قُلْت: وَلَوْ بِاحْتِقَانٍ أَوْ إقْطَارٍ فِي إحْلِيلٍ نِهَايَةٌ (وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيلُهَا وَلَوْ بِطَرْحِ شَيْءٍ فِيهَا) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.
(وَ) الثَّانِي (الطِّلَاءُ) بِالْكَسْرِ (وَهُوَ الْعَصِيرُ يُطْبَخُ حَتَّى يَذْهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْهِ) وَيَصِيرُ مُسْكِرًا وَصَوَّبَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ هَذَا يُسَمَّى الْبَاذَقَ، وَأَمَّا الطِّلَاءُ فَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَقِيلَ مَا طُبِخَ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ) وَصَارَ مُسْكِرًا (وَهُوَ الصَّوَابُ) كَمَا جَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَغَيْرُهُ، يَعْنِي فِي التَّسْمِيَةِ لَا فِي الْحَكَمِ، لِأَنَّ حِلَّ هَذَا الْمُثَلَّثِ الْمُسَمَّى بِالطِّلَاءِ عَلَى مَا فِي الْمُحِيطِ ثَابِتٌ لِشُرْبِ كِبَارِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة. قَالَ: وَسُمِّيَ بِالطِّلَاءِ لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَا أَشْبَهَ هَذَا الطِّلَاءَ الْبَعِيرَ وَهُوَ الْقَطِرَانُ الَّذِي يُطْلَى بِهِ الْبَعِيرُ الْجَرْبَانُ (وَنَجَاسَتُهُ) أَيْ الطِّلَاءِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ كَذَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (كَالْخَمْرِ) بِهِ يُفْتَى
(وَ) الثَّالِثُ (السَّكَرُ) بِفَتْحَتَيْنِ (وَهُوَ النِّيءُ مِنْ مَاءِ الرُّطَبِ)
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ تَخْلِيلُهَا) وَهُوَ أَوْلَى هِدَايَةٌ أَقُولُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ وَإِنْ كَانَ فِي إرَاقَتِهَا ضَيَاعُهَا، لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ وَلِذَا لَا تُضْمَنُ كَمَا مَرَّ وَذَكَرَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بَحْثًا أَنَّهُ يَجِبُ لِأَنَّهَا مَالٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِطَرْحِ شَيْءٍ فِيهَا) كَالْمِلْحِ وَالْمَاءِ وَالسَّمَكِ وَكَذَا بِإِيقَادِ النَّارِ عِنْدَهَا وَنَقْلِهَا إلَى الشَّمْسِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الشَّمْسُ عَلَيْهَا بِلَا نَقْلٍ كَرَفْعِ سَقْفٍ لَا يَحِلُّ نَقْلُهَا، وَلَوْ خُلِطَ الْخَلُّ بِالْخَمْرِ وَصَارَ حَامِضًا يَحِلُّ، وَإِنْ غَلَبَ الْخَمْرُ وَإِذَا دَخَلَ فِيهِ بَعْضُ الْحُمُوضَةِ لَا يَصِيرُ خَلًّا عِنْدَهُ، حَتَّى يَذْهَبَ تَمَامُ الْمَرَارَةِ وَعِنْدَهُمَا يَصِيرُ خَلًّا كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَلَوْ وَقَعَتْ فِي الْعَصِيرِ فَأْرَةٌ فَأُخْرِجَتْ قَبْلَ التَّفَسُّخِ، وَتُرِكَ حَتَّى صَارَ خَمْرًا ثُمَّ تَخَلَّلَتْ أَوْ خَلَّلَهَا يَحِلُّ وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُهُمْ كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَلَوْ وَقَعَتْ قَطْرَةُ خَمْرٍ فِي جَرَّةِ مَاءٍ، ثُمَّ صُبَّ فِي حُبِّ خَلٍّ لَمْ يَفْسُدْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَتَمَامُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ، وَإِذَا صَارَ الْخَمْرُ خَلًّا يَطْهُرُ مَا يُوَازِيهَا مِنْ الْإِنَاءِ، وَأَمَّا أَعْلَاهُ فَقِيلَ يَطْهُرُ تَبَعًا وَقِيلَ لَا يَطْهُرُ، لِأَنَّهُ خَمْرٌ يَابِسٌ إلَّا إذَا غُسِلَ بِالْخَلِّ فَتَخَلَّلَ مِنْ سَاعَتِهِ، فَيَطْهُرُ هِدَايَةٌ وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ خَانِيَّةٌ
