أَوْ الْيُمْنَى) عَلَى مَا اخْتَارَهُ الرَّضِيُّ لَكِنْ قَدَّمْنَا فِي الْحَظْرِ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ هُنَا أَنَّهُ شِعَارُ الرَّوَافِضِ وَأَنَّهُ يَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَتَنَبَّهْ.
قُلْتُ: وَلَكِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ فِي زَمَانِنَا بِلُبْسِهِ كَذَلِكَ فَيَنْبَغِي لُزُومُ الضَّمَانِ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ السَّيْفِ الْآتِيَةِ فَلْيُحَرَّرْ لَا يَجْعَلُهُ فِي أُصْبُعٍ أُخْرَى إلَّا إذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ امْرَأَةً فَتَضْمَنُ لِأَنَّ النِّسَاءَ يَلْبَسْنَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ اسْتِعْمَالًا لَا حِفْظًا ابْنُ كَمَالٍ مَعْزِيًّا لِلزَّيْلَعِيِّ (وَ) مِثْلُهُ (تَقَلُّدُ سَيْفَيْ الرَّهْنِ لَا الثَّلَاثَةِ) فَإِنَّ الشُّجْعَانَ يَتَقَلَّدُونَ فِي الْعَادَةِ بِسَيْفَيْنِ لَا الثَّلَاثَةِ (وَ) فِي (لُبْسِ خَاتَمِهِ) أَيْ خَاتَمِ الرَّهْنِ (فَوْقَ آخَرَ يَرْجِعُ إلَى الْعَادَةِ) فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَتَجَمَّلُ بِلُبْسِ خَاتَمَيْنِ ضَمِنَ وَإِلَّا كَانَ حَافِظًا فَلَا يَضْمَنُ (ثُمَّ إنْ قَضَى بِهَا) أَيْ بِالْقِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ (مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ يَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا بِمُجَرَّدِهِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ (إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَطَالَبَ) الْمُرْتَهِنُ (الرَّاهِنَ بِالْفَضْلِ إنْ كَانَ) ثَمَّةَ فَضْلٌ (وَإِنْ) كَانَ الدَّيْنُ (مُؤَجَّلًا يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ قِيمَتَهُ وَتَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذَهُ بِدَيْنِهِ وَإِنْ قَضَى بِالْقِيمَةِ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ كَانَ الضَّمَانُ رَهْنًا عِنْدَهُ إلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ) لِأَنَّهُ بَدَلُ الرَّهْنِ فَأَخَذَ حُكْمَهُ.
ــ
[رد المحتار]
أَيْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ جَمِيعُهُ حَالَةَ كَوْنِهِ بِقَدْرِ مَا ضَمِنْ وَإِلَّا رَجَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا فَضَلَ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الرَّضِيُّ) أَقُولُ: الَّذِي فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ اخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ، وَكَأَنَّ مَا هُنَا مِنْ تَحْرِيفِ النُّسَّاخِ إذَا لَمْ يَشْتَهِرْ هَذَا الِاسْمُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا فِيمَا أَعْلَمُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَدَّمْنَا فِي الْحَظْرِ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ هُنَا) أَيْ عَنْ شَرْحِ الْبُرْجَنْدِيِّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ، وَهُوَ كِتَابُ الرَّهْنِ.
ثُمَّ إنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي الْحَظْرِ لَمْ يَعْزُهُ إلَى الْبُرْجَنْدِيِّ، نَعَمْ عَزَاهُ إلَيْهِ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى حَيْثُ قَالَ: كَذَا نَقَلَهُ الْبُرْجَنْدِيُّ فِي الرَّهْنِ عَنْ كَشْفِ الْبَزْدَوِيِّ اهـ.
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَدَلُ لَفْظٍ فِيهَا فَقَالَ ط: أَيْ فِي الْيَمِينِ (قَوْلُهُ إنَّهُ) أَيْ إنْ جَعَلَهُ فِي الْيَمِينِ (قَوْلُهُ قُلْتُ وَلَكِنْ إلَخْ) هَذَا مَعْنَى مَا قَدَّمَهُ فِي الْحَظْرِ أَنَّ ذَاكَ الشِّعَارَ كَانَ وَبَانَ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ أَنَّ الْحَقَّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ لِثُبُوتِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ سَيِّدِ الْأَخْيَارِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ثُمَّ إنَّ هَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الِاسْتِدْرَاكِ، فَهُوَ تَأْيِيدٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُلْبَسُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَهُوَ اسْتِعْمَالٌ لَا حِفْظٌ فَلِذَا يَضْمَنُ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ فَيَنْبَغِي إلَخْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَا فِي الْمَتْنِ وَهُوَ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِهِ بِالْبَحْثِ وَالْقِيَاسِ الَّذِي لَيْسَا أَهْلًا لَهُ (قَوْلُهُ لَا يَجْعَلُهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِ خَاتَمِ الرَّهْنِ فِي خِنْصَرِهِ أَيْ لَا يَضْمَنُ بِجَعْلِهِ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ.
وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ مَأْذُونٌ بِالْحِفْظِ دُونَ الِاسْتِعْمَالِ، فَجَعْلُ الْخَاتَمِ فِي الْخِنْصَرِ اسْتِعْمَالٌ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ وَفِي غَيْرِهَا حِفْظٌ لَا لُبْسٌ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ فِي الْعَادَةِ فَلَا يُضْمَنُ، وَكَذَلِكَ الطَّيْلَسَانُ إنْ لَبِسَهُ كَمَا تُلْبَسُ الطَّيَالِسَةُ ضَمِنَ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ وَإِلَّا كَانَ وَضْعُهُ عَلَى عَاتِقِهِ، فَلَا لِأَنَّهُ حِفْظٌ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ فِيمَا يُعَدُّ حِفْظًا لَا اسْتِعْمَالًا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ ضَمَانَ الْغَصْبِ لَا أَنَّهُ لَا يُضْمَنُ أَصْلًا لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إتْقَانِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ فَإِنَّ الشُّجْعَانَ إلَخْ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ، وَظَاهِرُهُ لُزُومُ الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الشُّجْعَانِ مَعَ أَنَّهُمْ فِي لُبْسِ الْخَاتَمِ اعْتَبَرُوا حَالَ الْمُرْتَهِنِ نَفْسِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا مَا إذَا كَانَ مِنْهُمْ بِدَلِيلِ قَوْلِ قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ وَفِي السَّيْفَيْنِ إذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ يَتَقَلَّدُ بِسَيْفَيْنِ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ اهـ فَقَدْ نَظَرَ إلَى حَالِ الْمُرْتَهِنِ كَمَا فِي الْخَاتَمِ وَبِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَيْهِ تَنْدَفِعُ الْمُنَافَاةُ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ لَا الثَّلَاثَةِ) فَيَكُونُ حِفْظًا لَا اسْتِعْمَالًا فَلَا يَضْمَنُ (قَوْلُهُ وَفِي لُبْسِ خَاتَمِهِ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ رَهَنَهُ خَاتَمَيْنِ فَلَبِسَ خَاتَمًا فَوْقَ خَاتَمٍ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ يُرْجَعُ إلَى الْعَادَةِ) أَيْ عَادَةِ الْمُرْتَهِنِ وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَةَ غَيْرِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ قَضَى بِهَا إلَخْ) تَفْصِيلٌ وَبَيَانٌ لِمَا أَجْمَلَهُ سَابِقًا (قَوْلُهُ أَيْ بِالْقِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كُلُّ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ) وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْحِ الْحَمَوِيِّ أَبُو السُّعُودِ، قَالَ ط: وَبِهِ صُرِّحَ فِي الْمَعْدِنِ مَكِّيٌّ اهـ (قَوْلُهُ وَطَالَبَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ بِالْفَضْلِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute