للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْحَظْرِ

(وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ بِشَهْوَةٍ كَوَجْهِ أَمْرَدَ) فَإِنَّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى وَجْهِهَا وَوَجْهِ الْأَمْرَدِ إذَا شَكَّ فِي الشَّهْوَةِ، أَمَّا بِدُونِهَا فَيُبَاحُ وَلَوْ جَمِيلًا كَمَا اعْتَمَدَهُ الْكَمَالُ: قَالَ: فَحِلُّ النَّظَرِ مَنُوطٌ بِعَدَمِ خَشْيَةِ الشَّهْوَةِ مَعَ عَدَمِ الْعَوْرَةِ. وَفِي السِّرَاجِ: لَا عَوْرَةَ لِلصَّغِيرِ جِدًّا، ثُمَّ مَا دَامَ لَمْ يَشْتَهِ فَقُبُلٌ وَدُبُرٌ

ــ

[رد المحتار]

أَيْ بِالْمَسِّ الْمُقَارِنِ لِلشَّهْوَةِ، بِخِلَافِ النَّظَرِ لِغَيْرِ الْفَرْجِ الدَّاخِلِ، فَلَا تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ مُطْلَقًا ط

(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ بِشَهْوَةٍ) أَيْ إلَّا لِحَاجَةٍ كَقَاضٍ أَوْ شَاهِدٍ بِحُكْمٍ أَوْ يَشْهَدُ عَلَيْهَا لَا لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ، وَكَخَاطِبٍ يُرِيدُ نِكَاحَهَا فَيَنْظُرُ وَلَوْ عَنْ شَهْوَةٍ بِنِيَّةِ السُّنَّةِ لَا قَضَاءِ الشَّهْوَةِ، وَكَذَا مُرِيدُ شِرَائِهَا أَوْ مُدَاوَاتِهَا إلَى مَوْضِعِ الْمَرَضِ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْحَظْرِ، وَالتَّقْيِيدُ بِالشَّهْوَةِ يُفِيدُ جَوَازَهُ بِدُونِهَا، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْحَظْرِ تَقْيِيدُهُ بِالضَّرُورَةِ وَظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةُ بِلَا حَاجَةٍ دَاعِيَةٍ. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَفِي شَرْحِ الْكَرْخِيِّ النَّظَرُ إلَى وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ الْحُرَّةِ لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ بِشَهْوَةٍ) لَمْ أَرَ تَفْسِيرَهَا هُنَا، وَالْمَذْكُورُ فِي الْمُصَاهَرَةِ أَنَّهُ فِيمَنْ يَنْتَشِرُ بِالِانْتِشَارِ أَوْ زِيَادَتِهِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا، وَفِي الْمَرْأَةِ وَالْفَانِي بِمَيْلِ الْقَلْبِ. وَاَلَّذِي تُفِيدُهُ عِبَارَةُ مِسْكِينٍ فِي الْحَظْرِ أَنَّهَا مَيْلُ الْقَلْبِ مُطْلَقًا، وَلَعَلَّهُ الْأَنْسَبُ هُنَا. اهـ. ط. قُلْت: يُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْقَوْلِ الْمُعْتَبَرِ فِي بَيَانِ النَّظَرِ لِسَيِّدِي عَبْدِ الْغَنِيِّ بَيَانُ الشَّهْوَةِ الَّتِي هِيَ مَنَاطُ الْحُرْمَةِ أَنْ يَتَحَرَّكَ قَلْبُ الْإِنْسَانِ وَيَمِيلُ بِطَبْعِهِ إلَى اللَّذَّةِ، وَرُبَّمَا انْتَشَرَتْ آلَتُهُ إنْ كَثُرَ ذَلِكَ الْمَيَلَانُ؛ وَعَدَمُ الشَّهْوَةِ أَنْ لَا يَتَحَرَّكَ قَلْبُهُ إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ نَظَرَ إلَى ابْنِهِ الصَّبِيحِ الْوَجْهُ وَابْنَتِهِ الْحَسْنَاءِ اهـ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ. مَطْلَبٌ فِي النَّظَرِ إلَى وَجْهِ الْأَمْرَدِ (قَوْلُهُ كَوَجْهِ أَمْرَدَ) هُوَ الشَّابُّ الَّذِي طَرَّ شَارِبُهُ وَلَمْ تَنْبُتْ لِحْيَتُهُ قَامُوسٌ. قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ: الْغُلَامُ إذَا بَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ وَلَمْ يَكُنْ صَبِيحًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الرِّجَالِ، وَإِنْ كَانَ صَبِيحًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ النِّسَاءِ، وَهُوَ عَوْرَةٌ مِنْ فَوْقِهِ إلَى قَدَمِهِ. قَالَ السَّيِّدُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ: يَعْنِي لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ عَنْ شَهْوَةٍ. وَأَمَّا الْخَلْوَةُ وَالنَّظَرُ إلَيْهِ لَا عَنْ شَهْوَةٍ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلِهَذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالنِّقَابِ. اهـ. أَقُولُ: وَهَذَا شَامِلٌ لِمَنْ نَبَتَ عَذَارُهُ، بَلْ بَعْضُ الْفَسَقَةِ يُفَضِّلُهُ عَلَى الْأَمْرَدِ خَالِي الْعِذَارِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ طُرُورَ الشَّارِبِ وَبُلُوغَهُ مَبْلَغَ الرِّجَالِ غَيْرُ قَيْدٍ، بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِغَايَتِهِ وَأَنَّ ابْتِدَاءَهُ مِنْ حِينِ بُلُوغِهِ سِنًّا تَشْتَهِيهِ النِّسَاءُ، أَوْ لَوْ كَانَ صَغِيرَةً لَاشْتُهِيَتْ فِيهِ لِلرِّجَالِ، وَالْمُرَادُ مِنْ كَوْنِهِ صَبِيحًا أَنْ يَكُونَ جَمِيلًا بِحَسَبِ طَبْعِ النَّاظِرِ وَلَوْ كَانَ أَسْوَدَ لِأَنَّ الْحُسْنَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الطَّبَائِعِ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَشْبِيهِ وَجْهِ الْمَرْأَةِ بِوَجْهِ الْأَمْرَدِ أَنَّ حُرْمَةَ النَّظَرِ إلَيْهِ بِشَهْوَةٍ أَعْظَمُ إثْمًا لِأَنَّ خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ بِهِ أَعْظَمُ مِنْهَا وَلِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِحَالٍ، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ كَمَا قَالُوا فِي الزِّنَى وَاللُّوَاطَةِ، وَلِذَا بَالَغَ السَّلَفُ فِي التَّنْفِيرِ مِنْهُمْ وَسَمَّوْهُمْ الْأَنْتَانُ لِاسْتِقْذَارِهِمْ شَرْعًا. قَالَ بَعْضُهُمْ: قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى غَيْرِ الْمُلْتَحِي بِقَصْدِ التَّلَذُّذِ بِالنَّظَرِ وَتَمَتُّعِ الْبَصَرِ بِمَحَاسِنِهِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِهِ بِغَيْرِ قَصْدِهِ اللَّذَّةَ وَالنَّاظِرُ مَعَ ذَلِكَ آمِنٌ الْفِتْنَةَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ إلَخْ) أَتَى بِالْفَاءِ لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الْمَتْنِ لِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ مَعَ الشَّكِّ فِي وُجُودِهَا فَفِي وُجُودِهَا بِالْفِعْلِ أَوْلَى ح (قَوْلُهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْكَمَالُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ الْمَنْقُولَةِ عَقِبَ هَذَا بِقَوْلِهِ قَالَ إلَخْ، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ حَيْثُ قَالَ (قَوْلُهُ لَا عَوْرَةَ لِلصَّغِيرِ جِدًّا) وَكَذَا الصَّغِيرَةُ كَمَا فِي السِّرَاجِ، فَيُبَاحُ النَّظَرُ وَالْمَسُّ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ. قَالَ ح: وَفَسَّرَهُ شَيْخُنَا بِابْنِ أَرْبَعٍ فَمَا دُونَهَا، وَلَمْ أَدْرِ لِمَنْ عَزَاهُ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>