(قَوْلُهُ بِالْكَسْرِ) أَيْ وَالْمَدِّ كَكِسَاءٍ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ يُطْبَخُ) أَيْ بِالنَّارِ أَوْ الشَّمْسِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْهِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ إذَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ فَمَا دَامَ حُلْوًا يَحِلُّ شُرْبُهُ عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِذَا غَلَى وَاشْتَدَّ يَحِلُّ شُرْبُهُ عِنْدَهُمَا مَا لَمْ يُسْكِرْ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ اهـ شَرْحُ مِسْكِينٍ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَيَصِيرُ مُسْكِرًا) بِأَنْ غَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ أَمَّا مَا دَامَ حُلْوًا فَيَحِلُّ شُرْبُهُ أَتْقَانِيٌّ، وَهَذَا الْقَيْدُ ذِكْرُهُ هُنَا غَيْرُ ضَرُورِيٍّ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ: وَالْكُلُّ حَرَامٌ إذَا غَلَى وَاشْتَدَّ (قَوْلُهُ يُسَمَّى الْبَاذَقَ) بِكَسْرِ الذَّالِ وَفَتْحِهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَيُسَمَّى الْمُنَصَّفَ أَيْضًا، وَالْمُنَصَّفُ: الذَّاهِبُ النِّصْفِ، وَالْبَاذِقُ الذَّاهِبُ مَا دُونَهُ، وَالْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدٌ كَمَا فِي الْغَايَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَصَارَ مُسْكِرًا) أَيْ بِأَنْ اشْتَدَّ وَزَالَتْ حَلَاوَتُهُ، وَإِذَا أَكْثَرَ مِنْهُ أَسْكَرَ (قَوْلُهُ يَعْنِي فِي التَّسْمِيَةِ لَا فِي الْحُكْمِ إلَخْ) لَمَّا كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُوهِمًا أَشَدَّ الْإِيهَامِ أَتَى بِالْعِنَايَةِ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْأَشْرِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَذَكَرَ مِنْهَا الطِّلَاءَ، وَفَسَّرَهُ أَوَّلًا بِتَفْسِيرٍ ثُمَّ بِآخَرَ وَحَكَمَ بِأَنَّهُ الصَّوَابُ، فَيُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ الْمَعْنَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ، فَالْبَاذِقُ وَالْمُنَصَّفُ حَرَامٌ اتِّفَاقًا. وَالطِّلَاءُ: وَهُوَ مَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَيُسَمَّى الْمُثَلَّثَ حَلَالٌ إلَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ كَمَا سَيَأْتِي، فَلَا يَحْرُمُ مِنْهُ عِنْدَهُمَا إلَّا الْقَدَحُ الْأَخِيرُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْإِسْكَارُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ، فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمُنَصَّفُ أَنَّ الَّذِي يُسَمَّى الطِّلَاءَ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ ثُلُثَاهُ، وَأَنَّ الْأَوَّلَ حَرَامٌ وَالثَّانِيَ حَلَالٌ. وَبَحَثَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي هَذَا التَّصْوِيبِ بِأَنَّ الطِّلَاءَ يُطْلَقُ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ: مِنْهَا الْبَاذَقُ وَالْمُنَصَّفُ وَالْمُثَلَّثُ وَكُلُّ مَا طُبِخَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ اهـ أَقُولُ: وَفِي الْمُغْرِبِ الطِّلَاءُ كُلُّ مَا يُطْلَى بِهِ مِنْ قَطِرَانٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَيُقَالُ لِكُلِّ مَا خَثَرَ مِنْ الْأَشْرِبَةِ طِلَاءٌ عَلَى التَّشْبِيهِ حَتَّى يُسَمَّى بِهِ الْمُثَلَّثُ (قَوْلُهُ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ) أَمَّا عَلَى الثَّانِي فَظَاهِرٌ لِحِلِّ شُرْبِهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ نَجِسٌ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) عَزَاهُ الْقُهُسْتَانِيُّ إلَى الْكَرْمَانِيِّ وَغَيْرِهِ
(قَوْلُهُ وَهُوَ النِّيءُ مِنْ مَاءِ الرُّطَبِ) هَذَا أَحَدُ الْأَشْرِبَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute