إنْ قَطَعَ الذَّكَرُ ذَكَرَهُ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ مِنْ الْحَشَفَةِ اُقْتُصَّ مِنْهُ إذْ لَهُ حَدٌّ مَعْلُومٌ، وَأَقَرَّهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ فَلْيُحْفَظْ (إلَّا أَنْ يَقْطَعَ) كُلَّ (الْحَشَفَةِ) فَيُقْتَصُّ، وَلَوْ بَعْضُهَا لَا، وَسَيَجِيءُ مَا لَوْ قَطَعَ بَعْضَ اللِّسَانِ.
(وَيَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الشَّفَةِ إنْ اسْتَقْصَاهَا بِالْقَطْعِ) لِإِمْكَانِ الْمُمَاثَلَةِ (وَإِلَّا) يَسْتَقْصِهَا (لَا) يُقْتَصُّ مُجْتَبًى وَجَوْهَرَةٌ، وَفِي لِسَانِ أَخْرَسَ وَصَبِيٍّ لَا يَتَكَلَّمُ حُكُومَةُ عَدْلٍ (فَإِنْ كَانَ الْقَاطِعُ أَشَلَّ أَوْ نَاقِصَ الْأَصَابِعِ أَوْ كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَكْبَرَ) مِنْ الْمَشْجُوجِ (خُيِّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَيْنَ الْقَوَدِ وَ) أَخْذِ (الْأَرْشِ) وَعَلَى هَذَا فِي السِّنِّ وَسَائِرِ الْأَطْرَافِ الَّتِي تُقَادُ إذَا كَانَ طَرَفُ الضَّارِبِ وَالْقَاطِعِ مَعِيبًا يَتَخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَيْنَ أَخْذِ الْمَعِيبِ وَالْأَرْشِ كَامِلًا. قَالَ بُرْهَانُ الدِّينِ هَذَا لَوْ الشَّلَّاءُ يَنْتَفِعُ بِهَا، فَلَوْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا لَمْ تَكُنْ مَحِلًّا لِلْقَوَدِ، فَلَهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ بِلَا خِيَارٍ، وَعَلَيْهِ
ــ
[رد المحتار]
لِسَانَ إنْسَانٍ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا قِصَاصَ فِي بَعْضِ اللِّسَانِ اهـ.
ثُمَّ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَفِي قَطْعِ الذَّكَرِ مِنْ الْأَصْلِ عَمْدًا قِصَاصٌ، وَإِنْ قُطِعَ مِنْ وَسَطِهِ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَهَذَا فِي ذَكَرِ الْفَحْلِ، فَأَمَّا فِي ذَكَرِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ حُكُومَةُ عَدْلٍ. وَفِي ذَكَرِ الْمَوْلُودِ إنْ تَحَرَّكَ يَجِبُ الْقِصَاصُ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَالدِّيَةُ إنْ كَانَ خَطَأً، وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ كَانَ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ. وَلَا قِصَاصَ فِي قَطْعِ اللِّسَانِ اهـ فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ اللِّسَانِ وَالذَّكَرِ كَمَا تَرَى، وَلَعَلَّهُ لِعُسْرِ اسْتِقْصَاءِ اللِّسَانِ مِنْ أَصْلِهِ، بِخِلَافِ الذَّكَرِ، لَكِنَّ قَاضِيَ خَانْ نَفْسَهُ حَكَى فِي شَرْحِهِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رِوَايَةَ أَبِي يُوسُفَ فِي الذَّكَرِ وَاللِّسَانِ وَصَحَّحَ قَوْلَ الْإِمَامِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَا إذَا قَطَعَ ذَكَرَ مَوْلُودٍ بَدَا صَلَاحُهُ بِالتَّحَرُّكِ، وَإِنْ قُطِعَ الذَّكَرُ مِنْ أَصْلِهِ عَمْدًا اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيهِ: رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ. وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَدَمَهُ اهـ مُلَخَّصًا. ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ قَطَعَ لِسَانَ صَبِيٍّ قَدْ اسْتَهَلَّ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ صَلَاحُهُ بِالدَّلِيلِ، وَإِنْ تَكَلَّمَ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْقَوَدَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي اللِّسَانِ قُطِعَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: إذَا قُطِعَ الْكُلُّ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُتُونِ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّهُ ظَاهِرُ رِوَايَةٍ. وَفِي تَصْحِيحِ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ إنْ قَطَعَ الذَّكَرُ ذَكَرَهُ مِنْ أَصْلِهِ) كَذَا فِي عَامَّةِ النُّسَخِ وَلَفْظُ الذَّكَرِ سَاقِطٌ مِنْ عِبَارَةِ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الرَّجُلُ وَهُوَ فَاعِلُ قَطَعَ وَذَكَرَهُ مَفْعُولُهُ أَيْ ذَكَرَ رَجُلٍ آخَرَ، وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ كَانَ الْقَاطِعُ أَوْ الْمَقْطُوعُ امْرَأَةً فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ وَأَقَرَّهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ) لَكِنْ قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْوَهْبَانِيَّةِ: وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي اللِّسَانِ وَالذَّكَرِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا اهـ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الدِّيَاتِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْقَاطِعُ أَشَلَّ) أَيْ فِي حَالِ الْقَطْعِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ يَدُ الْقَاطِعِ صَحِيحَةً ثُمَّ شُلَّتْ بَعْدَ الْقَطْعِ فَلَا حَقَّ لِلْمَقْطُوعِ فِي الْأَرْشِ لِأَنَّ حَقَّ الْمَقْطُوعِ كَانَ مُتَقَرِّرًا فِي الْيَدِ فَيَسْقُطُ بِقَدْرِ هَلَاكِ الْمَحَلِّ اهـ ط عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَكْبَرَ) بِأَنْ كَانَتْ الشَّجَّةُ تَسْتَوْعِبُ مَا بَيْنَ قَرْنَيْ الْمَشْجُوجِ دُونَ الشَّاجِّ، وَفِي عَكْسِهِ يُخَيَّرُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الِاسْتِيفَاءُ كَمَلًا لِلتَّعَدِّي إلَى غَيْرِ حَقِّهِ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ الشَّجَّةُ فِي طُولِ الرَّأْسِ وَهِيَ تَأْخُذُ مِنْ جَبْهَتِهِ إلَى قَفَاهُ وَلَا تَبْلُغُ إلَى قَفَا الشَّاجِّ فَهُوَ بِالْخِيَارِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ خُيِّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إلَخْ) لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْحَقِّ كَمَلًا مُتَعَذِّرٌ فَلَهُ أَنْ يَتَجَوَّزَ بِدُونِ حَقِّهِ، وَلَهُ أَنْ يَعْدِلَ إلَى الْعِوَضِ.
وَلَوْ سَقَطَتْ: أَيْ يَدُ الْجَانِي لِآفَةٍ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ قُطِعَتْ ظُلْمًا فَلَا شَيْءَ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَيِّنٌ فِي الْقِصَاصِ، وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَى الْمَالِ بِاخْتِيَارِهِ فَيَسْقُطُ بِفَوَاتِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قُطِعَتْ بِحَقٍّ عَلَيْهِ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ سَرِقَةٍ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَرْشُ؛ لِأَنَّهُ: أَيْ الْجَانِي أَوْفَى بِهِ حَقًّا مُسْتَحَقًّا فَصَارَتْ سَالِمَةً لَهُ هِدَايَةٌ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: بِخِلَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute