: بِأَنَّ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ شَرْعًا لِكَوْنِهِ تَصَرُّفًا فِي الْمُشْتَرَكِ بِلَا رِضَا الشُّرَكَاءِ وَرِضَا مَنْ تَقَدَّمَ لَا يُلْزَمُ بِهِ مَنْ تَأَخَّرَ فَيُبْدَأُ بِالْأَسْفَلِ ثُمَّ بِالْأَعْلَى اهـ مُلَخَّصًا. وَكَذَلِكَ سُئِلَ فِي الْخَيْرِيَّةِ عَنْ خُصُوصِ نَهْرِ بَرَدَى فَأَجَابَ: بِالْمَنْعِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فِي الْمُتُونِ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا اسْتَحْسَنَهُ مَشَايِخُ الْأَنَامِ مِنْ الْقَسْمِ بِالْأَيَّامِ فِيهِ دَفْعُ الضَّرَرِ الْعَامِّ وَقَطْعُ التَّنَازُعِ وَالْخِصَامِ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>