وَرَدَّ الْفَضْلَ (وَإِنْ) كَانَ الرَّاهِنُ (مُعْسِرًا) فَفِي الْعِتْقِ سَعَى الْعَبْدُ فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ وَيَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ غَنِيًّا، وَفِي التَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ (سَعَى كُلٌّ فِي كُلِّ الدَّيْنِ) بِلَا رُجُوعٍ لِأَنَّ كَسْبَ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ مِلْكُ الْمَوْلَى
(فَإِذَا أَتْلَفَ) الرَّاهِنُ (الرَّهْنَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا أَعْتَقَهُ غَنِيًّا) كَمَا مَرَّ (وَ) الرَّهْنُ (إنْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ غَيْرُ الرَّاهِنِ (فَالْمُرْتَهِنُ يَضْمَنُهُ) أَيْ الْمُتْلِفُ (قِيمَتَهُ يَوْمَ هَلَكَ وَتَكُونُ) الْقِيمَةُ (رَهْنًا عِنْدَهُ) كَمَا مَرَّ.
وَأَمَّا ضَمَانُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ السَّابِقِ زَيْلَعِيٌّ
(وَبِإِعَارَتِهٍ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ (مِنْ رَاهِنِهِ يَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِهِ) تَسْمِيَتُهَا عَارِيَّةً مَجَازًا.
ــ
[رد المحتار]
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ وَتُجْعَلُ رَهْنًا مَكَانَهُ (قَوْلُهُ وَرَدَّ الْفَضْلَ) أَيْ إنْ كَانَ فَضَلٌ، وَيَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ إنْ نَقَصَتْ عَنْ دَيْنِهِ ط (قَوْلُهُ فَفِي الْعِتْقِ) أَيْ الَّذِي بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ جَوْهَرَةٌ فَلَوْ بِإِذْنِهِ فَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ سَعَى الْعَبْدُ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ لِلْمُرْتَهِنِ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ مِنْ الرَّاهِنِ يَأْخُذُهُ مِمَّنْ يَنْتَفِعُ بِالْعِتْقِ، وَالْعَبْدُ إنَّمَا يَنْتَفِعُ بِمِقْدَارِ مَالِيَّتِهِ فَلَا يَسْعَى فِيمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ مِنْ الدَّيْنِ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ) وَكَيْفِيَّتِهِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْعِتْقِ وَيَوْمَ الرَّهْنِ وَإِلَى الدَّيْنِ، فَيَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْهُمَا زَيْلَعِيٌّ وَيَقْضِي الدَّيْنَ بِالْكَسْبِ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَيُبَدِّلُ بِجِنْسِهِ وَيَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ غَنِيًّا) أَيْ إذَا أَيْسَرَ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ وَهُوَ مُضْطَرٌّ بِحُكْمِ الشَّرْعِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا تَحَمَّلَ عَنْهُ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ سَعَى كُلٌّ) أَيْ مِنْ الْمُدَبَّرِ وَالْمُسْتَوْلَدَةِ (قَوْلُهُ فِي كُلِّ الدَّيْنِ) أَيْ وَلَوْ زَائِدًا عَلَى الْقِيمَةِ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ كَسْبَ الْمُدَبَّرِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فِي كُلِّ الدَّيْنِ وَلِقَوْلِهِ بِلَا رُجُوعٍ.
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَخَذَ مِنْهُ كُلِّهِ وَإِلَّا أَخَذَ الْقِيمَةَ لِتَكُونَ رَهْنًا إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ فَالْمُرْتَهِنُ يَضْمَنُهُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ هُوَ الْخَصْمُ فِي تَضْمِينِهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ هَلَكَ) فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَهُ خَمْسَمِائَةٍ وَقَدْ كَانَتْ يَوْمَ الرَّهْنِ أَلْفًا كَالدَّيْنِ ضَمِنَ خَمْسَمِائَةٍ وَصَارَتْ رَهْنًا وَسَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسُمِائَةٍ كَأَنَّهَا هَلَكَتْ بِآفَةٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا ضَمَانُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ) بَيَانٌ لِوَجْهِ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ الزِّيَادَةَ حَيْثُ سَقَطَ مِثْلُهَا مِنْ الدَّيْنِ.
قَالَ الأتقاني لِأَنَّ ضَمَانَ الرَّهْنِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَحِينَئِذٍ كَانَتْ أَلْفًا فَيَضْمَنُ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا غَرِمَ الْأَجْنَبِيُّ اهـ.
قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَلَا يُقَالُ الرَّهْنُ لَوْ كَانَ بَاقِيًا كَمَا كَانَ وَقَدْ تَرَاجَعَ السُّعْرُ وَانْتَقَصَتْ قِيمَتُهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ.
قُلْنَا لِأَنَّ ثَمَّةَ الْعَيْنَ بَاقٍ كَمَا كَانَ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ التَّغَيُّرُ بِسَبَبِ التَّرَاجُعِ وَالْعَيْنُ بِحَالٍ يُمْكِنُ أَنْ تَصِيرَ مَالِيَّتُهُ بِالتَّرَاجُعِ كَمَا كَانَ يَوْمَ الْقَبْضِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ التَّغَيُّرُ وَهَا هُنَا التَّغَيُّرُ الْحَاصِلُ بِالتَّرَاجُعِ اسْتَقَرَّ بِالْهَلَاكِ وَلَمْ يَبْقَ عَلَى حَالِ تَعَوُّدِ مَالِيَّتِهِ كَمَا كَانَ اهـ.
بَقِيَ مَا إذَا أَتْلَفَهُ الْمُرْتَهِنُ فَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ وَتَكُونُ رَهْنًا فِي يَدِهِ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَالدَّيْنُ مِنْ جِنْسِ الْقِيمَةِ اسْتَوْفَى مِنْهَا وَلَوْ فِيهَا فَضْلٌ رَدَّهُ، وَإِنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ قَبْلَ الْإِتْلَافِ بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ إلَى خَمْسِمِائَةٍ وَكَانَتْ أَلْفًا وَجَبَ بِالِاسْتِهْلَاكِ خَمْسُمِائَةٍ وَسَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسُمِائَةٍ لِأَنَّ مَا انْتَقَصَ كَالْهَالِكِ وَسَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الرَّهْنِ يَوْمَ الْقَبْضِ السَّابِقِ لَا بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْبَاقِي بِالْإِتْلَافِ وَهُوَ قِيمَتُهُ يَوْمَ أُتْلِفَ هِدَايَةٌ مُلَخَّصًا، وَيَجْعَلُهُ مَضْمُونًا بِالْقَبْضِ السَّابِقِ لَا بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ انْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ الزَّيْلَعِيِّ بِأَنَّ تَرَاجُعَ السِّعْرِ غَيْرُ مَضْمُونٍ.
وَبَيَانُ الْجَوَابِ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ الْقُدُورِيِّ أَنَّ نُقْصَانَ السِّعْرِ لَا يُضْمَنُ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ، أَمَّا إذَا تَلِفَتْ فَالضَّمَانُ بِالْقَبْضِ، وَضَمَانُ الْإِتْلَافِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ ضَمَانِ الرَّهْنِ فَلِذَا وَجَبَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْإِتْلَافِ وَوَجَبَ الْفَضْلُ بِالْقَبْضِ السَّابِقِ عَلَى ضَمَانِ الرَّهْنِ. اهـ مُلَخَّصًا، وَمِثْلُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْكِفَايَةِ
(قَوْلُهُ مَجَازًا) جَعَلَهُ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ تَسَامُحًا قَالُوا لِأَنَّ الْإِعَارَةَ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ بِلَا عِوَضٍ وَالْمُرْتَهِنُ لَمْ يَمْلِكْهَا فَكَيْفَ يَمْلِكُهَا غَيْرُهُ.
لَكِنْ لَمَّا عُومِلَ ذَلِكَ مُعَامَلَةَ الْإِعَارَةِ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ وَمِنْ التَّمَكُّنِ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْإِعَارَةِ اهـ.